(
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8توبة نصوحا ) أي توبة بالغة في النصح ، وقال
الفراء : نصوحا من
nindex.php?page=treesubj&link=19719صفة التوبة ، والمعنى توبة تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه ، وهو أنها الصادقة الناصحة ينصحون بها أنفسهم ، وعن
عاصم ، (نصوحا) بضم النون ، وهو مصدر نحو العقود ، يقال : نصحت له نصحا ونصاحة ونصوحا ، وقال في "الكشاف" : وصفت التوبة بالنصح على الإسناد المجازي ، وهو أن يتوبوا عن القبائح نادمين عليها غاية الندامة لا يعودون ، وقيل : من نصاحة الثوب ، أي خياطته و (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8عسى ربكم ) إطماع من الله تعالى لعباده .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يوم لا يخزي الله النبي ) نصب بـ ( يدخلكم ) ، و ( لا يخزي ) تعريض لمن أخزاهم الله من أهل الكفر والفسق ، واستحماد للمؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم ، ثم
المعتزلة تعلقوا بقوله تعالى :
[ ص: 43 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يوم لا يخزي الله النبي ) وقالوا : الإخزاء يقع بالعذاب ، فقد وعد بأن لا يعذب الذين آمنوا ، ولو كان أصحاب الكبائر من الإيمان لم نخف عليهم العذاب ، وأهل السنة أجابوا عنه بأنه تعالى وعد أهل الإيمان بأن لا يخزيهم ، ( والذين آمنوا ) ابتداء كلام وخبره ( يسعى ) ، أو ( لا يخزي ) ، ثم من أهل السنة من يقف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يوم لا يخزي الله النبي ) أي لا يخزيه في رد الشفاعة ، والإخزاء الفضيحة ، أي لا يفضحهم بين يدي الكفار ، ويجوز أن يعذبهم على وجه لا يقف عليه الكفرة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8بين أيديهم ) أي عند المشي (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8وبأيمانهم ) عند الحساب ؛ لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم وفيه نور وخير ، ويسعى النور بين أيديهم في موضع وضع الأقدام وبأيمانهم ؛ لأن خلفهم وشمالهم طريق الكفرة .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يقولون ربنا أتمم لنا نورنا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يقولون ذلك عند إطفاء نور المنافقين إشفاقا ، وعن
الحسن : أنه تعالى متمم لهم نورهم ، ولكنهم يدعون تقربا إلى حضرة الله تعالى ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19واستغفر لذنبك ) ( محمد : 19 ) وهو مغفور ، وقيل : أدناهم منزلة من نوره بقدر ما يبصر مواطئ قدمه ؛ لأن النور على قدر الأعمال فيسألون إتمامه ، وقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=30368_30369السابقون إلى الجنة يمرون مثل البرق على الصراط ، وبعضهم كالريح ، وبعضهم حبوا وزحفا ، فهم الذين يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8ربنا أتمم لنا نورنا ) قاله في "الكشاف" ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ) ذكر المنافقين مع أن لفظ الكفار يتناول المنافقين (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9واغلظ عليهم ) أي شدد عليهم ، والمجاهدة قد تكون بالقتال ، وقد تكون بالحجة تارة باللسان ، وتارة بالسنان ، وقيل : جاهدهم بإقامة الحدود عليهم ؛ لأنهم هم المرتكبون الكبائر ؛ لأن أصحاب الرسول عصموا منها (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ومأواهم جهنم ) وقد مر بيانه ، وفي الآية مباحث :
البحث الأول : كيف تعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8ياأيها الذين آمنوا ) بما سبق وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=7ياأيها الذين كفروا ) ( التحريم : 7 ) ؟ فنقول :
nindex.php?page=treesubj&link=19729نبههم تعالى على دفع العذاب في ذلك اليوم بالتوبة في هذا اليوم ؛ إذ في ذلك اليوم لا تفيد وفيه لطيفة : وهي أن التنبيه على الدفع بعد الترهيب فيما مضى يفيد الترغيب بذكر أحوالهم والإنعام في حقهم وإكرامهم .
البحث الثاني : أنه تعالى لا يخزي النبي في ذلك اليوم ولا الذين آمنوا ، فما الحاجة إلى قوله : ( معه ) ؟ فنقول : هي إفادة الاجتماع ، يعني لا يخزي الله المجموع الذي يسعى نورهم ، وهذه فائدة عظيمة ؛ إذ الاجتماع بين الذين آمنوا وبين نبيهم تشريف في حقهم وتعظيم .
البحث الثالث : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8واغفر لنا ) يوهم أن الذنب لازم لكل واحد من المؤمنين ، والذنب لا يكون لازما ، فنقول : يمكن أن يكون طلب المغفرة لما هو اللازم لكل ذنب ، وهو التقصير في الخدمة ، والتقصير لازم لكل واحد من المؤمنين .
البحث الرابع : قال تعالى في أول السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1ياأيها النبي لم تحرم ) ( التحريم : 1 ) ومن بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ياأيها النبي جاهد الكفار ) خاطبه بوصفه وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28753_29638النبي لا باسمه كقوله
لآدم : يا
آدم ،
ولموسى : يا
موسى ،
ولعيسى : يا
عيسى ، نقول : خاطبه بهذا الوصف ، ليدل على فضله عليهم ، وهذا ظاهر .
البحث الخامس : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9ومأواهم جهنم ) يدل على أن مصيرهم بئس المصير مطلقا ؛ إذ المطلق يدل على الدوام ، وغير المطلق لا يدل لما أنه يطهرهم عن الآثام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8تَوْبَةً نَصُوحًا ) أَيْ تَوْبَةً بَالِغَةً فِي النُّصْحِ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : نَصُوحًا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19719صِفَةِ التَّوْبَةِ ، وَالْمَعْنَى تَوْبَةً تَنْصَحُ صَاحِبَهَا بِتَرْكِ الْعَوْدِ إِلَى مَا تَابَ مِنْهُ ، وَهُوَ أَنَّهَا الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ يَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَهُمْ ، وَعَنْ
عَاصِمٍ ، (نُصُوحًا) بِضَمِّ النُّونِ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ نَحْوَ الْعُقُودِ ، يُقَالُ : نَصَحْتُ لَهُ نُصْحًا وَنَصَاحَةً وَنُصُوحًا ، وَقَالَ فِي "الْكَشَّافِ" : وُصِفَتِ التَّوْبَةُ بِالنُّصْحِ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ ، وَهُوَ أَنْ يَتُوبُوا عَنِ الْقَبَائِحِ نَادِمِينَ عَلَيْهَا غَايَةَ النَّدَامَةِ لَا يَعُودُونَ ، وَقِيلَ : مِنْ نَصَاحَةِ الثَّوْبِ ، أَيْ خِيَاطَتِهِ وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8عَسَى رَبُّكُمْ ) إِطْمَاعٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ) نُصِبَ بِـ ( يُدْخِلَكُمْ ) ، وَ ( لَا يُخْزِي ) تَعْرِيضٌ لِمَنْ أَخْزَاهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ ، وَاسْتِحْمَادٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّهُ عَصَمَهُمْ مِنْ مِثْلِ حَالِهِمْ ، ثُمَّ
الْمُعْتَزِلَةُ تَعَلَّقُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 43 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ) وَقَالُوا : الْإِخْزَاءُ يَقَعُ بِالْعَذَابِ ، فَقَدْ وَعَدَ بِأَنْ لَا يُعَذِّبَ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَلَوْ كَانَ أَصْحَابُ الْكَبَائِرِ مِنَ الْإِيمَانِ لَمْ نَخَفْ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِأَنْ لَا يُخْزِيَهُمْ ، ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَخَبَرُهُ ( يَسْعَى ) ، أَوْ ( لَا يُخْزِي ) ، ثُمَّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ ) أَيْ لَا يُخْزِيهِ فِي رَدِّ الشَّفَاعَةِ ، وَالْإِخْزَاءُ الْفَضِيحَةُ ، أَيْ لَا يَفْضَحُهُمْ بَيْنَ يَدَيِ الْكُفَّارِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقِفُ عَلَيْهِ الْكَفَرَةُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) أَيْ عِنْدَ الْمَشْيِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8وَبِأَيْمَانِهِمْ ) عِنْدَ الْحِسَابِ ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَفِيهِ نُورٌ وَخَيْرٌ ، وَيَسْعَى النُّورُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فِي مَوْضِعِ وَضْعِ الْأَقْدَامِ وَبِأَيْمَانِهِمْ ؛ لِأَنَّ خَلْفَهُمْ وَشِمَالَهُمْ طَرِيقُ الْكَفَرَةِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يَقُولُونَ ذَلِكَ عِنْدَ إِطْفَاءِ نُورِ الْمُنَافِقِينَ إِشْفَاقًا ، وَعَنِ
الْحَسَنِ : أَنَّهُ تَعَالَى مُتَمِّمٌ لَهُمْ نُورَهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ يَدْعُونَ تَقَرُّبًا إِلَى حَضْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) ( مُحَمَّدٍ : 19 ) وَهُوَ مَغْفُورٌ ، وَقِيلَ : أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً مَنْ نُورُهُ بِقَدْرِ مَا يُبْصِرُ مَوَاطِئَ قَدَمِهِ ؛ لِأَنَّ النُّورَ عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ فَيَسْأَلُونَ إِتْمَامَهُ ، وَقِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30368_30369السَّابِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ يَمُرُّونَ مِثْلَ الْبَرْقِ عَلَى الصِّرَاطِ ، وَبَعْضُهُمْ كَالرِّيحِ ، وَبَعْضُهُمْ حَبْوًا وَزَحْفًا ، فَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ) قَالَهُ فِي "الْكَشَّافِ" ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ) ذَكَرَ الْمُنَافِقِينَ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْكُفَّارِ يَتَنَاوَلُ الْمُنَافِقِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) أَيْ شَدِّدْ عَلَيْهِمْ ، وَالْمُجَاهَدَةُ قَدْ تَكُونُ بِالْقِتَالِ ، وَقَدْ تَكُونُ بِالْحُجَّةِ تَارَةً بِاللِّسَانِ ، وَتَارَةً بِالسِّنَانِ ، وَقِيلَ : جَاهِدْهُمْ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُرْتَكِبُونَ الْكَبَائِرَ ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الرَّسُولِ عُصِمُوا مِنْهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ ، وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : كَيْفَ تَعَلَّقَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) بِمَا سَبَقَ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=7يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا ) ( التَّحْرِيمِ : 7 ) ؟ فَنَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19729نَبَّهَهُمْ تَعَالَى عَلَى دَفْعِ الْعَذَابِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالتَّوْبَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ؛ إِذْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا تُفِيدُ وَفِيهِ لَطِيفَةٌ : وَهِيَ أَنَّ التَّنْبِيهَ عَلَى الدَّفْعِ بَعْدَ التَّرْهِيبِ فِيمَا مَضَى يُفِيدُ التَّرْغِيبَ بِذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ وَالْإِنْعَامِ فِي حَقِّهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُخْزِي النَّبِيَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا الَّذِينَ آمَنُوا ، فَمَا الْحَاجَةُ إِلَى قَوْلِهِ : ( مَعَهُ ) ؟ فَنَقُولُ : هِيَ إِفَادَةُ الِاجْتِمَاعِ ، يَعْنِي لَا يُخْزِي اللَّهُ الْمَجْمُوعَ الَّذِي يَسْعَى نُورُهُمْ ، وَهَذِهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ ؛ إِذِ الِاجْتِمَاعُ بَيْنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَبَيْنَ نَبِيِّهِمْ تَشْرِيفٌ فِي حَقِّهِمْ وَتَعْظِيمٌ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8وَاغْفِرْ لَنَا ) يُوهِمُ أَنَّ الذَّنْبَ لَازِمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالذَّنْبُ لَا يَكُونُ لَازِمًا ، فَنَقُولُ : يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لِمَا هُوَ اللَّازِمُ لِكُلِّ ذَنْبٍ ، وَهُوَ التَّقْصِيرُ فِي الْخِدْمَةِ ، وَالتَّقْصِيرُ لَازِمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : قَالَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ) ( التَّحْرِيمِ : 1 ) وَمِنْ بَعْدِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ ) خَاطَبَهُ بِوَصْفِهِ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28753_29638النَّبِيُّ لَا بِاسْمِهِ كَقَوْلِهِ
لِآدَمَ : يَا
آدَمُ ،
وَلِمُوسَى : يَا
مُوسَى ،
وَلِعِيسَى : يَا
عِيسَى ، نَقُولُ : خَاطَبَهُ بِهَذَا الْوَصْفِ ، لِيَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ .
الْبَحْثُ الْخَامِسُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=9وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصِيرَهُمْ بِئْسَ الْمَصِيرُ مُطْلَقًا ؛ إِذِ الْمُطْلَقُ يَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ ، وَغَيْرُ الْمُطْلَقِ لَا يَدُلُّ لِمَا أَنَّهُ يُطَهِّرُهُمْ عَنِ الْآثَامِ .