[ ص: 139 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) .
النوع السابع : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ) اللمس المس فاستعير للطلب ؛ لأن الماس طالب متعرف يقال : لمسه والتمسه ، ومثله الجس يقال : جسوه بأعينهم وتجسسوه ، والمعنى طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام أهلها ، والحرس اسم مفرد في معنى الحراس كالخدم في معنى الخدام ؛ ولذلك وصف بشديد ولو ذهب إلى معناه لقيل شدادا .
النوع الثامن : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) أي كنا نستمع فالآن متى حاولنا الاستماع رمينا بالشهب ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9شهابا رصدا ) وجوه :
أحدها : قال
مقاتل : يعني رميا من الشهب ورصدا من الملائكة ، وعلى هذا يجب أن يكون التقدير شهابا ورصدا ؛ لأن الرصد غير الشهاب وهو جمع راصد .
وثانيها : قال
الفراء : أي شهابا قد أرصد له ليرجم به ، وعلى هذا الرصد نعت للشهاب ، وهو فعل بمعنى مفعول .
وثالثها : يجوز أن يكون رصدا أي راصدا ، وذلك لأن الشهاب لما كان معدا له ، فكأن الشهاب راصد له ومترصد له, واعلم أنا قد استقصينا في هذه المسألة في تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) [الملك : 5] فإن قيل : هذه الشهب ، كانت موجودة قبل المبعث ، ويدل عليه أمور :
أحدها : أن جميع الفلاسفة المتقدمين تكلموا في أسباب انقضاض هذه الشهب ، وذلك يدل على أنها كانت موجودة قبل المبعث .
وثانيها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=19786_32435في خلق الكواكب فائدتين ، التزيين ورجم الشياطين .
وثالثها : أن وصف هذا الانقضاض جاء في شعر أهل الجاهلية ، قال
أوس بن حجر :
فانقض كالدري يتبعه نقع يثور نخاله طنبا
وقال
عوف بن الخرع :
يرد علينا العير من دون إلفه أو الثور كالدري يتبعه الدم
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
علي بن الحسين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013878بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار فقال : ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية ؟ فقالوا كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم " الحديث إلى آخره ذكرناه في تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) قالوا : فثبت بهذه الوجوه ، أن هذه
nindex.php?page=treesubj&link=32436الشهب كانت موجودة قبل المبعث ، فما معنى تخصيصها بمحمد عليه الصلاة والسلام ؟ و ( الجواب ) : مبني على مقامين :
المقام الأول : أن هذه الشهب ما كانت موجودة قبل المبعث, وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013879كان الجن يصعدون إلى السماء فيستمعون الوحي فإذا سمعوا [ ص: 140 ] الكلمة زادوا فيها تسعا ، أما الكلمة فإنها تكون حقة ، وأما الزيادات فتكون باطلة, فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم ، ولم تكن النجوم يرى بها قبل ذلك ، فقال لهم إبليس : ما هذا إلا لأمر حدث في الأرض ، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ، الحديث إلى آخره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : لم يرم بنجم منذ رفع
عيسى حتى بعث رسول الله فرمي بها ، فرأت
قريش أمرا ما رأوه قبل ذلك فجعلوا يسيبون أنعامهم ويعتقون رقابهم ، يظنون أنه الفناء ، فبلغ ذلك بعض أكابرهم ، فقال : لم فعلتم ما أرى ؟ قالوا : رمي بالنجوم فرأيناها تتهافت من السماء ، فقال : اصبروا فإن تكن نجوما معروفة فهو وقت فناء الناس ، وإن كانت نجوما لا تعرف فهو أمر قد حدث فنظروا ، فإذا هي لا تعرف ، فأخبروه فقال : في الأمر مهلة ، وهذا عند ظهور نبي فما مكثوا إلا يسيرا حتى قدم
أبو سفيان على أمواله وأخبر أولئك الأقوام بأنه ظهر
محمد بن عبد الله ويدعي أنه نبي مرسل ، وهؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قد توالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة بها ؛ طعنا منهم في هذه المعجزة ، وكذا الأشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها مختلقة عليهم ومنحولة .
المقام الثاني : وهو الأقرب إلى الصواب أن هذه
nindex.php?page=treesubj&link=32436الشهب كانت موجودة قبل المبعث إلا أنها زيدت بعد المبعث وجعلت أكمل وأقوى ، وهذا هو الذي يدل عليه لفظ القرآن ؛ لأنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8فوجدناها ملئت ) وهذا يدل على أن الحادث هو الملء والكثرة وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9نقعد منها مقاعد ) أي كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس والشهب والآن ملئت المقاعد كلها ، فعلى هذا الذي حمل الجن على الضرب في البلاد وطلب السبب ، إنما هو كثرة الرجم ومنع الاستراق بالكلية .
[ ص: 139 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) .
النَّوْعُ السَّابِعُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ) اللَّمْسُ الْمَسُّ فَاسْتُعِيرَ لِلطَّلَبِ ؛ لِأَنَّ الْمَاسَّ طَالِبٌ مُتَعَرِّفٌ يُقَالُ : لَمَسَهُ وَالْتَمَسَهُ ، وَمِثْلُهُ الْجَسُّ يُقَالُ : جَسُّوهُ بِأَعْيُنِهِمْ وَتَجَسَّسُوهُ ، وَالْمَعْنَى طَلَبْنَا بُلُوغَ السَّمَاءِ وَاسْتِمَاعَ كَلَامِ أَهْلِهَا ، وَالْحَرَسُ اسْمٌ مُفْرَدٌ فِي مَعْنَى الْحُرَّاسِ كَالْخَدَمِ فِي مَعْنَى الْخُدَّامِ ؛ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِشَدِيدٍ وَلَوْ ذَهَبَ إِلَى مَعْنَاهُ لَقِيلَ شِدَادًا .
النَّوْعُ الثَّامِنُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) أَيْ كُنَّا نَسْتَمِعُ فَالْآنَ مَتَى حَاوَلْنَا الِاسْتِمَاعَ رُمِينَا بِالشُّهُبِ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9شِهَابًا رَصَدًا ) وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : قَالَ
مُقَاتِلٌ : يَعْنِي رَمْيًا مِنَ الشُّهُبِ وَرَصَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ شِهَابًا وَرَصَدًا ؛ لِأَنَّ الرَّصَدَ غَيْرُ الشِّهَابِ وَهُوَ جَمْعُ رَاصِدٍ .
وَثَانِيهَا : قَالَ
الْفَرَّاءُ : أَيْ شِهَابًا قَدْ أُرْصِدَ لَهُ لِيُرْجَمَ بِهِ ، وَعَلَى هَذَا الرَّصَدُ نَعْتٌ لِلشِّهَابِ ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ .
وَثَالِثُهَا : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَصَدًا أَيْ رَاصِدًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّهَابَ لَمَّا كَانَ مُعَدًّا لَهُ ، فَكَأَنَّ الشِّهَابَ رَاصِدٌ لَهُ وَمُتَرَصِّدٌ لَهُ, وَاعْلَمْ أَنَّا قَدِ اسْتَقْصَيْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) [الْمُلْكِ : 5] فَإِنْ قِيلَ : هَذِهِ الشُّهُبُ ، كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْمَبْعَثِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أُمُورٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ جَمِيعَ الْفَلَاسِفَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَكَلَّمُوا فِي أَسْبَابِ انْقِضَاضِ هَذِهِ الشُّهُبِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْمَبْعَثِ .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) ذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=19786_32435فِي خَلْقِ الْكَوَاكِبِ فَائِدَتَيْنِ ، التَّزْيِينُ وَرَجْمُ الشَّيَاطِينِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ وَصْفَ هَذَا الِانْقِضَاضِ جَاءَ فِي شِعْرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، قَالَ
أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ :
فَانْقَضَّ كَالدَّرِّيِّ يَتْبَعُهُ نَقْعٌ يَثُورُ نَخَالُهُ طُنُبَا
وَقَالَ
عَوْفُ بْنُ الْخَرْعِ :
يَرُدُّ عَلَيْنَا الْعِيرَ مِنْ دُونِ إِلْفِهِ أَوِ الثَّوْرَ كَالدَّرِّيِّ يَتْبَعُهُ الدَّمُ
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013878بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ : مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي مِثْلِ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ فَقَالُوا كُنَّا نَقُولُ : يَمُوتُ عَظِيمٌ أَوْ يُولَدُ عَظِيمٌ " الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) قَالُوا : فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ ، أَنَّ هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=32436الشُّهُبَ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْمَبْعَثِ ، فَمَا مَعْنَى تَخْصِيصِهَا بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؟ وَ ( الْجَوَابُ ) : مَبْنِيٌّ عَلَى مَقَامَيْنِ :
الْمَقَامُ الْأَوَّلُ : أَنَّ هَذِهِ الشُّهُبَ مَا كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْمَبْعَثِ, وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013879كَانَ الْجِنُّ يَصْعَدُونَ إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ فَإِذَا سَمِعُوا [ ص: 140 ] الْكَلِمَةَ زَادُوا فِيهَا تِسْعًا ، أَمَّا الْكَلِمَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَقَّةً ، وَأَمَّا الزِّيَادَاتُ فَتَكُونُ بَاطِلَةً, فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعُوا مَقَاعِدَهُمْ ، وَلَمْ تَكُنِ النُّجُومُ يُرَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ : مَا هَذَا إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ ، فَبَعَثَ جُنُودَهُ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُصَلِّي ، الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : لَمْ يُرْمَ بِنَجْمٍ مُنْذُ رُفِعَ
عِيسَى حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ فَرُمِيَ بِهَا ، فَرَأَتْ
قُرَيْشٌ أَمْرًا مَا رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَجَعَلُوا يُسَيِّبُونَ أَنْعَامَهُمْ وَيَعْتِقُونَ رِقَابَهُمْ ، يَظُنُّونَ أَنَّهُ الْفَنَاءُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بَعْضَ أَكَابِرِهِمْ ، فَقَالَ : لِمَ فَعَلْتُمْ مَا أَرَى ؟ قَالُوا : رُمِيَ بِالنُّجُومِ فَرَأَيْنَاهَا تَتَهَافَتُ مِنَ السَّمَاءِ ، فَقَالَ : اصْبِرُوا فَإِنْ تَكُنْ نُجُومًا مَعْرُوفَةً فَهُوَ وَقْتُ فَنَاءِ النَّاسِ ، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا لَا تُعْرَفُ فَهُوَ أَمْرٌ قَدْ حَدَثَ فَنَظَرُوا ، فَإِذَا هِيَ لَا تُعْرَفُ ، فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ : فِي الْأَمْرِ مُهْلَةٌ ، وَهَذَا عِنْدَ ظُهُورِ نَبِيٍّ فَمَا مَكَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَدِمَ
أَبُو سُفْيَانَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَأَخْبَرَ أُولَئِكَ الْأَقْوَامَ بِأَنَّهُ ظَهَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَهَؤُلَاءِ زَعَمُوا أَنَّ كُتُبَ الْأَوَائِلِ قَدْ تَوَالَتْ عَلَيْهَا التَّحْرِيفَاتُ فَلَعَلَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَلْحَقُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِهَا ؛ طَعْنًا مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ ، وَكَذَا الْأَشْعَارُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَعَلَّهَا مُخْتَلَقَةٌ عَلَيْهِمْ وَمَنْحُولَةٌ .
الْمَقَامُ الثَّانِي : وَهُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ أَنَّ هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=32436الشُّهُبَ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْمَبْعَثِ إِلَّا أَنَّهَا زِيدَتْ بَعْدَ الْمَبْعَثِ وَجُعِلَتْ أَكْمَلَ وَأَقْوَى ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=8فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَادِثَ هُوَ الْمَلْءُ وَالْكَثْرَةُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ ) أَيْ كُنَّا نَجِدُ فِيهَا بَعْضَ الْمَقَاعِدِ خَالِيَةً مِنَ الْحَرَسِ وَالشُّهُبِ وَالْآنَ مُلِئَتِ الْمَقَاعِدُ كُلُّهَا ، فَعَلَى هَذَا الَّذِي حَمَلَ الْجِنَّ عَلَى الضَّرْبِ فِي الْبِلَادِ وَطَلَبِ السَّبَبِ ، إِنَّمَا هُوَ كَثْرَةُ الرَّجْمِ وَمَنْعُ الِاسْتِرَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ .