(
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32والجبال أرساها nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33متاعا لكم ولأنعامكم nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=34فإذا جاءت الطامة الكبرى )
الصفة الثالثة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32والجبال أرساها ) والكلام في شرح منافع الجبال قد تقدم .
ثم إنه تعالى لما بين كيفية خلقه الأرض وكمية منافعها قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33متاعا لكم ولأنعامكم ) والمعنى : أنا إنما خلقنا هذه الأشياء متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم، واحتج به من قال : إن أفعال الله وأحكامه معللة بالأغراض والمصالح، والكلام فيه قد مر غير مرة، واعلم أنا بينا أنه تعالى إنما ذكر كيفية خلقه السماء والأرض ليستدل بها على كونه قادرا على الحشر والنشر، فلما قرر ذلك وبين إمكان الحشر عقلا أخبر بعد ذلك عن وقوعه .
[ ص: 46 ] فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=34فإذا جاءت الطامة الكبرى ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : الطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع، وفي اشتقاقها وجوه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : أخذت فيما أحسب من قولهم : طم الفرس طميما، إذا استفرغ جهده في الجري، وطم الماء إذا ملأ النهر كله، وقال
الليث : الطم طم البئر بالتراب، وهو الكبس، ويقال : طم السيل الركية إذا دفنها حتى يسويها، ويقال للشيء الذي يكبر حتى يعلو : قد طم، والطامة الحادثة التي تطم على ما سواها، ومن ثم قيل : فوق كل طامة طامة ، قال
القفال : أصل الطم الدفن والعلو، وكل ما غلب شيئا وقهره وأخفاه فقد طمه، ومنه الماء الطامي وهو الكثير الزائد، والطاغي والعاتي والعادي سواء وهو الخارج عن أمر الله تعالى المتكبر، فالطامة اسم لكل داهية عظيمة ينسى ما قبلها في جنبها .
المسألة الثانية : قد ظهر بما ذكرنا أن معنى
nindex.php?page=treesubj&link=30291_30296الطامة الكبرى الداهية الكبرى، ثم اختلفوا في أنها أي شيء هي، فقال قوم : إنها يوم القيامة؛ لأنه يشاهد فيه من النار، ومن الموقف الهائل، ومن الآيات الباهرة الخارجة عن العادة ما ينسى معه كل هائل، وقال
الحسن : إنها هي النفخة الثانية التي عندها تحشر الخلائق إلى موقف القيامة، وقال آخرون : إنه تعالى فسر الطامة الكبرى بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=35يوم يتذكر الإنسان ما سعى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=36وبرزت الجحيم لمن يرى ) فالطامة تكون اسما لذلك الوقت، فيحتمل أن يكون ذلك الوقت وقت قراءة الكتاب على ما قاله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) [الإسراء : 13] ويحتمل أن تكون تلك الساعة هي الساعة التي يساق فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، ثم إنه تعالى وصف ذلك اليوم بوصفين :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=34فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى )
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) وَالْكَلَامُ فِي شَرْحِ مَنَافِعِ الْجِبَالِ قَدْ تَقَدَّمَ .
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ خَلْقِهِ الْأَرْضَ وَكَمِّيَّةَ مَنَافِعِهَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّا إِنَّمَا خَلَقْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُتْعَةً وَمَنْفَعَةً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ، وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ : إِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ وَأَحْكَامَهُ مُعَلَّلَةٌ بِالْأَغْرَاضِ وَالْمَصَالِحِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ قَدْ مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ خَلْقِهِ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ لِيُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، فَلَمَّا قَرَّرَ ذَلِكَ وَبَيَّنَ إِمْكَانَ الْحَشْرِ عَقْلًا أَخْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وُقُوعِهِ .
[ ص: 46 ] فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=34فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الطَّامَّةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الدَّاهِيَةُ الَّتِي لَا تُسْتَطَاعُ، وَفِي اشْتِقَاقِهَا وُجُوهٌ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : أُخِذَتْ فِيمَا أَحْسَبُ مِنْ قَوْلِهِمْ : طَمَّ الْفَرَسُ طَمِيمًا، إِذَا اسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ فِي الْجَرْيِ، وَطَمَّ الْمَاءُ إِذَا مَلَأَ النَّهْرَ كُلَّهُ، وَقَالَ
اللَّيْثُ : الْطَّمُ طَمُّ الْبِئْرِ بِالتُّرَابِ، وَهُوَ الْكَبْسُ، وَيُقَالُ : طَمَّ السَّيْلُ الرَّكِيَّةَ إِذَا دَفَنَهَا حَتَّى يُسَوِّيَهَا، وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي يَكْبُرُ حَتَّى يَعْلُوَ : قَدْ طَمَّ، وَالطَّامَّةُ الْحَادِثَةُ الَّتِي تَطِمُّ عَلَى مَا سِوَاهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ : فَوْقَ كُلِّ طَامَّةٍ طَامَّةٌ ، قَالَ
الْقَفَّالُ : أَصْلُ الْطَّمِّ الدَّفْنُ وَالْعُلُوُّ، وَكُلُّ مَا غَلَبَ شَيْئًا وَقَهَرَهُ وَأَخْفَاهُ فَقَدْ طَمَّهُ، وَمِنْهُ الْمَاءُ الطَّامِي وَهُوَ الْكَثِيرُ الزَّائِدُ، وَالطَّاغِي وَالْعَاتِي وَالْعَادِيُّ سَوَاءٌ وَهُوَ الْخَارِجُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَكَبِّرُ، فَالطَّامَّةُ اسْمٌ لِكُلِّ دَاهِيَةٍ عَظِيمَةٍ يُنْسَى مَا قَبْلَهَا فِي جَنْبِهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ ظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=30291_30296الطَّامَّةِ الْكُبْرَى الدَّاهِيَةُ الْكُبْرَى، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا أَيُّ شَيْءٍ هِيَ، فَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّهَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهَدُ فِيهِ مِنَ النَّارِ، وَمِنَ الْمَوْقِفِ الْهَائِلِ، وَمِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعَادَةِ مَا يُنْسَى مَعَهُ كُلُّ هَائِلٍ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّهَا هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي عِنْدَهَا تُحْشَرُ الْخَلَائِقُ إِلَى مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّهُ تَعَالَى فَسَّرَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=35يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=36وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ) فَالطَّامَّةُ تَكُونُ اسْمًا لِذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتَ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ عَلَى مَا قَالَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ) [الْإِسْرَاءِ : 13] وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ السَّاعَةُ هِيَ السَّاعَةَ الَّتِي يُسَاقُ فِيهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِوَصْفَيْنِ :