(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إما شاكرا وإما كفورا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إما شاكرا وإما كفورا ) فيه مسائل :
المسألة الأولى : في الآية أقوال :
الأول : أن " شاكرا " أو " كفورا " حالان من الهاء في " هديناه السبيل " ، أي : هديناه السبيل كونه شاكرا وكفورا ، والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30458كل ما يتعلق بهداية الله وإرشاده فقد تم حالتي الكفر والإيمان .
والقول الثاني : أنه انتصب قوله شاكرا وكفورا بإضمار كان ، والتقدير : سواء كان شاكرا أو كان كفورا .
والقول الثالث : معناه
nindex.php?page=treesubj&link=30458إنا هديناه السبيل ، ليكون إما شاكرا وإما كفورا ، أي : ليتميز شكره من كفره ، وطاعته من معصيته ؛ كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) [ هود : 7] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا ) [ العنكبوت : 3] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) [ محمد : 31] قال
القفال : ومجاز هذه الكلمة على هذا التأويل قول القائل : قد نصحت لك ، إن شئت فاقبل ، وإن شئت فاترك ، أي : فإن شئت ، فتحذف الفاء ، فكذا المعنى : إنا هديناه السبيل فإما شاكرا وإما كفورا ، فتحذف الفاء ، وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد ، أي : إنا هديناه السبيل ، فإن شاء فليكفر وإن شاء فليشكر ، فإنا قد أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) [ الكهف : 29] .
القول الرابع : أن يكونا حالين من السبيل ، أي : عرفناه السبيل ، أي : إما سبيلا شاكرا ، وإما سبيلا كفورا ، ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز .
واعلم أن هذه الأقوال كلها لائقة بمذهب
المعتزلة .
والقول الخامس : وهو المطابق لمذهب أهل السنة ، واختيار
الفراء : أن تكون " إما " في هذه الآية كـ " إما " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=106إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) [ التوبة : 106] ، والتقدير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إنا هديناه السبيل ) ثم جعلناه تارة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3شاكرا ) أو تارة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3كفورا ) ويتأكد هذا التأويل بما روي أنه قرأ
أبو السمال بفتح الهمزة في " أما " ، والمعنى : أما شاكرا فبتوفيقنا وأما كفورا فبخذلاننا ، قالت
المعتزلة : هذا التأويل باطل ؛ لأنه تعالى ذكر بعد هذه الآية تهديد الكفار فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ) ولو كان كفر الكافر من الله وبخلقه لما جاز منه أن يهدده
[ ص: 212 ] عليه ، ولما بطل هذا التأويل ثبت أن الحق هو التأويل الأول ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=30458أنه تعالى هدى جميع المكلفين ، سواء آمن أو كفر ، وبطل بهذا قول
المجبرة : أنه تعالى لم يهد الكافر إلى الإيمان ، أجاب أصحابنا : بأنه تعالى لما علم من الكافر أنه لا يؤمن ثم كلفه بأن يؤمن فقد كلفه بأن يجمع بين العلم بعدم الإيمان ووجود الإيمان ، وهذا تكليف بالجمع بين المتنافيين ، فإن لم يصر هذا عذرا في سقوط التهديد والوعيد جاز أيضا أن يخلق الكفر فيه ، ولا يصير ذلك عذرا في سقوط الوعيد ، وإذا ثبت هذا ظهر أن هذا التأويل هو الحق ، وأن التأويل اللائق بقول
المعتزلة ليس بحق ، وبطل به قول
المعتزلة .
المسألة الثانية : أنه تعالى ذكر نعمه على الإنسان فابتدأ بذكر النعم الدنيوية ، ثم ذكر بعده النعم الدينية ، ثم ذكر هذه القسمة .
واعلم أنه لا يمكن تفسير الشاكر والكفور بمن يكون مشتغلا بفعل الشكر وفعل الكفران وإلا لم يتحقق الحصر ، بل المراد من الشاكر الذي يكون مقرا معترفا بوجوب شكر خالقه عليه ، والمراد من الكفور الذي لا يقر بوجوب الشكر عليه ، إما لأنه ينكر الخالق أو لأنه وإن كان يثبته لكنه ينكر وجوب الشكر عليه ، وحينئذ يتحقق الحصر وهو أن المكلف إما أن يكون شاكرا وإما أن يكون كفورا ، واعلم أن
الخوارج احتجوا بهذه الآية على أنه لا واسطة بين المطيع والكافر ، قالوا : لأن الشاكر هو المطيع ، والكفور هو الكافر ، والله تعالى نفى الواسطة ، وذلك يقتضي أن يكون كل ذنب كفرا ، وأن يكون كل مذنب كافرا ، واعلم أن البيان الذي لخصناه يدفع هذا الإشكال ، فإنه ليس المراد من الشاكر الذي يكون مشتغلا بفعل الشكر ، فإن ذلك باطل طردا وعكسا . أما الطرد فلأن اليهودي قد يكون شاكرا لربه مع أنه لا يكون مطيعا لربه ، والفاسق قد يكون شاكرا لربه ، مع أنه لا يكون مطيعا لربه ، وأما العكس فلأن
nindex.php?page=treesubj&link=30483_30502المؤمن قد لا يكون مشتغلا بالشكر ولا بالكفران ، بل يكون ساكنا غافلا عنهما ، فثبت أنه لا يمكن تفسير الشاكر بذلك ، بل لا بد وأن يفسر الشاكر بمن يقر بوجوب الشكر ، والكفور بمن لا يقر بذلك ، وحينئذ يثبت الحصر ، ويسقط سؤالهم بالكلية . والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ " شَاكِرًا " أَوْ " كَفُورًا " حَالَانِ مِنَ الْهَاءِ فِي " هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ " ، أَيْ : هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ كَوْنَهُ شَاكِرًا وَكَفُورًا ، وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30458كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِدَايَةِ اللَّهِ وَإِرْشَادِهِ فَقَدْ تَمَّ حَالَتَيِ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ انْتُصِبَ قَوْلُهُ شَاكِرًا وَكَفُورًا بِإِضْمَارِ كَانَ ، وَالتَّقْدِيرُ : سَوَاءٌ كَانَ شَاكِرًا أَوْ كَانَ كَفُورًا .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : مَعْنَاهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30458إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ، لِيَكُونَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، أَيْ : لِيَتَمَيَّزَ شُكْرُهُ مِنْ كُفْرِهِ ، وَطَاعَتُهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ؛ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) [ هُودٍ : 7] ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 3] ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=31وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) [ مُحَمَّدٍ : 31] قَالَ
الْقَفَّالُ : وَمَجَازُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ الْقَائِلِ : قَدْ نَصَحْتُ لَكَ ، إِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْ ، أَيْ : فَإِنْ شِئْتَ ، فَتُحْذَفُ الْفَاءُ ، فَكَذَا الْمَعْنَى : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ فَإِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، فَتُحْذَفُ الْفَاءُ ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْوَعِيدِ ، أَيْ : إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ، فَإِنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ وَإِنْ شَاءَ فَلْيَشْكُرْ ، فَإِنَّا قَدْ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ كَذَا وَلِلشَّاكِرِينَ كَذَا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) [ الْكَهْفِ : 29] .
الْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ مِنَ السَّبِيلِ ، أَيْ : عَرَّفْنَاهُ السَّبِيلَ ، أَيْ : إِمَّا سَبِيلًا شَاكِرًا ، وَإِمَّا سَبِيلًا كَفُورًا ، وَوَصْفُ السَّبِيلِ بِالشُّكْرِ وَالْكُفْرِ مَجَازٌ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا لَائِقَةٌ بِمَذْهَبِ
الْمُعْتَزِلَةِ .
وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَاخْتِيَارُ
الْفَرَّاءِ : أَنْ تَكُونَ " إِمَّا " فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَـ " إِمَّا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=106إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) [ التَّوْبَةِ : 106] ، وَالتَّقْدِيرُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ ) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ تَارَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3شَاكِرًا ) أَوْ تَارَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3كَفُورًا ) وَيَتَأَكَّدُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي " أَمَّا " ، وَالْمَعْنَى : أَمَّا شَاكِرًا فَبِتَوْفِيقِنَا وَأَمَّا كَفُورًا فَبِخِذْلَانِنَا ، قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : هَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ تَهْدِيدَ الْكُفَّارِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ) وَلَوْ كَانَ كُفْرُ الْكَافِرِ مِنَ اللَّهِ وَبِخَلْقِهِ لَمَا جَازَ مِنْهُ أَنْ يُهَدِّدَهُ
[ ص: 212 ] عَلَيْهِ ، وَلَمَّا بَطَلَ هَذَا التَّأْوِيلُ ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30458أَنَّهُ تَعَالَى هَدَى جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ ، سَوَاءٌ آمَنَ أَوْ كَفَرَ ، وَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُ
الْمُجْبِرَةِ : أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَهْدِ الْكَافِرَ إِلَى الْإِيمَانِ ، أَجَابَ أَصْحَابُنَا : بِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَلِمَ مِنَ الْكَافِرِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ ثُمَّ كَلَّفَهُ بِأَنْ يُؤْمِنَ فَقَدْ كَلَّفَهُ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ وَوُجُودِ الْإِيمَانِ ، وَهَذَا تَكْلِيفٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَصِرْ هَذَا عُذْرًا فِي سُقُوطِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ جَازَ أَيْضًا أَنْ يَخْلُقَ الْكُفْرَ فِيهِ ، وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي سُقُوطِ الْوَعِيدِ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّ التَّأْوِيلَ اللَّائِقَ بِقَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ لَيْسَ بِحَقٍّ ، وَبَطَلَ بِهِ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ نِعَمَهُ عَلَى الْإِنْسَانِ فَابْتَدَأَ بِذِكْرِ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ النِّعَمَ الدِّينِيَّةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُ الشَّاكِرِ وَالْكَفُورِ بِمَنْ يَكُونُ مُشْتَغِلًا بِفِعْلِ الشُّكْرِ وَفِعْلِ الْكُفْرَانِ وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْحَصْرُ ، بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الشَّاكِرِ الَّذِي يَكُونُ مُقِرًّا مُعْتَرِفًا بِوُجُوبِ شُكْرِ خَالِقِهِ عَلَيْهِ ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْكُفُورِ الَّذِي لَا يُقِرُّ بِوُجُوبِ الشُّكْرِ عَلَيْهِ ، إِمَّا لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْخَالِقَ أَوْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُثْبِتُهُ لَكِنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الشُّكْرِ عَلَيْهِ ، وَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْحَصْرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَاكِرًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَفُورًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ
الْخَوَارِجَ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْكَافِرِ ، قَالُوا : لِأَنَّ الشَّاكِرَ هُوَ الْمُطِيعُ ، وَالْكَفُورَ هُوَ الْكَافِرُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى نَفَى الْوَاسِطَةَ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذَنْبٍ كُفْرًا ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مُذْنِبٍ كَافِرًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيَانَ الَّذِي لَخَّصْنَاهُ يَدْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الشَّاكِرِ الَّذِي يَكُونُ مُشْتَغِلًا بِفِعْلِ الشُّكْرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ طَرْدًا وَعَكْسًا . أَمَّا الطَّرْدُ فَلِأَنَّ الْيَهُودِيَّ قَدْ يَكُونُ شَاكِرًا لِرَبِّهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُطِيعًا لِرَبِّهِ ، وَالْفَاسِقَ قَدْ يَكُونُ شَاكِرًا لِرَبِّهِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُطِيعًا لِرَبِّهِ ، وَأَمَّا الْعَكْسُ فَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30483_30502الْمُؤْمِنَ قَدْ لَا يَكُونُ مُشْتَغِلًا بِالشُّكْرِ وَلَا بِالْكُفْرَانِ ، بَلْ يَكُونُ سَاكِنًا غَافِلًا عَنْهُمَا ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُ الشَّاكِرِ بِذَلِكَ ، بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يُفَسَّرَ الشَّاكِرُ بِمَنْ يُقِرُّ بِوُجُوبِ الشُّكْرِ ، وَالْكَفُورُ بِمَنْ لَا يُقِرُّ بِذَلِكَ ، وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْحَصْرُ ، وَيَسْقُطُ سُؤَالُهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .