(
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وانشقت السماء فهي يومئذ واهية nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فيومئذ وقعت الواقعة nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) . أي : فيومئذ قامت القيامة الكبرى ، وانشقت السماء لنزول الملائكة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16فهي يومئذ واهية ) أي : مسترخية ساقطة القوة (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=5كالعهن المنفوش ) [القارعة : 5] بعدما كانت محكمة شديدة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك على أرجائها ) وفيه مسائل :
[ ص: 96 ] المسألة الأولى : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17والملك ) لم يرد به ملكا واحدا ، بل أراد الجنس والجمع .
المسألة الثانية : الأرجاء في اللغة النواحي ، يقال : رجا ورجوان والجمع الأرجاء ، ويقال ذلك لحرف البئر وحرف القبر وما أشبه ذلك ، والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362السماء إذا انشقت عدلت الملائكة عن مواضع الشق إلى جوانب السماء ، فإن قيل : الملائكة يموتون في الصعقة الأولى ، لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68فصعق من في السماوات ومن في الأرض ) [الزمر : 68] فكيف يقال : إنهم يقفون على أرجاء السماء ؟ قلنا : الجواب من وجهين :
الأول : أنهم يقفون لحظة على أرجاء السماء ثم يموتون .
الثاني : أن المراد الذين استثناهم الله في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68إلا من شاء الله ) [الزمر : 68] .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : هذا العرش هو الذي أراده الله بقوله : الذين يحملون العرش ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وترى الملائكة حافين من حول العرش ) [الزمر : 75] .
المسألة الثانية : الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17فوقهم ) إلى ماذا يعود ؟ فيه وجهان :
الأول : وهو الأقرب أن المراد فوق الملائكة الذين هم على الأرجاء, والمقصود التمييز بينهم وبين
nindex.php?page=treesubj&link=29657_29747الملائكة الذين هم حملة العرش .
الثاني : قال مقاتل : يعني أن الحملة يحملون العرش فوق رءوسهم . و[مجيء] الضمير قبل الذكر جائز كقوله : في بيته يؤتى الحكم .
المسألة الثالثة : نقل عن
الحسن رحمه الله أنه قال : لا أدري ثمانية أشخاص أو ثمانية آلاف أو ثمانية صفوف أو ثمانية آلاف صف . واعلم أن حمله على ثمانية أشخاص أولى لوجوه :
أحدها : ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين فيكونون ثمانية " ويروى : "
ثمانية أملاك أرجلهم في تخوم الأرض السابعة, والعرش فوق رءوسهم وهم مطرقون مسبحون " وقيل : بعضهم على صورة الأسد, وبعضهم على صورة الثور, وبعضهم على صورة النسر ، وروي : ثمانية أملاك في صورة الأوعال, ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب : أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ، وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك .
الوجه الثاني : في بيان أن الحمل على ثمانية أشخاص أولى من الحمل على ثمانية آلاف ؛ وذلك لأن الثمانية أشخاص لا بد منهم في صدق اللفظ ، ولا حاجة في صدق اللفظ إلى ثمانية آلاف ، فحينئذ يكون اللفظ دالا على ثمانية أشخاص ، ولا دلالة على ثمانية آلاف, فوجب حمله على الأول .
الوجه الثالث : وهو أن الموضع موضع التعظيم والتهويل, فلو كان المراد ثمانية آلاف ، أو ثمانية صفوف لوجب ذكره ليزداد التعظيم والتهويل ، فحيث لم يذكر ذلك علمنا أنه ليس المراد إلا ثمانية أشخاص .
المسألة الرابعة : قالت المشبهة : لو لم يكن الله في العرش لكان حمل العرش عبثا عديم الفائدة ، ولا سيما وقد تأكد ذلك بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يومئذ تعرضون ) والعرض إنما يكون لو كان الإله حاصلا في العرش ، أجاب أهل التوحيد عنه بأنه لا يمكن أن يكون المراد منه أن الله جالس في العرش ؛ وذلك لأن كل من كان حاملا للعرش كان حاملا لكل ما كان في العرش ، فلو كان الإله في العرش للزم الملائكة أن يكونوا حاملين لله تعالى وذلك محال ؛ لأنه يقتضي احتياج الله إليهم ، وأن يكونوا أعظم قدرة من الله تعالى, وكل ذلك كفر
[ ص: 97 ] صريح ، فعلمنا أنه لا بد فيه من التأويل, فنقول : السبب في هذا الكلام هو أنه تعالى خاطبهم بما يتعارفونه ، فخلق لنفسه بيتا يزورونه ، وليس أنه يسكنه ، تعالى الله عنه , وجعل في ركن البيت حجرا هو يمينه في الأرض ؛ إذ كان من شأنهم أن يعظموا رؤساءهم بتقبيل أيمانهم ، وجعل على العباد حفظة ليس لأن النسيان يجوز عليه سبحانه ، لكن هذا هو المتعارف فكذلك لما كان من شأن الملك إذا أراد محاسبة عماله جلس إليهم على سرير, ووقف الأعوان حوله أحضر الله يوم القيامة عرشا وحضرت الملائكة وحفت به ، لا لأنه يقعد عليه أو يحتاج إليه بل لمثل ما قلناه في البيت والطواف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=15فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) . أَيْ : فَيَوْمَئِذٍ قَامَتِ الْقِيَامَةُ الْكُبْرَى ، وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=16فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) أَيْ : مُسْتَرْخِيَةٌ سَاقِطَةُ الْقُوَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=5كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) [الْقَارِعَةِ : 5] بَعْدَمَا كَانَتْ مُحْكَمَةً شَدِيدَةً .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
[ ص: 96 ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَالْمَلَكُ ) لَمْ يُرِدْ بِهِ مَلَكًا وَاحِدًا ، بَلْ أَرَادَ الْجِنْسَ وَالْجَمْعَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْأَرْجَاءُ فِي اللُّغَةِ النَّوَاحِي ، يُقَالُ : رَجًا وَرَجَوَانِ وَالْجَمْعُ الْأَرْجَاءُ ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِحَرْفِ الْبِئْرِ وَحَرْفِ الْقَبْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30362السَّمَاءَ إِذَا انْشَقَّتْ عَدَلَتِ الْمَلَائِكَةُ عَنْ مَوَاضِعِ الشَّقِّ إِلَى جَوَانِبِ السَّمَاءِ ، فَإِنْ قِيلَ : الْمَلَائِكَةُ يَمُوتُونَ فِي الصَّعْقَةِ الْأُولَى ، لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ) [الزُّمَرِ : 68] فَكَيْفَ يُقَالُ : إِنَّهُمْ يَقِفُونَ عَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ ؟ قُلْنَا : الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ يَقِفُونَ لَحْظَةً عَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ ثُمَّ يَمُوتُونَ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) [الزُّمَرِ : 68] .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هَذَا الْعَرْشُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ ) [الزُّمَرِ : 75] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17فَوْقَهُمْ ) إِلَى مَاذَا يَعُودُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَادَ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ عَلَى الْأَرْجَاءِ, وَالْمَقْصُودُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=29657_29747الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ .
الثَّانِي : قَالَ مُقَاتِلٌ : يَعْنِي أَنَّ الْحَمَلَةَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ . وَ[مَجِيءُ] الضَّمِيرِ قَبْلَ الذِّكْرِ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ : فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : نُقِلَ عَنِ
الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ : لَا أَدْرِي ثَمَانِيَةَ أَشْخَاصٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ صُفُوفٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ آلَافِ صَفٍّ . وَاعْلَمْ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَشْخَاصٍ أَوْلَى لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
هُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَيَّدَهُمُ اللَّهُ بِأَرْبَعَةٍ آخَرِينَ فَيَكُونُونَ ثَمَانِيَةً " وَيُرْوَى : "
ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ أَرْجُلُهُمْ فِي تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ, وَالْعَرْشُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ وَهُمْ مُطْرِقُونَ مُسَبِّحُونَ " وَقِيلَ : بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْأَسَدِ, وَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الثَّوْرِ, وَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ النَّسْرِ ، وَرُوِيَ : ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ فِي صُورَةِ الْأَوْعَالِ, مَا بَيْنَ أَظْلَافِهَا إِلَى رُكَبِهَا مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَامًا ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ : أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ ، وَأَرْبَعَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي بَيَانِ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَشْخَاصٍ أَوْلَى مِنَ الْحَمْلِ عَلَى ثَمَانِيَةِ آلَافٍ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ أَشْخَاصٍ لَا بُدَّ مِنْهُمْ فِي صِدْقِ اللَّفْظِ ، وَلَا حَاجَةَ فِي صِدْقِ اللَّفْظِ إِلَى ثَمَانِيَةِ آلَافٍ ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَشْخَاصٍ ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى ثَمَانِيَةِ آلَافٍ, فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ, فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ ، أَوْ ثَمَانِيَةَ صُفُوفٍ لَوَجَبَ ذِكْرُهُ لِيَزْدَادَ التَّعْظِيمُ وَالتَّهْوِيلُ ، فَحَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إِلَّا ثَمَانِيَةَ أَشْخَاصٍ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَتِ الْمُشَبِّهَةُ : لَوْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ فِي الْعَرْشِ لَكَانَ حَمْلُ الْعَرْشِ عَبَثًا عَدِيمَ الْفَائِدَةِ ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=18يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ) وَالْعَرْضُ إِنَّمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ الْإِلَهُ حَاصِلًا فِي الْعَرْشِ ، أَجَابَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ جَالِسٌ فِي الْعَرْشِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ حَامِلًا لِلْعَرْشِ كَانَ حَامِلًا لِكُلِّ مَا كَانَ فِي الْعَرْشِ ، فَلَوْ كَانَ الْإِلَهُ فِي الْعَرْشِ لَلَزِمَ الْمَلَائِكَةُ أَنْ يَكُونُوا حَامِلِينَ لِلَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مُحَالٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي احْتِيَاجَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، وَأَنْ يَكُونُوا أَعْظَمَ قُدْرَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى, وَكُلُّ ذَلِكَ كُفْرٌ
[ ص: 97 ] صَرِيحٌ ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّأْوِيلِ, فَنَقُولُ : السَّبَبُ فِي هَذَا الْكَلَامِ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى خَاطَبَهُمْ بِمَا يَتَعَارَفُونَهُ ، فَخَلَقَ لِنَفْسِهِ بَيْتًا يَزُورُونَهُ ، وَلَيْسَ أَنَّهُ يَسْكُنُهُ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ , وَجَعَلَ فِي رُكْنِ الْبَيْتِ حَجَرًا هُوَ يَمِينُهُ فِي الْأَرْضِ ؛ إِذْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يُعَظِّمُوا رُؤَسَاءَهُمْ بِتَقْبِيلِ أَيْمَانِهِمْ ، وَجَعَلَ عَلَى الْعِبَادِ حَفَظَةً لَيْسَ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَجُوزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ ، لَكِنْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمَلِكِ إِذَا أَرَادَ مُحَاسَبَةَ عُمَّالِهِ جَلَسَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَرِيرٍ, وَوَقَفَ الْأَعْوَانُ حَوْلَهُ أَحْضَرَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَرْشًا وَحَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ وَحَفَّتْ بِهِ ، لَا لِأَنَّهُ يَقْعُدُ عَلَيْهِ أَوْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بَلْ لِمِثْلِ مَا قُلْنَاهُ فِي الْبَيْتِ وَالطَّوَافِ .