(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=6هي أشد وطئا ) .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=6هي أشد ) أي مواطأة وملاءمة وموافقة ، وهو مصدر يقال : واطأت فلانا على كذا مواطأة ووطأة ، ومنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37ليواطئوا عدة ما حرم الله ) [التوبة : 37] أي : ليوافقوا ، فإن فسرنا الناشئة بالساعات كان المعنى أنها أشد موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص ، وإن فسرناها بالنفس الناشئة كان المعنى شدة المواطأة بين القلب واللسان ، وإن فسرناها بقيام الليل كان المعنى ما يراد من الخشوع والإخلاص ، وإن فسرناها بما ذكرت كان المعنى أن إفضاء تلك المجاهدات إلى حصول المكاشفات في الليل أشد منه في النهار ، وعن
الحسن أشد موافقة بين السر والعلانية ؛ لانقطاع رؤية الخلائق .
المسألة الثانية : قرئ "أشد وطئا" بالفتح والكسر وفيه وجهان :
الأول : قال
الفراء : أشد ثبات قدم ؛ لأن
[ ص: 156 ] النهار يضطرب فيه الناس ويتقلبون فيه للمعاش .
والثاني : أثقل وأغلظ على المصلي من صلاة النهار ، وهو من قولك : اشتدت على القوم وطأة سلطانهم إذا ثقل عليهم معاملتهم معه ، وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013883اللهم اشدد وطأتك على مضر " فأعلم الله نبيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=1252الثواب في قيام الليل على قدر شدة الوطأة وثقلها ، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام : "
أفضل العبادات أحمزها " أي أشقها . واختار
أبو عبيدة القراءة الأولى ، قال : لأنه تعالى لما أمره بقيام الليل ذكر هذه الآية ، فكأنه قال : إنما أمرتك بصلاة الليل ؛ لأن موافقة القلب واللسان فيه أكمل ، وأيضا الخواطر الليلية إلى المكاشفات الروحانية أتم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=6هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا ) .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=6هِيَ أَشَدُّ ) أَيْ مُوَاطَأَةً وَمُلَاءَمَةً وَمُوَافَقَةً ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يُقَالُ : وَاطَأْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا مُوَاطَأَةً وَوَطْأَةً ، وَمِنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) [التَّوْبَةِ : 37] أَيْ : لِيُوَافِقُوا ، فَإِنْ فَسَّرْنَا النَّاشِئَةَ بِالسَّاعَاتِ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهَا أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِمَا يُرَادُ مِنَ الْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهَا بِالنَّفْسِ النَّاشِئَةِ كَانَ الْمَعْنَى شِدَّةَ الْمُوَاطَأَةِ بَيْنَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهَا بِقِيَامِ اللَّيْلِ كَانَ الْمَعْنَى مَا يُرَادُ مِنَ الْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهَا بِمَا ذَكَرْتُ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ إِفْضَاءَ تِلْكَ الْمُجَاهَدَاتِ إِلَى حُصُولِ الْمُكَاشَفَاتِ فِي اللَّيْلِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي النَّهَارِ ، وَعَنِ
الْحَسَنِ أَشَدُّ مُوَافَقَةً بَيْنَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ ؛ لِانْقِطَاعِ رُؤْيَةِ الْخَلَائِقِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ "أَشَدَّ وَطْئًا" بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : أَشَدُّ ثَبَاتَ قَدَمٍ ؛ لِأَنَّ
[ ص: 156 ] النَّهَارَ يَضْطَرِبُ فِيهِ النَّاسُ وَيَتَقَلَّبُونَ فِيهِ لِلْمَعَاشِ .
وَالثَّانِي : أَثْقَلُ وَأَغْلَظُ عَلَى الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ : اشْتَدَّتْ عَلَى الْقَوْمِ وَطْأَةُ سُلْطَانِهِمْ إِذَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ مُعَامَلَتُهُمْ مَعَهُ ، وَفِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013883اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ " فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1252الثَّوَابَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَلَى قَدْرِ شِدَّةِ الْوَطْأَةِ وَثِقَلِهَا ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحْمَزُهَا " أَيْ أَشَقُّهَا . وَاخْتَارَ
أَبُو عُبَيْدَةَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى ، قَالَ : لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَهُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أَمَرْتُكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ ؛ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فِيهِ أَكْمَلُ ، وَأَيْضًا الْخَوَاطِرُ اللَّيْلِيَّةُ إِلَى الْمُكَاشَفَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ أَتَمُّ .