( إلى ربك يومئذ المساق  فلا صدق ولا صلى  ولكن كذب وتولى  ثم ذهب إلى أهله يتمطى    ) . 
ثم قال تعالى : ( إلى ربك يومئذ المساق     ) المساق مصدر من ساق يسوق ، كالمقال من قال يقول ، ثم فيه وجهان : 
أحدهما : أن يكون المراد أن المسوق إليه هو الرب . 
والثاني : أن يكون المراد أن السائق في ذلك اليوم هو الرب ، أي سوق هؤلاء مفوض إليه . 
قوله تعالى : ( فلا صدق ولا صلى  ولكن كذب وتولى  ثم ذهب إلى أهله يتمطى    ) وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : أنه تعالى شرح كيفية عمله فيما يتعلق بأصول الدين وبفروعه  ، وفيما يتعلق بدنياه . أما ما يتعلق بأصول الدين فهو أنه ما صدق بالدين ، ولكنه كذب به ، وأما ما يتعلق بفروع الدين ، فهو أنه ما صلى ولكنه تولى وأعرض ، وأما ما يتعلق بدنياه ، فهو أنه ذهب إلى أهله يتمطى ، ويتبختر ، ويختال في مشيته ، واعلم أن الآية دالة على أن الكافر يستحق الذم والعقاب بترك الصلاة كما يستحقهما بترك الإيمان    . 
المسألة الثانية : قوله : ( فلا صدق    ) حكاية عمن ؟ فيه قولان : 
الأول : أنه كناية عن الإنسان في قوله : ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه    ) [ القيامة : 3] ألا ترى إلى قوله : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى    ) [ القيامة : 36] وهو معطوف على قوله : ( يسأل أيان يوم القيامة    ) . 
والقول الثاني : أن الآية نزلت في أبي جهل    . 
المسألة الثالثة : في " يتمطى    " قولان : 
أحدهما : أن أصله يتمطط ، أي : يتمدد ؛ لأن المتبختر يمد خطاه ،   [ ص: 206 ] فقلبت الطاء فيه ياء ، كما قيل في تقصى أصله تقصص . 
والثاني : من المطى وهو الظهر ؛ لأنه يلويه ، وفي الحديث : " إذا مشت أمتي المطيطى   " أي : مشية المتبختر . 
المسألة الرابعة : قال أهل العربية : " لا " ههنا في موضع " لم " ، فقوله : ( فلا صدق ولا صلى    ) أي : لم يصدق ولم يصل ، وهو كقوله : ( فلا اقتحم العقبة    ) أي : لم يقتحم ، وكذلك ما روي في الحديث : " أرأيت من لا أكل ولا شرب ، ولا استهل   " قال الكسائي    : لم أر العرب قالت في مثل هذا كلمة وحدها حتى تتبعها بأخرى ، إما مصرحا أو مقدرا ، أما المصرح ، فلا يقولون : لا عبد الله خارج ؛ حتى يقولوا : ولا فلان ، ولا يقولون : مررت برجل لا يحسن ؛ حتى يقولوا : ولا يجمل ، وأما المقدر فهو كقوله : ( فلا اقتحم العقبة    ) [ البلد : 11] ثم اعترض الكلام ، فقال : ( وما أدراك ما العقبة  فك رقبة  أو إطعام    ) [ البلد : 12] وكان التقدير : لا فك رقبة ، ولا أطعم مسكينا ، فاكتفى به مرة واحدة ، ومنهم من قال : التقدير في قوله ( فلا اقتحم    ) أي : أفلا اقتحم ، وهلا اقتحم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					