(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فإذا برق البصر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يقول الإنسان يومئذ أين المفر )
ثم إنه تعالى ذكر علامات القيامة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فإذا برق البصر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى ذكر من
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30249علامات القيامة في هذا الموضع أمورا ثلاثة :
أولها : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فإذا برق البصر ) قرئ بكسر الراء وفتحها ، قال
الأخفش : المكسورة في كلامهم أكثر والمفتوحة لغة أيضا . قال
الزجاج : برق بصره بكسر الراء يبرق برقا إذا تحير ، والأصل فيه أن يكثر الإنسان من النظر إلى لمعان البرق ، فيؤثر ذلك في ناظره ، ثم يستعمل ذلك في كل حيرة ، وإن لم يكن هناك نظر إلى البرق ، كما قالوا : قمر بصره إذا فسد من النظر إلى القمر ، ثم استعير في الحيرة ، وكذلك بعل الرجل في أمره ، أي تحير ودهش ، وأصله من قولهم : بعلت المرأة إذا فاجأها زوجها ، فنظرت إليه وتحيرت ، وأما برق بفتح الراء ، فهو من البريق ، أي لمع من شدة شخوصه ، وقرأ
أبو السمال : " بلق " بمعنى انفتح ، يقال : بلق الباب وأبلقته وبلقته فتحته .
[ ص: 194 ] المسألة الثانية : اختلفوا في أن هذه الحالة : متى تحصل ؟ فقيل : عند الموت ، وقيل : عند البعث ، وقيل : عند رؤية جهنم ، فمن قال : إن هذا يكون عند الموت ، قال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=32891البصر يبرق على معنى يشخص عند معاينة أسباب الموت والملائكة ، كما يوجد ذلك في كل واحد إذا قرب موته ، ومن مال إلى هذا التأويل ، قال : إنهم إنما سألوه عن يوم القيامة ، لكنه تعالى ذكر هذه الحادثة عند الموت ، والسبب فيه من وجهين :
الأول : أن المنكر لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أيان يوم القيامة ) على سبيل الاستهزاء فقيل له : إذا برق البصر وقرب الموت زالت عنه الشكوك ، وتيقن حينئذ أن الذي كان عليه من إنكار البعث والقيامة خطأ .
الثاني : أنه إذا قرب موته وبرق بصره تيقن أن إنكار البعث لأجل طلب اللذات الدنيوية كان باطلا ، وأما من قال بأن ذلك إنما يكون عند قيام القيامة ، قال : لأن السؤال إنما كان عن يوم القيامة ، فوجب أن يقع الجواب بما يكون من خواصه وآثاره ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : يحتمل أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=33930المراد من خسوف القمر ذهاب ضوئه كما نعقله من حاله إذا خسف في الدنيا ، ويحتمل أن يكون المراد ذهابه بنفسه كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فخسفنا به وبداره الأرض ) [ القصص : 81] .
المسألة الثانية : قرئ : " وخسف القمر " على البناء للمفعول .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكروا في
nindex.php?page=treesubj&link=28910_33679كيفية الجمع وجوها :
أحدها : أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ) [ يس : 40] فإذا جاء وقت القيامة أدرك كل واحد منهما صاحبه واجتمعا .
وثانيها : جمعا في ذهاب الضوء ، فهو كما يقال :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يجمع ما بين كذا وكذا في حكم كذا .
وثالثها : يجمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران في النار ، وقيل : يجمعان ثم يقذفان في البحر ، فهناك نار الله الكبرى . واعلم أن هذه الوجوه التي ذكرناها في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) إنما تستقيم على مذهب من يجعل برق البصر من علامات القيامة ، فأما من يجعل برق البصر من علامات الموت ، قال : معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وخسف القمر ) أي ذهب ضوء البصر عند الموت ، يقال : عين خاسفة ، إذا فقئت حتى غابت حدقتها في الرأس ، وأصلها من خسفت الأرض إذا ساخت بما عليها ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) كناية عن ذهاب الروح إلى عالم الآخرة كأن الآخرة كالشمس ، فإنه يظهر فيها المغيبات وتتضح فيها المبهمات ، والروح كالقمر فإنه كما أن القمر يقبل النور من الشمس ، فكذا
nindex.php?page=treesubj&link=32886الروح تقبل نور المعارف من عالم الآخرة ، ولا شك أن تفسير هذه الآيات بعلامات القيامة أولى من تفسيرها بعلامات الموت وأشد مطابقة لها .
المسألة الثانية : قال
الفراء : إنما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2جمع ) ولم يقل : جمعت ؛ لأن المراد أنه جمع بينهما في زوال النور وذهاب الضوء ، وقال
الكسائي : المعنى جمع النوران أو الضياءان ، وقال
أبو عبيدة : القمر شارك الشمس في الجمع ، وهو مذكر ، فلا جرم غلب جانب التذكير في اللفظ ، قال
الفراء : قلت لمن نصر هذا القول : كيف تقولون : الشمس جمع والقمر ؟ فقالوا : جمعت ، فقلت : ما الفرق بين الموضعين ؟ فرجع عن هذا القول .
المسألة الثالثة : طعنت الملاحدة في الآية ، وقالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=33930_33679خسوف القمر لا يحصل حال اجتماع الشمس والقمر . والجواب : الله تعالى قادر على أن يجعل القمر منخسفا ، سواء كانت الأرض متوسطة بينه وبين الشمس ، أو لم تكن ، والدليل عليه أن الأجسام متماثلة ، فيصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر
[ ص: 195 ] والله قادر على كل الممكنات ، فوجب أن يقدر على إزالة الضوء عن القمر في جميع الأحوال .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) أي : يقول هذا الإنسان
nindex.php?page=treesubj&link=28760المنكر للقيامة إذا عاين هذه الأحوال : أين المفر ؟ والقراءة المشهورة بفتح الفاء ، وقرئ أيضا بكسر الفاء ، والمفر بفتح الفاء هو الفرار ، قال
الأخفش والزجاج : المصدر من فعل يفعل مفتوح العين . وهو قول جمهور أهل اللغة ، والمعنى أين الفرار ، وقول القائل : أين الفرار ؟ يحتمل معنيين :
أحدهما : أنه لا يرى علامات مكنة الفرار فيقول حينئذ : أين الفرار ؟ كما إذا أيس من وجدان زيد يقول : أين زيد ؟
والثاني : أن يكون المعنى إلى أين الفرار . وأما المفر بكسر الفاء فهو الموضع ، فزعم بعض أهل اللغة أن المفر بفتح الفاء كما يكون اسما للمصدر ، فقد يكون أيضا اسما للموضع ، والمفر بكسر الفاء كما يكون اسما للموضع ، فقد يكون مصدرا ، ونظيره المرجع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ )
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30249عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أُمُورًا ثَلَاثَةً :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=7فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ) قُرِئَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا ، قَالَ
الْأَخْفَشُ : الْمَكْسُورَةُ فِي كَلَامِهِمْ أَكْثَرُ وَالْمَفْتُوحَةُ لُغَةٌ أَيْضًا . قَالَ
الزَّجَّاجُ : بَرِقَ بَصَرُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ يَبْرُقُ بَرْقًا إِذَا تَحَيَّرَ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُكْثِرَ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى لَمَعَانِ الْبَرْقِ ، فَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي نَاظِرِهِ ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَيْرَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَظَرٌ إِلَى الْبَرْقِ ، كَمَا قَالُوا : قَمِرَ بَصَرُهُ إِذَا فَسَدَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْقَمَرِ ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ فِي الْحَيْرَةِ ، وَكَذَلِكَ بَعِلَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ ، أَيْ تَحَيَّرَ وَدَهِشَ ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : بَعَلَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا فَاجَأَهَا زَوْجُهَا ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَتَحَيَّرَتْ ، وَأَمَّا بَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ ، فَهُوَ مِنَ الْبَرِيقِ ، أَيْ لَمَعَ مِنْ شِدَّةِ شُخُوصِهِ ، وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ : " بَلَقَ " بِمَعْنَى انْفَتَحَ ، يُقَالُ : بَلَقَ الْبَابُ وَأَبْلَقْتُهُ وَبَلَقْتُهُ فَتَحْتُهُ .
[ ص: 194 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ : مَتَى تَحْصُلُ ؟ فَقِيلَ : عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَقِيلَ : عِنْدَ الْبَعْثِ ، وَقِيلَ : عِنْدَ رُؤْيَةِ جَهَنَّمَ ، فَمَنْ قَالَ : إِنَّ هَذَا يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32891الْبَصَرَ يَبْرُقُ عَلَى مَعْنَى يَشْخَصُ عِنْدَ مُعَايَنَةِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةِ ، كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ إِذَا قَرُبَ مَوْتُهُ ، وَمَنْ مَالَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ، قَالَ : إِنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَكِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْحَادِثَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَالسَّبَبُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُنْكِرَ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=6أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ فَقِيلَ لَهُ : إِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَقَرُبَ الْمَوْتُ زَالَتْ عَنْهُ الشُّكُوكُ ، وَتَيَقَّنَ حِينَئِذٍ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مِنْ إِنْكَارِ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ خَطَأٌ .
الثَّانِي : أَنَّهُ إِذَا قَرُبَ مَوْتُهُ وَبَرِقَ بَصَرُهُ تَيَقَّنَ أَنَّ إِنْكَارَ الْبَعْثِ لِأَجْلِ طَلَبِ اللَّذَّاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَانَ بَاطِلًا ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : لِأَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا كَانَ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ الْجَوَابُ بِمَا يَكُونُ مِنْ خَوَاصِّهِ وَآثَارِهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=33930الْمُرَادُ مِنْ خُسُوفِ الْقَمَرِ ذَهَابَ ضَوْئِهِ كَمَا نَعْقِلُهُ مِنْ حَالِهِ إِذَا خَسَفَ فِي الدُّنْيَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ذَهَابَهُ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ) [ الْقَصَصِ : 81] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ : " وَخُسِفَ الْقَمَرُ " عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28910_33679كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ) [ يس : 40] فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْقِيَامَةِ أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَاجْتَمَعَا .
وَثَانِيهَا : جُمِعَا فِي ذَهَابِ الضَّوْءِ ، فَهُوَ كَمَا يُقَالُ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ يَجْمَعُ مَا بَيْنَ كَذَا وَكَذَا فِي حُكْمِ كَذَا .
وَثَالِثُهَا : يُجْمَعَانِ أَسْوَدَيْنِ مُكَوَّرَيْنِ كَأَنَّهُمَا ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ ، وَقِيلَ : يُجْمَعَانِ ثُمَّ يُقْذَفَانِ فِي الْبَحْرِ ، فَهُنَاكَ نَارُ اللَّهِ الْكُبْرَى . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) إِنَّمَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُ بَرْقَ الْبَصَرِ مِنْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ ، فَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُ بَرْقَ الْبَصَرِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ ، قَالَ : مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=8وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) أَيْ ذَهَبَ ضَوْءُ الْبَصَرِ عِنْدَ الْمَوْتِ ، يُقَالُ : عَيْنٌ خَاسِفَةٌ ، إِذَا فُقِئَتْ حَتَّى غَابَتْ حَدَقَتُهَا فِي الرَّأْسِ ، وَأَصْلُهَا مِنْ خَسَفَتِ الْأَرْضُ إِذَا سَاخَتْ بِمَا عَلَيْهَا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) كِنَايَةٌ عَنْ ذَهَابِ الرُّوحِ إِلَى عَالَمِ الْآخِرَةِ كَأَنَّ الْآخِرَةَ كَالشَّمْسِ ، فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْمُغَيَّبَاتُ وَتَتَّضِحُ فِيهَا الْمُبْهَمَاتُ ، وَالرُّوحُ كَالْقَمَرِ فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْقَمَرَ يَقْبَلُ النُّورَ مِنَ الشَّمْسِ ، فَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32886الرُّوحُ تَقْبَلُ نُورَ الْمَعَارِفِ مِنْ عَالَمِ الْآخِرَةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِعَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهَا بِعَلَامَاتِ الْمَوْتِ وَأَشَدُّ مُطَابَقَةً لَهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : إِنَّمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2جَمَعَ ) وَلَمْ يَقُلْ : جُمِعَتْ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي زَوَالِ النُّورِ وَذَهَابِ الضَّوْءِ ، وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ : الْمَعْنَى جُمِعَ النُّورَانِ أَوِ الضِّيَاءَانِ ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْقَمَرُ شَارَكَ الشَّمْسَ فِي الْجَمْعِ ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ ، فَلَا جَرَمَ غَلَبَ جَانِبُ التَّذْكِيرِ فِي اللَّفْظِ ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : قُلْتُ لِمَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ : كَيْفَ تَقُولُونَ : الشَّمْسُ جُمِعَ وَالْقَمَرُ ؟ فَقَالُوا : جُمِعَتْ ، فَقُلْتُ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ؟ فَرَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : طَعَنَتِ الْمَلَاحِدَةُ فِي الْآيَةِ ، وَقَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=33930_33679خُسُوفُ الْقَمَرِ لَا يَحْصُلُ حَالَ اجْتِمَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ . وَالْجَوَابُ : اللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْقَمَرَ مُنْخَسِفًا ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْأَرْضُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَجْسَامَ مُتَمَاثِلَةٌ ، فَيَصِحُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا يَصِحُّ عَلَى الْآخَرِ
[ ص: 195 ] وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إِزَالَةِ الضَّوْءِ عَنِ الْقَمَرِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=10يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ) أَيْ : يَقُولُ هَذَا الْإِنْسَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=28760الْمُنْكِرُ لِلْقِيَامَةِ إِذَا عَايَنَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ : أَيْنَ الْمَفَرُّ ؟ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ ، وَقُرِئَ أَيْضًا بِكَسْرِ الْفَاءِ ، وَالْمَفَرُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ هُوَ الْفِرَارُ ، قَالَ
الْأَخْفَشُ وَالزَّجَّاجُ : الْمَصْدَرُ مِنْ فَعَلَ يَفْعَلُ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ . وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ ، وَالْمَعْنَى أَيْنَ الْفِرَارُ ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ : أَيْنَ الْفِرَارُ ؟ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَا يَرَى عَلَامَاتِ مُكْنَةِ الْفِرَارِ فَيَقُولُ حِينَئِذٍ : أَيْنَ الْفِرَارُ ؟ كَمَا إِذَا أَيَسَ مِنْ وِجْدَانِ زَيْدٍ يَقُولُ : أَيْنَ زِيدٌ ؟
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِلَى أَيْنَ الْفِرَارُ . وَأَمَّا الْمَفِرُّ بِكَسْرِ الْفَاءِ فَهُوَ الْمَوْضِعُ ، فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَفَرَّ بِفَتْحِ الْفَاءِ كَمَا يَكُونُ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ ، فَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا اسْمًا لِلْمَوْضِعِ ، وَالْمَفِرُّ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا يَكُونُ اسْمًا لِلْمَوْضِعِ ، فَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا ، وَنَظِيرُهُ الْمَرْجِعُ .