(
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17والله أنبتكم من الأرض نباتا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) .
الدليل الثالث : على التوحيد قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17والله أنبتكم من الأرض نباتا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) .
واعلم أنه تعالى رجع ههنا إلى دلائل الأنفس وهو كالتفسير لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14خلقكم أطوارا ) فإنه بين أنه تعالى
[ ص: 125 ] خلقهم من الأرض ثم يردهم إليها ثم يخرجهم منها مرة أخرى ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17أنبتكم من الأرض نباتا ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : في هذه الآية وجهان :
أحدهما : معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17أنبتكم من الأرض ) أي أنبت أباكم من الأرض كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ) [آل عمران : 59] .
والثاني : أنه تعالى أنبت الكل من الأرض ؛ لأنه تعالى إنما يخلقنا من النطف وهي متولدة من الأغذية المتولدة من النبات المتولد من الأرض .
المسألة الثانية : كان ينبغي أن يقال : أنبتكم إنباتا إلا أنه لم يقل ذلك بل قال : أنبتكم نباتا ، والتقدير أنبتكم فنبتم نباتا ، وفيه دقيقة لطيفة وهي أنه لو قال : أنبتكم إنباتا كان المعنى أنبتكم إنباتا غريبا ، ولما قال : أنبتكم نباتا كان المعنى أنبتكم فنبتم نباتا عجيبا ، وهذا الثاني أولى ؛ لأن الإنبات صفة لله تعالى , وصفة الله غير محسوسة لنا ، فلا نعرف أن ذلك الإنبات إنبات عجيب كامل إلا بواسطة إخبار الله تعالى ، وهذا المقام مقام الاستدلال على
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783كمال قدرة الله تعالى فلا يمكن إثباته بالسمع ، أما لما قال : "أنبتكم نباتا" على معنى أنبتكم فنبتم نباتا عجيبا كاملا, كان ذلك وصفا للنبات بكونه عجيبا كاملا ، وكون النبات كذلك أمر مشاهد محسوس ، فيمكن الاستدلال به على كمال قدرة الله تعالى ، فكان هذا موافقا لهذا المقام .
فظهر أن العدول من تلك الحقيقة إلى هذا المجاز كان لهذا السر اللطيف ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثم يعيدكم فيها ) فهو إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=29426_30340الطريقة المعهودة في القرآن من أنه تعالى لما كان قادرا على الابتداء كان قادرا على الإعادة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ويخرجكم إخراجا ) أكده بالمصدر كأنه قال : يخرجكم حقا لا محالة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) .
الدَّلِيلُ الثَّالِثُ : عَلَى التَّوْحِيدِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى رَجَعَ هَهُنَا إِلَى دَلَائِلِ الْأَنْفُسِ وَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) فَإِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى
[ ص: 125 ] خَلَقَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلَيْهَا ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا مَرَّةً أُخْرَى ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) أَيْ أَنْبَتْ أَبَاكُمْ مِنَ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=59إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ) [آلِ عِمْرَانَ : 59] .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى أَنْبَتَ الْكُلَّ مِنَ الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْلُقُنَا مِنَ النُّطَفِ وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ النَّبَاتِ الْمُتَوَلِّدِ مِنَ الْأَرْضِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : أَنْبَتَكُمْ إِنْبَاتًا إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ قَالَ : أَنْبَتَكُمْ نَبَاتًا ، وَالتَّقْدِيرُ أَنْبَتَكُمْ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا ، وَفِيهِ دَقِيقَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : أَنْبَتَكُمْ إِنْبَاتًا كَانَ الْمَعْنَى أَنْبَتَكُمْ إِنْبَاتًا غَرِيبًا ، وَلَمَّا قَالَ : أَنْبَتْكُمْ نَبَاتًا كَانَ الْمَعْنَى أَنْبَتَكُمْ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا عَجِيبًا ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْإِنْبَاتَ صِفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى , وَصِفَةُ اللَّهِ غَيْرُ مَحْسُوسَةٍ لَنَا ، فَلَا نَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِنْبَاتَ إِنْبَاتٌ عَجِيبٌ كَامِلٌ إِلَّا بِوَاسِطَةِ إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا الْمَقَامُ مَقَامُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِالسَّمْعِ ، أَمَّا لَمَّا قَالَ : "أَنْبَتَكُمْ نَبَاتًا" عَلَى مَعْنَى أَنَبَتَكُمْ فَنَبَتُّمْ نَبَاتًا عَجِيبًا كَامِلًا, كَانَ ذَلِكَ وَصْفًا لِلنَّبَاتِ بِكَوْنِهِ عَجِيبًا كَامِلًا ، وَكَوْنُ النَّبَاتِ كَذَلِكَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ مَحْسُوسٌ ، فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَكَانَ هَذَا مُوَافِقًا لِهَذَا الْمَقَامِ .
فَظَهَرَ أَنَّ الْعُدُولَ مِنْ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ إِلَى هَذَا الْمَجَازِ كَانَ لِهَذَا السِّرِّ اللَّطِيفِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ) فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29426_30340الطَّرِيقَةِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى الِابْتِدَاءِ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِعَادَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) أَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ كَأَنَّهُ قَالَ : يُخْرِجُكُمْ حَقًّا لَا مَحَالَةَ .