(
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23كلا لما يقض ما أمره nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فلينظر الإنسان إلى طعامه nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أنا صببنا الماء صبا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23كلا لما يقض ما أمره ) .
واعلم أن قوله ( كلا ) ردع للإنسان عن تكبره وترفعه، أو عن كفره وإصراره على إنكار التوحيد، وعلى إنكاره البعث والحشر والنشر، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لما يقض ما أمره ) وجوه :
أحدها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : لا يقضي أحد جميع ما كان مفروضا عليه أبدا، وهو إشارة إلى أن الإنسان لا ينفك عن تقصير البتة، وهذا التفسير عندي فيه نظر، لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لما يقض ) الضمير فيه عائد إلى المذكور السابق، وهو الإنسان في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قتل الإنسان ما أكفره ) وليس المراد من الإنسان هاهنا جميع الناس بل الإنسان الكافر، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لما يقض ) كيف يمكن حمله على جميع الناس؟ .
وثانيها : أن يكون المعنى أن الإنسان المترفع المتكبر لم يقض ما أمر به من ترك التكبر، إذ المعنى أن ذلك الإنسان الكافر لم يقض ما أمر به من
nindex.php?page=treesubj&link=19778_19784التأمل في دلائل الله، والتدبر في عجائب خلقه وبينات حكمته .
وثالثها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13428الأستاذ أبو بكر بن فورك : كلا لم يقض الله لهذا الكافر ما أمره من الإيمان وترك التكبر، بل أمره بما لم يقض له به .
واعلم أن عادة الله تعالى جارية في القرآن بأنه كلما ذكر الدلائل الموجودة في الأنفس، فإنه يذكر عقيبها الدلائل الموجودة في الآفاق فجرى هاهنا على تلك العادة وذكر دلائل الآفاق وبدأ بما يحتاج الإنسان إليه .
فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29051_19784_29485_18273فلينظر الإنسان إلى طعامه ) الذي يعيش به كيف دبرنا أمره، ولا شك أنه موضع الاعتبار،
[ ص: 57 ] فإن الطعام الذي يتناوله الإنسان له حالتان : إحداهما : متقدمة وهي الأمور التي لا بد من وجودها حتى يدخل ذلك الطعام في الوجود . والثانية : متأخرة، وهي الأمور التي لا بد منها في بدن الإنسان حتى يحصل له الانتفاع بذلك الطعام المأكول، ولما كان النوع الأول أظهر للحسن وأبعد عن الشبهة، لا جرم اكتفى الله تعالى بذكره، لأن دلائل القرآن لا بد وأن تكون بحيث ينتفع بها كل الخلق، فلا بد وأن تكون أبعد عن اللبس والشبهة، وهذا هو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فلينظر الإنسان إلى طعامه ) واعلم أن النبت إنما يحصل من القطر النازل من السماء الواقع في الأرض، فالسماء كالذكر، والأرض كالأنثى فذكر في
nindex.php?page=treesubj&link=31763بيان نزول القطر .
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أنا صببنا الماء صبا ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قوله : ( صببنا ) المراد منه الغيث، ثم انظر في أنه كيف حدث الغيث المشتمل على هذه المياه العظيمة، وكيف بقي معلقا في جو السماء مع غاية ثقله، وتأمل في أسبابه القريبة والبعيدة، حتى يلوح لك شيء من آثار نور الله وعدله وحكمته، وفي تدبير خلقة هذا العالم .
المسألة الثانية : قرئ إنا بالكسر، وهو على الاستئناف، وأنا بالفتح على البدل من الطعام والتقدير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فلينظر الإنسان ) إلى أنا كيف (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25صببنا الماء ) قال
أبو علي الفارسي : من قرأ بكسر إنا كان ذلك تفسيرا للنظر إلى طعامه، كما أن قوله ( لهم مغفرة ) [النور : 26] تفسير للوعد، ومن فتح فعلى معنى البدل بدل الاشتمال، لأن هذه الأشياء تشتمل على كون الطعام وحدوثه، فهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) [البقرة : 217] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قتل أصحاب الأخدود nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5النار ) [البروج : 4،5] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ ( كَلَّا ) رَدْعٌ لِلْإِنْسَانِ عَنْ تَكَبُّرِهِ وَتَرَفُّعِهِ، أَوْ عَنْ كُفْرِهِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى إِنْكَارِ التَّوْحِيدِ، وَعَلَى إِنْكَارِهِ الْبَعْثَ وَالْحَشْرَ وَالنَّشْرَ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : لَا يَقْضِي أَحَدٌ جَمِيعَ مَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ أَبَدًا، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ تَقْصِيرٍ الْبَتَّةَ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لَمَّا يَقْضِ ) الضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ إِلَى الْمَذْكُورِ السَّابِقِ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِنْسَانِ هَاهُنَا جَمِيعَ النَّاسِ بَلِ الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=23لَمَّا يَقْضِ ) كَيْفَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ؟ .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ الْمُتَرَفِّعَ الْمُتَكَبِّرَ لَمْ يَقْضِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ تَرْكِ التَّكَبُّرِ، إِذِ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ لَمْ يَقْضِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=19778_19784التَّأَمُّلِ فِي دَلَائِلِ اللَّهِ، وَالتَّدَبُّرِ فِي عَجَائِبِ خَلْقِهِ وَبَيِّنَاتِ حِكْمَتِهِ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13428الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ : كَلَّا لَمْ يَقْضِ اللَّهُ لِهَذَا الْكَافِرِ مَا أَمَرَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَتَرْكِ التَّكَبُّرِ، بَلْ أَمَرَهُ بِمَا لَمْ يَقْضِ لَهُ بِهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى جَارِيَةٌ فِي الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ كُلَّمَا ذَكَرَ الدَّلَائِلَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْأَنْفُسِ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ عَقِيبَهَا الدَّلَائِلَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْآفَاقِ فَجَرَى هَاهُنَا عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ وَذَكَرَ دَلَائِلَ الْآفَاقِ وَبَدَأَ بِمَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إِلَيْهِ .
فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29051_19784_29485_18273فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ) الَّذِي يَعِيشُ بِهِ كَيْفَ دَبَّرْنَا أَمْرَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَوْضِعُ الِاعْتِبَارِ،
[ ص: 57 ] فَإِنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ الْإِنْسَانُ لَهُ حَالَتَانِ : إِحْدَاهُمَا : مُتَقَدِّمَةٌ وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا حَتَّى يَدْخُلَ ذَلِكَ الطَّعَامُ فِي الْوُجُودِ . وَالثَّانِيَةُ : مُتَأَخِّرَةٌ، وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ الطَّعَامِ الْمَأْكُولِ، وَلَمَّا كَانَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ أَظْهَرَ لِلْحُسْنِ وَأَبْعَدَ عَنِ الشُّبْهَةِ، لَا جَرَمَ اكْتَفَى اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِ، لِأَنَّ دَلَائِلَ الْقُرْآنِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهَا كُلُّ الْخَلْقِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ أَبْعَدَ عَنِ اللَّبْسِ وَالشُّبْهَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ) وَاعْلَمْ أَنَّ النَّبْتَ إِنَّمَا يَحْصُلُ مِنَ الْقَطْرِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاقِعِ فِي الْأَرْضِ، فَالسَّمَاءُ كَالذَّكَرِ، وَالْأَرْضُ كَالْأُنْثَى فَذُكِرَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31763بَيَانِ نُزُولِ الْقَطْرِ .
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : ( صَبَبْنَا ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْغَيْثُ، ثُمَّ انْظُرْ فِي أَنَّهُ كَيْفَ حَدَثَ الْغَيْثُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى هَذِهِ الْمِيَاهِ الْعَظِيمَةِ، وَكَيْفَ بَقِيَ مُعَلَّقًا فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَعَ غَايَةِ ثِقَلِهِ، وَتَأَمَّلْ فِي أَسْبَابِهِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ، حَتَّى يَلُوحَ لَكَ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ نُورِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَفِي تَدْبِيرِ خِلْقَةِ هَذَا الْعَالَمِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ إِنَّا بِالْكَسْرِ، وَهُوَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَأَنَّا بِالْفَتْحِ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالتَّقْدِيرُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=24فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ ) إِلَى أَنَّا كَيْفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25صَبَبْنَا الْمَاءَ ) قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ إِنَّا كَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلنَّظَرِ إِلَى طَعَامِهِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ ( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) [النُّورِ : 26] تَفْسِيرٌ لِلْوَعْدِ، وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى مَعْنَى الْبَدَلِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَشْتَمِلُ عَلَى كَوْنِ الطَّعَامِ وَحُدُوثِهِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ) [الْبَقَرَةِ : 217] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5النَّارِ ) [الْبُرُوجِ : 4،5] .