(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29038_32016ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير ) يعني
عادا وثمود وكفار الأمم ، وفيه وجهان :
أحدهما : قال
الواحدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18فكيف كان نكير ) أي إنكاري وتغييري ، أليس وجدوا العذاب حقا .
والثاني : قال
أبو مسلم : النكير عقاب المنكر ، ثم قال : وإنما سقط الياء من نذيري ، ومن نكيري حتى تكون مشابهة لرءوس الآي المتقدمة عليها ، والمتأخرة عنها . وأما البرهان فهو أنه تعالى ذكر ما يدل على كمال قدرته ، ومتى ثبت ذلك ثبت كونه تعالى قادرا على إيصال جميع أنواع العذاب إليهم ؛ وذلك البرهان من وجوه :
البرهان الأول : هو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29038_19790أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ) .
[ ص: 63 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19صافات ) أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ويقبضن ) ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن . فإن قيل : لم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ويقبضن ) ولم يقل : وقابضات ، قلنا : لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء ، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها ، وأما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك ، فجيء بما هو طارئ غير أصلي بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات ، ويكون منهن القبض تارة بعد تارة ، كما يكون من السابح .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ما يمسكهن إلا الرحمن ) وذلك لأنها مع ثقلها وضخامة أجسامها لم يكن بقاؤها في جو الهواء إلا بإمساك الله وحفظه ، وههنا سؤالان :
السؤال الأول : هل تدل هذه الآية على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة لله ، قلنا : نعم ، وذلك لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري للطير .
ثم إنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ما يمسكهن إلا الرحمن ) فدل هذا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785فعل العبد مخلوق لله تعالى .
السؤال الثاني : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله ) ( النحل : 79 ) وقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ما يمسكهن إلا الرحمن ) فما الفرق ؟ قلنا : ذكر في النحل أن الطير مسخرات في جو السماء فلا جرم كان إمساكها هناك محض الإلهية ، وذكر ههنا أنها صافات وقابضات ، فكان إلهامها إلى كيفية البسط والقبض على الوجه المطابق للمنفعة من رحمة الرحمن .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19إنه بكل شيء بصير ) وفيه وجهان :
الوجه الأول : المراد من البصير ، كونه عالما بالأشياء الدقيقة ، كما يقال : فلان بصر في هذا الأمر ، أي حذق .
والوجه الثاني : أن نجري اللفظ على ظاهره فنقول : إنه تعالى شيء ،
nindex.php?page=treesubj&link=28781والله بكل شيء بصير ، فيكون رائيا لنفسه ولجميع الموجودات ، وهذا هو الذي يقوله أصحابنا من أنه تعالى يصح أن يكون مرئيا وأن كل الموجودات كذلك ، فإن قيل : البصير إذا عدي بالباء يكون بمعنى العالم ، يقال : فلان بصير بكذا إن كان عالما به ، قلنا : لا نسلم ، فإنه يقال : إن الله سميع بالمسموعات ، بصير بالمبصرات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29038_32016وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) يَعْنِي
عَادًا وَثَمُودَ وَكُفَّارَ الْأُمَمِ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=18فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) أَيْ إِنْكَارِي وَتَغْيِيرِي ، أَلَيْسَ وَجَدُوا الْعَذَابَ حَقًّا .
وَالثَّانِي : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : النَّكِيرُ عِقَابُ الْمُنْكِرِ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنَّمَا سَقَطَ الْيَاءُ مِنْ نَذِيرِي ، وَمِنْ نَكِيرِي حَتَّى تَكُونَ مُشَابِهَةً لِرُءُوسِ الْآيِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا ، وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهَا . وَأَمَّا الْبُرْهَانُ فَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ ، وَمَتَى ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ كَوْنُهُ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى إِيصَالِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ إِلَيْهِمْ ؛ وَذَلِكَ الْبُرْهَانُ مِنْ وُجُوهٍ :
الْبُرْهَانُ الْأَوَّلُ : هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29038_19790أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) .
[ ص: 63 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19صَافَّاتٍ ) أَيْ بَاسِطَاتٍ أَجْنِحَتِهِنَّ فِي الْجَوِّ عِنْدَ طَيَرَانِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19وَيَقْبِضْنَ ) وَيَضْمُمْنَهَا إِذَا ضَرَبْنَ بِهَا جُنُوبَهُنَّ . فَإِنْ قِيلَ : لِمَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19وَيَقْبِضْنَ ) وَلَمْ يَقُلْ : وَقَابِضَاتٍ ، قُلْنَا : لِأَنَّ الطَّيَرَانَ فِي الْهَوَاءِ كَالسِّبَاحَةِ فِي الْمَاءِ ، وَالْأَصْلُ فِي السِّبَاحَةِ مَدُّ الْأَطْرَافِ وَبَسْطُهَا ، وَأَمَّا الْقَبْضُ فَطَارِئٌ عَلَى الْبَسْطِ لِلِاسْتِظْهَارِ بِهِ عَلَى التَّحَرُّكِ ، فَجِيءَ بِمَا هُوَ طَارِئٌ غَيْرُ أَصْلِيٍّ بِلَفْظِ الْفِعْلِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُنَّ صَافَّاتٍ ، وَيَكُونُ مِنْهُنَّ الْقَبْضُ تَارَةً بَعْدَ تَارَةٍ ، كَمَا يَكُونُ مِنَ السَّابِحِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَعَ ثِقَلِهَا وَضَخَامَةِ أَجْسَامِهَا لَمْ يَكُنْ بَقَاؤُهَا فِي جَوِّ الْهَوَاءِ إِلَّا بِإِمْسَاكِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ ، وَهَهُنَا سُؤَالَانِ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : هَلْ تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ لِلْعَبْدِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ ، قُلْنَا : نَعَمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِمْسَاكَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لِلطَّيْرِ .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ) فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785فِعْلَ الْعَبْدِ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى .
السُّؤَالُ الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ) ( النَّحْلِ : 79 ) وَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ) فَمَا الْفَرْقُ ؟ قُلْنَا : ذَكَرَ فِي النَّحْلِ أَنَّ الطَّيْرَ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ فَلَا جَرَمَ كَانَ إِمْسَاكُهَا هُنَاكَ مَحْضَ الْإِلَهِيَّةِ ، وَذَكَرَ هَهُنَا أَنَّهَا صَافَّاتٌ وَقَابِضَاتٌ ، فَكَانَ إِلْهَامُهَا إِلَى كَيْفِيَّةِ الْبَسْطِ وَالْقَبْضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُطَابِقِ لِلْمَنْفَعَةِ مِنْ رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ) وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ مِنَ الْبَصِيرِ ، كَوْنُهُ عَالِمًا بِالْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ ، كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ بَصُرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ ، أَيْ حَذَقَ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ نُجْرِيَ اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَنَقُولُ : إِنَّهُ تَعَالَى شَيْءٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28781وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ، فَيَكُونُ رَائِيًا لِنَفْسِهِ وَلِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا وَأَنَّ كُلَّ الْمَوْجُودَاتِ كَذَلِكَ ، فَإِنْ قِيلَ : الْبَصِيرُ إِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْعَالِمِ ، يُقَالُ : فُلَانٌ بَصِيرٌ بِكَذَا إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ ، قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بِالْمَسْمُوعَاتِ ، بَصِيرٌ بِالْمُبْصَرَاتِ .