(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور )
أما دليل القدرة فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29038_31756_19785الذي خلق سبع سماوات طباقا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكر صاحب "الكشاف" في ( طباقا ) ثلاثة أوجه :
أولها : طباقا أي مطابقة بعضها فوق بعض من طابق النعل إذا خصفها طبقا على طبق ، وهذا وصف بالمصدر .
وثانيها : أن يكون التقدير : ذات طباق .
وثالثها : أن يكون التقدير : طوبقت طباقا .
المسألة الثانية : دلالة هذه السماوات على القدرة من وجوه :
أحدها : من حيث إنها بقيت في جو الهواء معلقة بلا عماد ولا سلسلة .
وثانيها : من حيث إن كل واحد منها اختص بمقدار معين مع جواز ما هو أزيد منه وأنقص .
وثالثها : أنه اختص كل واحد منها بحركة خاصة مقدرة بقدر معين من السرعة والبطء إلى جهة
[ ص: 51 ] معينة .
ورابعها : كونها في ذواتها محدثة ، وكل ذلك يدل على استنادها إلى قادر تام القدرة .
وأما دليل العلم فهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
حمزة والكسائي ( من تفوت ) والباقون (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3من تفاوت ) ، قال
الفراء : وهما بمنزلة واحدة مثل تظهر وتظاهر ، وتعهد وتعاهد ، وقال
الأخفش : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3تفاوت ) أجود لأنهم يقولون : تفاوت الأمر ولا يكادون يقولون : تفوت ، واختار
أبو عبيدة : ( تفوت ) ، وقال : يقال : تفوت الشيء إذا فات ، واحتج بما روي في الحديث أن رجلا تفوت على أبيه في ماله .
المسألة الثانية : حقيقة التفاوت عدم التناسب كأن بعض الشيء يفوت بعضه ولا يلائمه ، ومنه قولهم : ( تعلق متعلق متفاوت ونقيضه متناسب ) ، وأما ألفاظ المفسرين فقال
السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3من تفاوت ) أي من اختلاف عيب ، يقول الناظر : لو كان كذا كان أحسن ، وقال آخرون : التفاوت الفطور بدليل قوله بعد ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فارجع البصر هل ترى من فطور ) نظيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=6وما لها من فروج ) ( ق : 6 ) قال
القفال : ويحتمل أن يكون المعنى : ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت في الدلالة على حكمة صانعها وأنه لم يخلقها عبثا .
المسألة الثالثة : الخطاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى ) إما للرسول أو لكل مخاطب وكذا القول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فارجع البصر هل ترى من فطور nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=4ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا ) .
المسألة الرابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3طباقا ) صفة للسموات ، وقوله بعد ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) صفة أخرى للسموات والتقدير خلق سبع سموات طباقا ما ترى فيهن من تفاوت إلا أنه وضع مكان الضمير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3خلق الرحمن ) تعظيما لخلقهن وتنبيها على سبب سلامتهن من التفاوت ، وهو أنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3خلق الرحمن ) وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب .
المسألة الخامسة : اعلم أن وجه الاستدلال بهذا على
nindex.php?page=treesubj&link=28781كمال علم الله تعالى هو أن الحس دل أن هذه السماوات السبع أجسام مخلوقة على وجه الإحكام والإتقان ، وكل فاعل كان فعله محكما متقنا فإنه لا بد وأن يكون عالما ، فدل هذه الدلالة على كونه تعالى عالما بالمعلومات فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) إشارة إلى كونها محكمة متقنة .
المسألة السادسة : احتج
الكعبي بهذه الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658المعاصي ليست من خلق الله تعالى ، قال : لأنه تعالى نفى التفاوت في خلقه ، وليس المراد نفي التفاوت في الصغر والكبر والنقص والعيب ، فوجب حمله على نفي التفاوت في خلقه من حيث الحكمة ، فيدل من هذا الوجه على أن أفعال العباد ليست من خلقه على ما فيها من التفاوت الذي بعضه جهل وبعضه كذب وبعضه سفه ، الجواب : بل نحن نحمله على أنه لا تفوت فيه بالنسبة إليه ، من حيث إن الكل يصح منه بحسب القدرة والإرادة والداعية ، وإنه لا يقبح منه شيء أصلا ، فلم كان حمل الآية على التفاوت من الوجه الذي ذكرتم أولى من حملها على نفي التفاوت من الوجه الذي ذكرناه ، ثم إنه تعالى أكد بيان كونها محكمة متقنة ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فارجع البصر هل ترى من فطور ) والمعنى أنه لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) كأنه قال بعده : ولعلك لا تحكم بمقتضى ذلك بالبصر
[ ص: 52 ] الواحد ، ولا تعتمد عليه بسبب أنه قد يقع الغلط في النظرة الواحدة ، ولكن ارجع البصر واردد النظرة مرة أخرى ، حتى تتيقن أنه ليس في خلق الرحمن من تفاوت ألبتة . والفطور جمع فطر ، وهو الشق يقال : فطره فانفطر ومنه فطر ناب البعير ، كما يقال : شق ومعناه شق اللحم فطلع ، قال المفسرون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3هل ترى من فطور ) أي من فروج وصدوع وشقوق ، وفتوق ، وخروق ، كل هذا ألفاظهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تُرَى مِنْ فُطُورٍ )
أَمَّا دَلِيلُ الْقُدْرَةِ فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29038_31756_19785الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" فِي ( طِبَاقًا ) ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ :
أَوَّلُهَا : طِبَاقًا أَيْ مُطَابَقَةً بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنْ طَابَقَ النَّعْلَ إِذَا خَصَفَهَا طَبَقًا عَلَى طَبَقٍ ، وَهَذَا وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : ذَاتَ طِبَاقٍ .
وَثَالِثُهَا : أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : طُوبِقَتْ طِبَاقًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : دَلَالَةُ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ عَلَى الْقُدْرَةِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا بَقِيَتْ فِي جَوِّ الْهَوَاءِ مُعَلَّقَةً بِلَا عِمَادٍ وَلَا سِلْسِلَةٍ .
وَثَانِيهَا : مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا اخْتُصَّ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مَعَ جَوَازِ مَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْهُ وَأَنْقَصُ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ اخْتَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِحَرَكَةٍ خَاصَّةٍ مُقَدَّرَةٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنَ السُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ إِلَى جِهَةٍ
[ ص: 51 ] مُعَيَّنَةٍ .
وَرَابِعُهَا : كَوْنُهَا فِي ذَوَاتِهَا مُحْدَثَةً ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِنَادِهَا إِلَى قَادِرٍ تَامِّ الْقُدْرَةِ .
وَأَمَّا دَلِيلُ الْعِلْمِ فَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ( مِنْ تَفَوُّتٍ ) وَالْبَاقُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مِنْ تَفَاوُتٍ ) ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِثْلُ تَظَهُّرٍ وَتَظَاهُرٍ ، وَتَعَهُّدٍ وَتَعَاهُدٍ ، وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3تَفَاوُتٍ ) أَجْوَدُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : تَفَاوَتَ الْأَمْرُ وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ : تَفَوَّتَ ، وَاخْتَارَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : ( تَفَوُّتٍ ) ، وَقَالَ : يُقَالُ : تَفَوَّتَ الشَّيْءُ إِذَا فَاتَ ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا تَفَوَّتَ عَلَى أَبِيهِ فِي مَالِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : حَقِيقَةُ التَّفَاوُتِ عَدَمُ التَّنَاسُبِ كَأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ يَفُوتُ بَعْضَهُ وَلَا يُلَائِمُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : ( تَعَلَّقَ مُتَعَلِّقٌ مُتَفَاوِتٌ وَنَقِيضُهُ مُتَنَاسِبٌ ) ، وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْمُفَسِّرِينَ فَقَالَ
السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مِنْ تَفَاوُتٍ ) أَيْ مِنَ اخْتِلَافِ عَيْبٍ ، يَقُولُ النَّاظِرُ : لَوْ كَانَ كَذَا كَانَ أَحْسَنَ ، وَقَالَ آخَرُونَ : التَّفَاوُتُ الْفُطُورُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) نَظِيرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=6وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) ( ق : 6 ) قَالَ
الْقَفَّالُ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى حِكْمَةِ صَانِعِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْهَا عَبَثًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى ) إِمَّا لِلرَّسُولِ أَوْ لِكُلِّ مُخَاطَبٍ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=4ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3طِبَاقًا ) صِفَةٌ لِلسَّمَوَاتِ ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) صِفَةٌ أُخْرَى لِلسَّمَوَاتِ وَالتَّقْدِيرُ خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِيهِنَّ مِنْ تَفَاوُتٍ إِلَّا أَنَّهُ وَضَعَ مَكَانَ الضَّمِيرِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3خَلْقِ الرَّحْمَنِ ) تَعْظِيمًا لِخَلْقِهِنَّ وَتَنْبِيهًا عَلَى سَبَبِ سَلَامَتِهِنَّ مِنَ التَّفَاوُتِ ، وَهُوَ أَنَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3خَلْقِ الرَّحْمَنِ ) وَأَنَّهُ بِبَاهِرِ قُدْرَتِهِ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُ مِثْلَ ذَلِكَ الْخَلْقِ الْمُتَنَاسِبِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : اعْلَمْ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28781كَمَالِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ أَنَّ الْحِسَّ دَلَّ أَنَّ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ أَجْسَامٌ مَخْلُوقَةٌ عَلَى وَجْهِ الْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ ، وَكُلُّ فَاعِلٍ كَانَ فِعْلُهُ مُحْكَمًا مُتْقَنًا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا ، فَدَلَّ هَذِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى عَالِمًا بِالْمَعْلُومَاتِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهَا مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : احْتَجَّ
الْكَعْبِيُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658الْمَعَاصِيَ لَيْسَتْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ : لِأَنَّهُ تَعَالَى نَفَى التَّفَاوُتَ فِي خَلْقِهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ التَّفَاوُتِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالنَّقْصِ وَالْعَيْبِ ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ التَّفَاوُتِ فِي خَلْقِهِ مِنْ حَيْثُ الْحِكْمَةِ ، فَيَدُلُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَيْسَتْ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ التَّفَاوُتِ الَّذِي بَعْضُهُ جَهْلٌ وَبَعْضُهُ كَذِبٌ وَبَعْضُهُ سَفَهٌ ، الْجَوَابُ : بَلْ نَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَفَوُّتَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْكُلَّ يَصِحُّ مِنْهُ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالدَّاعِيَةِ ، وَإِنَّهُ لَا يُقَبَّحُ مِنْهُ شَيْءٌ أَصْلًا ، فَلِمَ كَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى التَّفَاوُتِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى نَفْيِ التَّفَاوُتِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَكَّدَ بَيَانَ كَوْنِهَا مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ : وَلَعَلَّكَ لَا تَحْكُمُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ بِالْبَصَرِ
[ ص: 52 ] الْوَاحِدِ ، وَلَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ الْغَلَطُ فِي النَّظْرَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَلَكِنِ ارْجِعِ الْبَصَرَ وَارْدُدِ النَّظْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى ، حَتَّى تَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ أَلْبَتَّةَ . وَالْفُطُورُ جَمْعُ فَطْرٍ ، وَهُوَ الشَّقُّ يُقَالُ : فَطَرَهُ فَانْفَطَرَ وَمِنْهُ فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ ، كَمَا يُقَالُ : شَقَّ وَمَعْنَاهُ شَقَّ اللَّحْمَ فَطَلَعَ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) أَيْ مِنْ فُرُوجٍ وَصُدُوعٍ وَشُقُوقٍ ، وَفُتُوقٍ ، وَخُرُوقٍ ، كُلُّ هَذَا أَلْفَاظُهُمْ .