[ ص: 68 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 ( سورة القلم )
وهي اثنتان وخمسون آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) فيه مسألتان :
المسألة الأولى : الأقوال المذكورة في هذا الجنس قد شرحناها في أول سورة البقرة والوجوه الزائدة التي يختص بها هذا الموضع :
أولها : أن النون هو السمكة ، ومنه في ذكر
يونس (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون ) ( الأنبياء : 87 ) وهذا القول مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ومقاتل والسدي ، ثم القائلون بهذا منهم من قال : إنه قسم بالحوت الذي على ظهره الأرض وهو في بحر تحت الأرض السفلى ، ومنهم من قال : إنه قسم بالحوت الذي احتبس
يونس عليه السلام في بطنه ، ومنهم من قال : إنه قسم بالحوت الذي لطخ سهم
نمروذ بدمه .
والقول الثاني : وهو أيضا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختيار
الضحاك والحسن وقتادة أن النون هو الدواة ، ومنه قول الشاعر :
إذا ما الشوق يرجع بي إليهم ألقت النون بالدمع السجوم
فيكون هذا قسما بالدواة والقلم ، فإن المنفعة بهما بسبب الكتابة عظيمة ، فإن التفاهم تارة يحصل بالنطق و ( تارة ) يتحرى بالكتابة .
والقول الثالث : أن النون لوح تكتب الملائكة ما يأمرهم الله به فيه ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة مرفوعا .
والقول الرابع : أن النون هو المداد الذي تكتب به الملائكة ، واعلم أن هذه الوجوه ضعيفة لأنا إذا جعلناه مقسما به وجب إن كان جنسا أن نجره وننونه ، فإن القسم على هذا التقدير يكون بدواة منكرة أو بسمكة منكرة ، كأنه قيل : وسمكة والقلم ، أو قيل : ودواة والقلم ، وإن كان علما أن نصرفه ونجره أو لا نصرفه ونفتحه إن جعلناه غير منصرف .
والقول الخامس : أن نون ههنا آخر حروف الرحمن فإنه يجتمع من الرحمن ن اسم الرحمن فذكر الله هذا الحرف الأخير من هذا الاسم ، والمقصود القسم بتمام هذا الاسم ، وهذا أيضا ضعيف ؛ لأن تجويزه يفتح باب ترهات الباطنية ، بل الحق أنه إما أن يكون اسما للسورة أو يكون الغرض منه التحدي أو سائر الوجوه المذكورة في أول سورة البقرة .
[ ص: 69 ]
المسألة الثانية : القراء مختلفون في إظهار النون وإخفائه من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=20759_28899_32450ن والقلم ) فمن أظهرها فلأنه ينوي بها الوقف بدلالة اجتماع الساكنين فيها ، وإذا كانت موقوفة كانت في تقدير الانفصال مما بعدها ، وإذا انفصلت مما بعدها وجب التبيين ؛ لأنها إنما تخفى في حروف الفم عند الاتصال ، ووجه الإخفاء أن همزة الوصل لم تقطع مع هذه الحروف في نحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2الله ) ( آل عمران : 1 ) وقولهم في العدد : واحد اثنان فمن حيث لم تقطع الهمزة معها علمنا أنها في تقدير الوصل وإذا وصلتها أخفيت النون وقد ذكرنا هذا في ( طس ) و ( يس ) ، وقال
الفراء : وإظهارها أعجب إلي ؛ لأنها هجاء والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل .
[ ص: 68 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 ( سُورَةُ الْقَلَمِ )
وَهِيَ اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ آيَةً مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن ) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْجِنْسِ قَدْ شَرَحْنَاهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْوُجُوهُ الزَّائِدَةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا هَذَا الْمَوْضِعُ :
أَوَّلُهَا : أَنَّ النُّونَ هُوَ السَّمَكَةُ ، وَمِنْهُ فِي ذِكْرِ
يُونُسَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ ) ( الْأَنْبِيَاءِ : 87 ) وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلٍ وَالسُّدِّيِّ ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ قَسَمٌ بِالْحُوتِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهِ الْأَرْضُ وَهُوَ فِي بَحْرٍ تَحْتَ الْأَرْضِ السُّفْلَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ قَسَمٌ بِالْحُوتِ الَّذِي احْتَبَسَ
يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي بَطْنِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ قَسَمٌ بِالْحُوتِ الَّذِي لُطِّخَ سَهْمُ
نَمْرُوذَ بِدَمِهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : وَهُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ
الضَّحَّاكِ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ أَنَّ النُّونَ هُوَ الدَّوَاةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
إِذَا مَا الشَّوْقُ يَرْجِعُ بِي إِلَيْهِمُ أَلْقَتِ النُّونُ بِالدَّمْعِ السَّجُومِ
فَيَكُونُ هَذَا قَسَمًا بِالدَّوَاةِ وَالْقَلَمِ ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِمَا بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ عَظِيمَةٌ ، فَإِنَّ التَّفَاهُمَ تَارَةً يَحْصُلُ بِالنُّطْقِ وَ ( تَارَةً ) يُتَحَرَّى بِالْكِتَابَةِ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ النُّونَ لَوْحٌ تَكْتُبُ الْمَلَائِكَةُ مَا يَأْمُرُهُمُ اللَّهُ بِهِ فِيهِ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17112مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ مَرْفُوعًا .
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنَّ النُّونَ هُوَ الْمِدَادُ الَّذِي تَكْتُبُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّا إِذَا جَعَلْنَاهُ مُقْسَمًا بِهِ وَجَبَ إِنْ كَانَ جِنْسًا أَنْ نَجُرَّهُ وَنُنَوِّنَهُ ، فَإِنَّ الْقَسَمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ بِدَوَاةٍ مُنْكَرَةٍ أَوْ بِسَمَكَةٍ مُنْكَرَةٍ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَسَمَكَةٍ وَالْقَلَمِ ، أَوْ قِيلَ : وَدَوَاةٍ وَالْقَلَمِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَمًا أَنْ نَصْرِفَهُ وَنَجُرَّهُ أَوْ لَا نَصْرِفَهُ وَنَفْتَحَهُ إِنْ جَعَلْنَاهُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ .
وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنَّ نُونَ هَهُنَا آخِرُ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ مِنَ الرَّحْمَنِ ن اسْمُ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ اللَّهُ هَذَا الْحَرْفَ الْأَخِيرَ مِنْ هَذَا الِاسْمِ ، وَالْمَقْصُودُ الْقَسَمُ بِتَمَامِ هَذَا الِاسْمِ ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَهُ يَفْتَحُ بَابَ تُرَّهَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ ، بَلِ الْحَقُّ أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلسُّورَةِ أَوْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّحَدِّيَ أَوْ سَائِرَ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
[ ص: 69 ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْقُرَّاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي إِظْهَارِ النُّونِ وَإِخْفَائِهِ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=20759_28899_32450ن وَالْقَلَمِ ) فَمَنْ أَظْهَرَهَا فَلِأَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْوَقْفَ بِدَلَالَةِ اجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فِيهَا ، وَإِذَا كَانَتْ مَوْقُوفَةً كَانَتْ فِي تَقْدِيرِ الِانْفِصَالِ مِمَّا بَعْدَهَا ، وَإِذَا انْفَصَلَتْ مِمَّا بَعْدَهَا وَجَبَ التَّبْيِينُ ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُخْفَى فِي حُرُوفِ الْفَمِ عِنْدَ الِاتِّصَالِ ، وَوَجْهُ الْإِخْفَاءِ أَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ لَمْ تُقْطَعْ مَعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي نَحْوِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2اللَّهُ ) ( آلِ عِمْرَانَ : 1 ) وَقَوْلِهِمْ فِي الْعَدَدِ : وَاحِدٌ اثْنَانِ فَمِنْ حَيْثُ لَمْ تُقْطَعِ الْهَمْزَةُ مَعَهَا عَلِمْنَا أَنَّهَا فِي تَقْدِيرِ الْوَصْلِ وَإِذَا وَصَلْتَهَا أَخْفَيْتَ النُّونَ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي ( طس ) وَ ( يس ) ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : وَإِظْهَارُهَا أَعْجَبُ إِلَيَّ ؛ لِأَنَّهَا هِجَاءٌ وَالْهِجَاءُ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنِ اتَّصَلَ .