(
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42nindex.php?page=treesubj&link=29039_30296ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فذرني ومن يكذب بهذا الحديث nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون )
[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43إلى السجود وهم سالمون ) .
اعلم أنا بينا أنهم لا يدعون إلى السجود تعبدا وتكليفا ، ولكن توبيخا وتعنيفا على تركهم السجود في الدنيا ، ثم إنه تعالى حال ما يدعوهم إلى السجود يسلب عنهم القدرة على السجود ، ويحول بينهم وبين الاستطاعة حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على ما فرطوا فيه ، حين دعوا إلى السجود وهم سالمو الأطراف والمفاصل . قال
الجبائي : لما خصص عدم الاستطاعة بالآخرة دل ذلك على أنهم في الدنيا كانوا يستطيعون ، فبطل بهذا قول من قال : الكافر لا قدرة له على الإيمان ، وإن القدرة على الإيمان لا تحصل إلا حال وجود الإيمان . والجواب عنه : أن علم الله بأنه لا يؤمن مناف لوجود الإيمان والجمع بين المتنافيين محال ، فالاستطاعة في الدنيا أيضا غير حاصلة على قول
الجبائي .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ) فهو حال من قوله : ( لا يستطيعون . . . .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43ترهقهم ذلة ) يعني يلحقهم ذل بسبب أنهم ما كانوا مواظبين على خدمة مولاهم مثل العبد الذي أعرض عنه مولاه ، فإنه يكون ذليلا فيما بين الناس ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) يعني حين كانوا يدعون إلى الصلوات بالأذان والإقامة وكانوا سالمين قادرين على الصلاة ، وفي هذا وعيد لمن
nindex.php?page=treesubj&link=23392قعد عن الجماعة ولم يجب المؤذن إلى إقامة الصلاة في الجماعة .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون )
اعلم أنه تعالى لما خوف الكفار بعظمة يوم القيامة زاد في التخويف فخوفهم بما عنده ، وفي قدرته من القهر ، فقال : ذرني وإياه ، يريد كله إلي ، فإني أكفيكه ، كأنه يقول : يا
محمد حسبك انتقاما منه أن تكل أمره إلي ، وتخلي بيني وبينه ، فإني عالم بما يجب أن يفعل به قادر على ذلك ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سنستدرجهم ) يقال : استدرجه إلى كذا إذا استنزله إليه درجة فدرجة ، حتى يورطه فيه . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44من حيث لا يعلمون ) قال
أبو روق : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سنستدرجهم ) أي كلما أذنبوا ذنبا جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار ، فالاستدراج إنما حصل في الاغتناء الذي لا يشعرون أنه استدراج ، وهو الإنعام عليهم ؛ لأنهم يحسبونه تفضيلا لهم على المؤمنين ، وهو في الحقيقة سبب لهلاكهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42nindex.php?page=treesubj&link=29039_30296وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ) قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ )
[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تَعَبُّدًا وَتَكْلِيفًا ، وَلَكِنْ تَوْبِيخًا وَتَعْنِيفًا عَلَى تَرْكِهِمُ السُّجُودَ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى حَالَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَى السُّجُودِ يَسْلُبُ عَنْهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى السُّجُودِ ، وَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الِاسْتِطَاعَةِ حَتَّى تَزْدَادَ حَسْرَتُهُمْ وَنَدَامَتُهُمْ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِيهِ ، حِينَ دُعُوا إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُو الْأَطْرَافِ وَالْمَفَاصِلِ . قَالَ
الْجُبَّائِيُّ : لَمَّا خَصَّصَ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ بِالْآخِرَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ ، فَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : الْكَافِرُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْإِيمَانِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا حَالَ وُجُودِ الْإِيمَانِ . وَالْجَوَابُ عَنْهُ : أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مُنَافٍ لِوُجُودِ الْإِيمَانِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ مُحَالٌ ، فَالِاسْتِطَاعَةُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا غَيْرُ حَاصِلَةٍ عَلَى قَوْلِ
الْجُبَّائِيِّ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ) فَهُوَ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ : ( لَا يَسْتَطِيعُونَ . . . .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) يَعْنِي يَلْحَقُهُمْ ذُلٌّ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا مُوَاظِبِينَ عَلَى خِدْمَةِ مَوْلَاهُمْ مِثْلُ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ مَوْلَاهُ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِيلًا فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) يَعْنِي حِينَ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى الصَّلَوَاتِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَكَانُوا سَالِمِينَ قَادِرِينَ عَلَى الصَّلَاةِ ، وَفِي هَذَا وَعِيدٌ لِمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23392قَعَدَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يُجِبِ الْمُؤَذِّنَ إِلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَوَّفَ الْكُفَّارَ بِعَظَمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ زَادَ فِي التَّخْوِيفِ فَخَوَّفَهُمْ بِمَا عِنْدَهُ ، وَفِي قُدْرَتِهِ مِنَ الْقَهْرِ ، فَقَالَ : ذَرْنِي وَإِيَّاهُ ، يُرِيدُ كِلْهُ إِلَيَّ ، فَإِنِّي أَكْفِيكَهُ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : يَا
مُحَمَّدُ حَسْبُكَ انْتِقَامًا مِنْهُ أَنْ تَكِلَ أَمْرَهُ إِلَيَّ ، وَتُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَإِنِّي عَالِمٌ بِمَا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ) يُقَالُ : اسْتَدْرَجَهُ إِلَى كَذَا إِذَا اسْتَنْزَلَهُ إِلَيْهِ دَرَجَةً فَدَرَجَةً ، حَتَّى يُوَرِّطَهُ فِيهِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ) قَالَ
أَبُو رَوْقٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ) أَيْ كُلَّمَا أَذْنَبُوا ذَنْبًا جَدَّدْنَا لَهُمْ نِعْمَةً وَأَنْسَيْنَاهُمُ الِاسْتِغْفَارَ ، فَالِاسْتِدْرَاجُ إِنَّمَا حَصَلَ فِي الِاغْتِنَاءِ الَّذِي لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُ اسْتِدْرَاجٌ ، وَهُوَ الْإِنْعَامُ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَهُ تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ سَبَبٌ لِهَلَاكِهِمْ .