(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا )
واعلم أنه تعالى لما ذكر هذا النهي عقبه بالأمر ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29047_24428واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) ، وفي هذه الآية قولان :
الأول : أن المراد هو الصلاة ، قالوا : لأن التقييد بالبكرة والأصيل يدل على أن المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك ) الصلوات . ثم قالوا : البكرة هي صلاة الصبح ، والأصيل صلاة الظهر والعصر , (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له ) المغرب والعشاء ، فتكون هذه الكلمات جامعة الصلوات الخمس ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وسبحه ليلا طويلا ) المراد منه
nindex.php?page=treesubj&link=23660_1251التهجد ، ثم اختلفوا فيه فقال بعضهم : كان ذلك من الواجبات على الرسول عليه السلام ، ثم نسخ كما ذكرنا في سورة المزمل ، واحتجوا عليه بأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26فاسجد له وسبحه ) أمر ، وهو للوجوب ، لا سيما إذا تكرر على سبيل المبالغة ، وقال آخرون : بل المراد التطوع ، وحكمه ثابت .
القول الثاني : إن المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك ) إلى آخر الآية ليس هو الصلاة ، بل المراد التسبيح الذي هو القول والاعتقاد ، والمقصود أن يكون ذاكرا لله في جميع الأوقات ليلا ونهارا بقلبه ولسانه ، وهو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وسبحوه بكرة وأصيلا ) [ الأحزاب : 42 ] .
واعلم أن في الآية لطيفة أخرى ، وهي أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ) أي : هديناك إلى هذه الأسرار ، وشرحنا صدرك بهذه الأنوار ، وإذ قد فعلنا بك ذلك فكن منقادا مطيعا لأمرنا ، وإياك وأن تكون منقادا مطيعا لغيرنا . ثم لما أمره بطاعته ونهاه عن طاعة غيره قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك ) وهذا إشارة إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=31825_32410العقول البشرية ليس عندها إلا معرفة الأسماء والصفات ، أما معرفة الحقيقة فلا ، فتارة يقال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك ) وهو إشارة إلى معرفة الأسماء ، وتارة يقال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205واذكر ربك في نفسك ) [ الأعراف : 205 ] وهو
[ ص: 230 ] إشارة إلى مقام الصفات ، وأما معرفة الحقيقة المخصوصة التي هي المستلزمة لسائر اللوازم السلبية والإضافية ، فلا سبيل لشيء من الممكنات والمحدثات إلى الوصول إليها والاطلاع عليها ، فسبحان من اختفى عن العقول لشدة ظهوره ، واحتجب عنها بكمال نوره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا )
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذَا النَّهْيَ عَقَّبَهُ بِالْأَمْرِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=29047_24428وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ) ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الصَّلَاةُ ، قَالُوا : لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبُكْرَةِ وَالْأَصِيلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) الصَّلَوَاتُ . ثُمَّ قَالُوا : الْبُكْرَةُ هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ ، وَالْأَصِيلُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ ) الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ جَامِعَةً الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ) الْمُرَادُ مِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=23660_1251التَّهَجُّدُ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ نُسِخَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ ) أَمْرٌ ، وَهُوَ لِلْوُجُوبِ ، لَا سِيَّمَا إِذَا تَكَرَّرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : بَلِ الْمُرَادُ التَّطَوُّعُ ، وَحُكْمُهُ ثَابِتٌ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ لَيْسَ هُوَ الصَّلَاةَ ، بَلِ الْمُرَادُ التَّسْبِيحُ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ وَالِاعْتِقَادُ ، وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لَيْلًا وَنَهَارًا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) [ الْأَحْزَابِ : 42 ] .
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ لَطِيفَةً أُخْرَى ، وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ) أَيْ : هَدَيْنَاكَ إِلَى هَذِهِ الْأَسْرَارِ ، وَشَرَحْنَا صَدْرَكَ بِهَذِهِ الْأَنْوَارِ ، وَإِذْ قَدْ فَعَلْنَا بِكَ ذَلِكَ فَكُنْ مُنْقَادًا مُطِيعًا لِأَمْرِنَا ، وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَكُونَ مُنْقَادًا مُطِيعًا لِغَيْرِنَا . ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُ بِطَاعَتِهِ وَنَهَاهُ عَنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31825_32410الْعُقُولَ الْبَشَرِيَّةَ لَيْسَ عِنْدَهَا إِلَّا مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، أَمَّا مَعْرِفَةُ الْحَقِيقَةِ فَلَا ، فَتَارَةً يُقَالُ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَسْمَاءِ ، وَتَارَةً يُقَالُ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ ) [ الْأَعْرَافِ : 205 ] وَهُوَ
[ ص: 230 ] إِشَارَةٌ إِلَى مَقَامِ الصِّفَاتِ ، وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْحَقِيقَةِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي هِيَ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِسَائِرِ اللَّوَازِمِ السَّلْبِيَّةِ وَالْإِضَافِيَّةِ ، فَلَا سَبِيلَ لِشَيْءٍ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ وَالْمُحْدَثَاتِ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا ، فَسُبْحَانَ مَنِ اخْتَفَى عَنِ الْعُقُولِ لِشِدَّةِ ظُهُورِهِ ، وَاحْتَجَبَ عَنْهَا بِكَمَالِ نُورِهِ .