(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ليفجر أمامه nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ليفجر أمامه )
اعلم أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد ) عطف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب ) ، فيجوز فيه أن يكون أيضا استفهاما كأنه استفهم عن شيء ثم استفهم عن شيء آخر ، ويجوز أن يكون إيجابا كأنه استفهم أولا ثم أتى بهذا الإخبار ثانيا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5ليفجر أمامه ) فيه قولان :
الأول : أي ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، يقول : سوف أتوب ، حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوأ أعماله .
القول الثاني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5ليفجر أمامه ) أي : ليكذب بما أمامه من البعث والحساب ، لأن من كذب حقا كان كاذبا وفاجرا
[ ص: 193 ] والدليل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة ) فالمعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5يريد الإنسان ليفجر أمامه ) أي : ليكذب بيوم القيامة وهو أمامه ، فهو يسأل أيان يوم القيامة ، متى يكون ذلك تكذيبا له .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يسأل أيان يوم القيامة ) أي : يسأل سؤال مستنعت مستبعد لقيام الساعة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أيان يوم القيامة ) ، ونظيره (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=25يقولون متى هذا الوعد ) واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28760_29564إنكار البعث تارة يتولد من الشبهة وأخرى من الشهوة . أما من الشبهة فهو الذي حكاه الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ) وتقريره : أن الإنسان هو هذا البدن ، فإذا مات تفرقت أجزاء البدن واختلطت تلك الأجزاء بسائر أجزاء التراب وتفرقت في مشارق الأرض ومغاربها ، فكان تمييزها بعد ذلك عن غيرها محالا ، فكان البعث محالا . واعلم أن هذه الشبهة ساقطة من وجهين :
الأول : لا نسلم أن الإنسان هو هذا البدن فلم لا يجوز أن يقال : إنه شيء مدبر لهذا البدن ، فإذا فسد هذا البدن بقي هو حيا كما كان . وحينئذ يكون الله تعالى قادرا على أن يرده إلى أي بدن شاء وأراد ، وعلى هذا القول يسقط السؤال ، وفي الآية إشارة إلى هذا لأنه أقسم بالنفس اللوامة ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ) وهو تصريح بالفرق بين النفس والبدن .
الثاني : إن سلمنا أن الإنسان هو هذا البدن فلم قلتم : إنه بعد تفريق أجزائه لا يمكن جمعه مرة أخرى ، وذلك لأنه تعالى عالم بجميع الجزئيات فيكون عالما بالجزء الذي هو بدن عمرو ، وهو تعالى قادر على كل الممكنات وذلك التركيب من الممكنات ، وإلا لما وجد أولا ، فيلزم أن يكون قادرا على تركيبها . ومتى ثبت
nindex.php?page=treesubj&link=33679كونه تعالى عالما بجميع الجزئيات قادرا على جميع الممكنات لا يبقى في المسألة إشكال .
وأما القسم الثاني : وهو
nindex.php?page=treesubj&link=28760إنكار من أنكر المعاد بناء على الشهوة فهو الذي حكاه الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ) ومعناه أن الإنسان الذي يميل طبعه إلى الاسترسال في الشهوات والاستكثار من اللذات لا يكاد يقر بالحشر والنشر وبعث الأموات لئلا تتنغص عليه اللذات الجسمانية ، فيكون أبدا منكرا لذلك قائلا على سبيل الهزؤ والسخرية (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أيان يوم القيامة ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ )
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ ) عَطْفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ ) ، فَيَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا اسْتِفْهَامًا كَأَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ اسْتَفْهَمَ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابًا كَأَنَّهُ اسْتَفْهَمَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِهَذَا الْإِخْبَارِ ثَانِيًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) فِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَيْ لِيَدُومَ عَلَى فُجُورِهِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنَ الزَّمَانِ لَا يَنْزِعُ عَنْهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : يُقَدِّمُ الذَّنْبَ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ ، يَقُولُ : سَوْفَ أَتُوبُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ أَحْوَالِهِ وَأَسْوَأِ أَعْمَالِهِ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) أَيْ : لِيَكْذِبَ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ ، لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ حَقًّا كَانَ كَاذِبًا وَفَاجِرًا
[ ص: 193 ] وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) فَالْمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) أَيْ : لِيُكَذِّبَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَمَامَهُ ، فَهُوَ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ تَكْذِيبًا لَهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) أَيْ : يَسْأَلُ سُؤَالَ مُسْتَنْعِتٍ مُسْتَبْعِدٍ لِقِيَامِ السَّاعَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) ، وَنَظِيرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=25يَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ) وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28760_29564إِنْكَارَ الْبَعْثِ تَارَةً يَتَوَلَّدُ مِنَ الشُّبْهَةِ وَأُخْرَى مِنَ الشَّهْوَةِ . أَمَّا مِنَ الشُّبْهَةِ فَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) وَتَقْرِيرُهُ : أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ ، فَإِذَا مَاتَ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاءُ الْبَدَنِ وَاخْتَلَطَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِسَائِرِ أَجْزَاءِ التُّرَابِ وَتَفَرَّقَتْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا ، فَكَانَ تَمْيِيزُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهَا مُحَالًا ، فَكَانَ الْبَعْثُ مُحَالًا . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ سَاقِطَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ شَيْءٌ مُدَبِّرٌ لِهَذَا الْبَدَنِ ، فَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْبَدَنُ بَقِيَ هُوَ حَيًّا كَمَا كَانَ . وَحِينَئِذٍ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى أَيِّ بَدَنٍ شَاءَ وَأَرَادَ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَسْقُطُ السُّؤَالُ ، وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا لِأَنَّهُ أَقْسَمَ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=3أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ .
الثَّانِي : إِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ فَلِمَ قُلْتُمْ : إِنَّهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ أَجْزَائِهِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ مَرَّةً أُخْرَى ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ فَيَكُونُ عَالِمًا بِالْجُزْءِ الَّذِي هُوَ بَدَنُ عَمْرٍو ، وَهُوَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ وَذَلِكَ التَّرْكِيبُ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ ، وَإِلَّا لَمَا وُجِدَ أَوَّلًا ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَرْكِيبِهَا . وَمَتَى ثَبَتَ
nindex.php?page=treesubj&link=33679كَوْنُهُ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ لَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=28760إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ الْمَعَادَ بِنَاءً عَلَى الشَّهْوَةِ فَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=5بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَمِيلُ طَبْعُهُ إِلَى الِاسْتِرْسَالِ فِي الشَّهَوَاتِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ اللَّذَّاتِ لَا يَكَادُ يُقِرُّ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَبَعْثِ الْأَمْوَاتِ لِئَلَّا تَتَنَغَّصَ عَلَيْهِ اللَّذَّاتُ الْجُسْمَانِيَّةُ ، فَيَكُونُ أَبَدًا مُنْكِرًا لِذَلِكَ قَائِلًا عَلَى سَبِيلِ الْهُزُؤِ وَالسُّخْرِيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) .