(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ) المعنى : إنك لما اتخذتني وكيلا فاصبر على ما يقولون وفوض أمرهم إلي فإنني لما كنت وكيلا لك أقوم بإصلاح أمرك أحسن من قيامك بإصلاح أمور نفسك ، واعلم أن مهمات العباد محصورة في أمرين : كيفية معاملتهم مع الله ، وكيفية معاملتهم مع الخلق . والأول أهم من الثاني ، فلما ذكر تعالى في أول هذه السورة ما يتعلق بالقسم الأول أتبعه بما يتعلق بالقسم الثاني ، وهو سبحانه جمع كل ما يحتاج إليه من هذا الباب في هاتين الكلمتين ؛ وذلك لأن الإنسان إما أن يكون مخالطا للناس أو مجانبا عنهم . فإن خالطهم فلا بد له من المصابرة على إيذائهم وإيحاشهم ، فإنه إن كان يطمع منهم في الخير والراحة لم يجد فيقع في الغموم والأحزان ، فثبت أن
nindex.php?page=treesubj&link=27347_19576من أراد مخالطة مع الخلق فلا بد له من الصبر الكثير ، فأما إن ترك المخالطة فذاك هو الهجر الجميل ، فثبت أنه لا بد لكل إنسان من أحد هذين الأمرين ، والهجر الجميل أن يجانبهم بقلبه وهواه ويخالفهم في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة ، ونظيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فأعرض عنهم وعظهم ) [ النساء : 63] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199وأعرض عن الجاهلين ) [ الأعراف : 199] (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ) [ النجم : 29] قال المفسرون : هذه الآية إنما نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بالأمر بالقتال ، وقال آخرون : بل ذلك هو الأخذ بإذن الله فيما يكون أدعى إلى القبول فلا يرد النسخ في مثله ، وهذا أصح .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا )
اعلم أنه إذا اهتم إنسان بمهم وكان غيره قادرا على كفاية ذلك المهم على سبيل التمام والكمال قال له : ذرني أنا وذاك ، أي : لا حاجة مع اهتمامي بذاك إلى شيء آخر ، وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فذرني ومن يكذب ) [ القلم : 44] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11أولي النعمة ) بالفتح التنعم ، وبالكسر الإنعام ، وبالضم المسرة ، يقال : أنعم بك ونعمك عينا ، أي : أسر عينك ، وهم صناديد
قريش وكانوا أهل تنعم وترفه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11ومهلهم قليلا ) فيه وجهان :
أحدهما : المراد من القليل الحياة الدنيا .
والثاني : المراد من القليل تلك المدة القليلة الباقية إلى يوم
بدر ، فإن الله أهلكهم في ذلك اليوم .
[ ص: 160 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) الْمَعْنَى : إِنَّكَ لَمَّا اتَّخَذْتَنِي وَكِيلًا فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَفَوِّضْ أَمْرَهُمْ إِلَيَّ فَإِنَّنِي لَمَّا كُنْتُ وَكِيلًا لَكَ أَقُومُ بِإِصْلَاحِ أَمْرِكَ أَحْسَنَ مِنْ قِيَامِكَ بِإِصْلَاحِ أُمُورِ نَفْسِكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ مُهِمَّاتِ الْعِبَادِ مَحْصُورَةٌ فِي أَمْرَيْنِ : كَيْفِيَّةِ مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ اللَّهِ ، وَكَيْفِيَّةِ مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ الْخَلْقِ . وَالْأَوَّلُ أَهَمُّ مِنَ الثَّانِي ، فَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَتْبَعَهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ جَمَعَ كَلَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا لِلنَّاسِ أَوْ مُجَانِبًا عَنْهُمْ . فَإِنْ خَالَطَهُمْ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمُصَابَرَةِ عَلَى إِيذَائِهِمْ وَإِيحَاشِهِمْ ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ يَطْمَعُ مِنْهُمْ فِي الْخَيْرِ وَالرَّاحَةِ لَمْ يَجِدْ فَيَقَعَ فِي الْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ ، فَثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27347_19576مَنْ أَرَادَ مُخَالَطَةً مَعَ الْخَلْقِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الصَّبْرِ الْكَثِيرِ ، فَأَمَّا إِنْ تَرَكَ الْمُخَالَطَةَ فَذَاكَ هُوَ الْهَجْرُ الْجَمِيلُ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ ، وَالْهَجْرُ الْجَمِيلُ أَنْ يُجَانِبَهُمْ بِقَلْبِهِ وَهَوَاهُ وَيُخَالِفَهُمْ فِي الْأَفْعَالِ مَعَ الْمُدَارَاةِ وَالْإِغْضَاءِ وَتَرْكِ الْمُكَافَأَةِ ، وَنَظِيرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=63فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ ) [ النِّسَاءِ : 63] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) [ الْأَعْرَافِ : 199] (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) [ النَّجْمِ : 29] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّمَا نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ الْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِالْأَمْرِ بِالْقِتَالِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْأَخْذُ بِإِذْنِ اللَّهِ فِيمَا يَكُونُ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ فَلَا يَرِدُ النَّسْخُ فِي مِثْلِهِ ، وَهَذَا أَصَحُّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا )
اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا اهْتَمَّ إِنْسَانٌ بِمُهِمٍّ وَكَانَ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَى كِفَايَةِ ذَلِكَ الْمُهِمِّ عَلَى سَبِيلِ التَّمَامِ وَالْكَمَالِ قَالَ لَهُ : ذَرْنِي أَنَا وَذَاكَ ، أَيْ : لَا حَاجَةَ مَعَ اهْتِمَامِي بِذَاكَ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ ) [ الْقَلَمِ : 44] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11أُولِي النَّعْمَةِ ) بِالْفَتْحِ التَّنَعُّمُ ، وَبِالْكَسْرِ الْإِنْعَامُ ، وَبِالضَّمِّ الْمَسَرَّةُ ، يُقَالُ : أَنْعَمَ بِكَ وَنَعِمَكَ عَيْنًا ، أَيْ : أَسَرَّ عَيْنَكَ ، وَهُمْ صَنَادِيدُ
قُرَيْشٍ وَكَانُوا أَهْلَ تَنَعُّمٍ وَتَرَفُّهٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ) فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْمُرَادُ مِنَ الْقَلِيلِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا .
وَالثَّانِي : الْمُرَادُ مِنَ الْقَلِيلِ تِلْكَ الْمُدَّةُ الْقَلِيلَةُ الْبَاقِيَةُ إِلَى يَوْمِ
بَدْرٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَهْلَكَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .
[ ص: 160 ]