( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور  تكاد تميز من الغيظ    ) 
الصفة الأولى : قوله تعالى : ( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا     ) . 
( ألقوا    ) طرحوا كما يطرح الحطب في النار العظيمة ويرمى به فيها ، ومثله قوله : ( حصب جهنم    ) ( الأنبياء : 98 ) وفي قوله : ( سمعوا لها شهيقا    ) وجوه : 
أحدها : قال مقاتل    : سمعوا لجهنم شهيقا ، ولعل المراد تشبيه صوت لهب النار بالشهيق ، قال الزجاج    : سمع الكفار للنار شهيقا ، وهو أقبح الأصوات ، وهو كصوت الحمار ، وقال  المبرد    : هو والله أعلم تنفس كتنفس المتغيظ . 
وثانيها : قال عطاء    : سمعوا لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها شهيقا . 
وثالثها : سمعوا من أنفسهم شهيقا ، كقوله تعالى : ( لهم فيها زفير وشهيق    ) ( هود : 106 ) والقول هو الأول . 
الصفة الثانية : قوله : ( وهي تفور    ) قال الليث    : كل شيء جاش فقد فار ، وهو فور القدر والدخان والغضب والماء من العين ، قال  ابن عباس    : تغلي بهم كغلي المرجل ، وقال  مجاهد    : تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل ، ويجوز أن يكون هذا من فور الغضب ، قال  المبرد    : يقال : تركت فلانا يفور غضبا ، ويتأكد هذا القول بالآية الآتية . 
الصفة الثالثة : قوله : ( تكاد تميز من الغيظ    ) يقال : فلان يتميز غيظا ، ويتعصف غيظا ، وغضب فطارت منه شعلة في الأرض وشعلة في السماء إذا وصفوه بالإفراط فيه . 
وأقول : لعل السبب في هذا المجاز أن الغضب حالة تحصل عند غليان دم القلب ، والدم عند الغليان يصير أعظم حجما ومقدارا ، فتتمدد تلك الأوعية عند ازدياد مقادير الرطوبات في البدن ، فكلما كان الغضب أشد كان الغليان أشد ، فكان الازدياد أكثر ، وكان تمدد الأوعية وانشقاقها وتميزها أكثر ، فجعل ذكر هذه الملازمة كناية عن شدة الغضب ، فإن قيل : النار ليست من الأحياء ، فكيف يمكن وصفها بالغيظ ؟ 
قلنا : الجواب من وجوه : 
أحدها : أن البنية عندنا ليست شرطا للحياة فلعل الله يخلق فيها وهي نار حياة . 
وثانيها : أنه شبه صوت لهبها وسرعة تبادرها بصوت الغضبان وحركته . 
وثالثها : يجوز أن يكون المراد غيظ الزبانية . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					