(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وقيل من راق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وظن أنه الفراق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وقيل من راق ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : في " راق " وجهان :
الأول : أن يكون من الرقية ، يقال : رقاه يرقيه رقية ، إذا عوذه بما يشفيه ، كما يقال : بسم الله أرقيك ، وقائل هذا القول على هذا الوجه ، هم الذين يكونون حول الإنسان المشرف على الموت ، ثم هذا الاستفهام يحتمل أن يكون بمعنى الطلب كأنهم طلبوا له طبيبا يشفيه ، وراقيا يرقيه ، ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الإنكار ، كما يقول القائل عند اليأس : من الذي يقدر أن يرقي هذا
nindex.php?page=treesubj&link=32882_32883_32872الإنسان المشرف على الموت .
الوجه الثاني : أن يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27من راق ) من رقي يرقي رقيا ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93ولن نؤمن لرقيك ) [ الإسراء : 93] وعلى هذا الوجه يكون قائل هذا القول هم الملائكة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن
nindex.php?page=treesubj&link=32883_29747_30539الملائكة يكرهون القرب من الكافر ، فيقول ملك الموت : من يرقى بهذا الكافر ، وقال
الكلبي : يحضر العبد عند الموت سبعة أملاك من ملائكة الرحمة ، وسبعة من ملائكة العذاب مع ملك الموت ، فإذا بلغت نفس العبد التراقي نظر بعضهم إلى بعض ، أيهم يرقى بروحه إلى السماء ، فهو (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27من راق ) .
المسألة الثانية : قال
الواحدي : إن إظهار النون عند حروف الفم لحسن ، فلا يجوز إظهار نون " من " في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27من راق ) ، وروى
حفص عن
عاصم إظهار النون في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27من راق ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14بل ران ) قال
أبو علي الفارسي : ولا أعرف وجه ذلك ، قال
الواحدي : والوجه أن يقال : قصد الوقف على " من " و " بل " ، فأظهرها ثم ابتدأ بما بعدهما ، وهذا غير مرضي من القراءة .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وظن أنه الفراق ) قال المفسرون : المراد أنه أيقن بمفارقته الدنيا ، ولعله إنما سمي اليقين ههنا بالظن لأن الإنسان ما دام يبقى روحه متعلقا ببدنه ، فإنه يطمع في الحياة لشدة حبه لهذه الحياة العاجلة على ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كلا بل تحبون العاجلة ) ولا ينقطع رجاؤه عنها فلا يحصل له يقين الموت ، بل الظن
[ ص: 205 ] الغالب مع رجاء الحياة ، أو لعله سماه بالظن على سبيل التهكم .
واعلم أن الآية دالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=32886الروح جوهر قائم بنفسه باق بعد موت البدن ، لأنه تعالى سمى الموت فراقا ، والفراق إنما يكون لو كانت الروح باقية ، فإن الفراق والوصال صفة ، والصفة تستدعي وجود الموصوف .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق ) الالتفاف هو الاجتماع ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=104جئنا بكم لفيفا ) [ الإسراء : 104] وفي الساق قولان :
القول الأول : أنه الأمر الشديد ، قال أهل المعاني : لأن الإنسان إذا دهمته شدة شمر لها عن ساقه ، فقيل للأمر الشديد : ساق ، وتقول العرب : قامت الحرب على ساق ، أي اشتدت ، قال
الجعدي :
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
ثم قال : والمراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق ) أي التفت شدة مفارقة الدنيا ولذاتها وشدة الذهاب ، أو التفت شدة ترك الأهل ، وترك الولد ، وترك المال ، وترك الجاه ، وشدة شماتة الأعداء ، وغم الأولياء ، وبالجملة
nindex.php?page=treesubj&link=32882_32883فالشدائد هناك كثيرة ، كشدة الذهاب إلى الآخرة ، والقدوم على الله ، أو التفت شدة ترك الأحباب والأولياء ، وشدة الذهاب إلى دار الغربة .
والقول الثاني : أن المراد من الساق هذا العضو المخصوص ، ثم ذكروا على هذا القول وجوها :
أحدها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وقتادة : هما ساقاه عند الموت ، أما رأيته في النزع كيف يضرب بإحدى رجليه على الأخرى .
والثاني : قال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب : هما ساقاه إذا التفتا في الكفن .
والثالث : أنه إذا مات يبست ساقاه ، والتصقت إحداهما بالأخرى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي " رَاقٍ " وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ مِنَ الرُّقْيَةِ ، يُقَالُ : رَقَاهُ يَرْقِيهِ رُقْيَةً ، إِذَا عَوَّذَهُ بِمَا يَشْفِيهِ ، كَمَا يُقَالُ : بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ ، وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، هُمُ الَّذِينَ يَكُونُونَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ ، ثُمَّ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ كَأَنَّهُمْ طَلَبُوا لَهُ طَبِيبًا يَشْفِيهِ ، وَرَاقِيًا يَرْقِيهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ عِنْدَ الْيَأْسِ : مَنِ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يَرْقِيَ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32882_32883_32872الْإِنْسَانَ الْمُشْرِفَ عَلَى الْمَوْتِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27مَنْ رَاقٍ ) مِنْ رَقِيَ يَرْقِي رُقِيًّا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ ) [ الْإِسْرَاءِ : 93] وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ هُمُ الْمَلَائِكَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32883_29747_30539الْمَلَائِكَةَ يَكْرَهُونَ الْقُرْبَ مِنَ الْكَافِرِ ، فَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ : مَنْ يَرْقَى بِهَذَا الْكَافِرِ ، وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يَحْضُرُ الْعَبْدَ عِنْدَ الْمَوْتِ سَبْعَةُ أَمْلَاكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ ، وَسَبْعَةٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ مَعَ مَلَكِ الْمَوْتِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ التَّرَاقِيَ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، أَيُّهُمْ يَرْقَى بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَهُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27مَنْ رَاقٍ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : إِنَّ إِظْهَارَ النُّونِ عِنْدَ حُرُوفِ الْفَمِ لَحَسَنٌ ، فَلَا يَجُوزُ إِظْهَارُ نُونِ " مَنْ " فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27مَنْ رَاقٍ ) ، وَرَوَى
حَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ إِظْهَارَ النُّونِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27مَنْ رَاقٍ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14بَلْ رَانَ ) قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَ ذَلِكَ ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ : قُصِدَ الْوَقْفُ عَلَى " مَنْ " وَ " بَلْ " ، فَأَظْهَرَهَا ثُمَّ ابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهُمَا ، وَهَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ مِنَ الْقِرَاءَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : الْمُرَادُ أَنَّهُ أَيْقَنَ بِمُفَارَقَتِهِ الدُّنْيَا ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْيَقِينُ هَهُنَا بِالظَّنِّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَا دَامَ يَبْقَى رُوحُهُ مُتَعَلِّقًا بِبَدَنِهِ ، فَإِنَّهُ يَطْمَعُ فِي الْحَيَاةِ لِشِدَّةِ حُبِّهِ لِهَذِهِ الْحَيَاةِ الْعَاجِلَةِ عَلَى مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=20كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) وَلَا يَنْقَطِعُ رَجَاؤُهُ عَنْهَا فَلَا يَحْصُلُ لَهُ يَقِينُ الْمَوْتِ ، بَلِ الظَّنُّ
[ ص: 205 ] الْغَالِبُ مَعَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ ، أَوْ لَعَلَّهُ سَمَّاهُ بِالظَّنِّ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32886الرُّوحَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ بَاقٍ بَعْدِ مَوْتِ الْبَدَنِ ، لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى الْمَوْتَ فِرَاقًا ، وَالْفِرَاقُ إِنَّمَا يَكُونُ لَوْ كَانَتِ الرُّوحُ بَاقِيَةً ، فَإِنَّ الْفِرَاقَ وَالْوِصَالَ صِفَةٌ ، وَالصِّفَةُ تَسْتَدْعِي وُجُودَ الْمَوْصُوفِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) الِالْتِفَافُ هُوَ الِاجْتِمَاعُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=104جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 104] وَفِي السَّاقِ قَوْلَانِ :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ ، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا دَهَمَتْهُ شِدَّةٌ شَمَّرَ لَهَا عَنْ سَاقِهِ ، فَقِيلَ لِلْأَمْرِ الشَّدِيدِ : سَاقٌ ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ : قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ ، أَيِ اشْتَدَّتْ ، قَالَ
الْجَعْدِيُّ :
أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا وَإِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا
ثُمَّ قَالَ : وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) أَيِ الْتَفَّتْ شِدَّةُ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا وَشِدَّةُ الذَّهَابِ ، أَوِ الْتَفَّتْ شِدَّةُ تَرْكِ الْأَهْلِ ، وَتَرْكِ الْوَلَدِ ، وَتَرْكِ الْمَالِ ، وَتَرْكِ الْجَاهِ ، وَشِدَّةُ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ ، وَغَمِّ الْأَوْلِيَاءِ ، وَبِالْجُمْلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=32882_32883فَالشَّدَائِدُ هُنَاكَ كَثِيرَةٌ ، كَشِدَّةِ الذَّهَابِ إِلَى الْآخِرَةِ ، وَالْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ ، أَوِ الْتَفَّتْ شِدَّةُ تَرْكِ الْأَحْبَابِ وَالْأَوْلِيَاءِ ، وَشِدَّةُ الذَّهَابِ إِلَى دَارِ الْغُرْبَةِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ السَّاقِ هَذَا الْعُضْوُ الْمَخْصُوصُ ، ثُمَّ ذَكَرُوا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ : هُمَا سَاقَاهُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، أَمَا رَأَيْتَهُ فِي النَّزْعِ كَيْفَ يَضْرِبُ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى .
وَالثَّانِي : قَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : هُمَا سَاقَاهُ إِذَا الْتَفَّتَا فِي الْكَفَنِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ إِذَا مَاتَ يَبِسَتْ سَاقَاهُ ، وَالْتَصَقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى .