(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )
[ ص: 111 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )
اعلم أنه سبحانه لما ذكر قصة أصحاب الأخدود ، أتبعها بما يتفرع عليها من أحكام الثواب والعقاب فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إن الذين فتنوا المؤمنين ) وهاهنا مسائل :
المسألة الأولى : يحتمل أن يكون المراد منه أصحاب الأخدود فقط ، ويحتمل أن يكون المراد كل من فعل ذلك وهذا أولى ; لأن اللفظ عام والحكم عام فالتخصيص ترك للظاهر من غير دليل .
المسألة الثانية : أصل الفتنة الابتلاء والامتحان ، وذلك لأن أولئك الكفار امتحنوا أولئك المؤمنين وعرضوهم على النار وأحرقوهم ، وقال بعض المفسرين الفتنة هي الإحراق بالنار وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومقاتل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فتنوا المؤمنين ) حرقوهم بالنار ، قال
الزجاج : يقال فتنت الشيء أحرقته والفتن أحجار سود كأنها محترقة ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على النار يفتنون ) [ الذاريات : 13 ] .
المسألة الثالثة : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثم لم يتوبوا ) يدل على أنهم لو تابوا لخرجوا عن هذا الوعيد وذلك يدل على القطع بأن
nindex.php?page=treesubj&link=19705_29703_29693الله تعالى يقبل التوبة ، ويدل على أن توبة القاتل عمدا مقبولة خلاف ما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
المسألة الرابعة : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) قولان :
الأول : أن كلا العذابين يحصلان في الآخرة ، إلا أن عذاب جهنم وهو العذاب الحاصل بسبب كفرهم ، وعذاب الحريق هو العذاب الزائد على عذاب الكفر بسبب أنهم أحرقوا المؤمنين ، فيحتمل أن يكون العذاب الأول عذاب برد والثاني عذاب إحراق وأن يكون الأول عذاب إحراق والزائد على الإحراق أيضا إحراق ، إلا أن العذاب الأول كأنه خرج عن أن يسمى إحراقا بالنسبة إلى الثاني ، لأن الثاني قد اجتمع فيه نوعا الإحراق فتكامل جدا فكان الأول ضعيفا ، فلا جرم لم يسم إحراقا .
القول الثاني : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فلهم عذاب جهنم ) إشارة إلى عذاب الآخرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ولهم عذاب الحريق ) إشارة إلى ما ذكرنا أن أولئك الكفار ارتفعت عليهم نار الأخدود فاحترقوا بها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ )
[ ص: 111 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ )
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ قِصَّةَ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ ، أَتْبَعَهَا بِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مِنْ أَحْكَامِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ ) وَهَاهُنَا مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ فَقَطْ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُلَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا أَوْلَى ; لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَالْحُكْمَ عَامٌّ فَالتَّخْصِيصُ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَصْلُ الْفِتْنَةِ الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ امْتَحَنُوا أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَرَضُوهُمْ عَلَى النَّارِ وَأَحْرَقُوهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْفِتْنَةُ هِيَ الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ ) حَرَّقُوهُمْ بِالنَّارِ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : يُقَالُ فَتَنْتُ الشَّيْءَ أَحْرَقْتُهُ وَالْفَتْنُ أَحْجَارٌ سُودٌ كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَةٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ) [ الذَّارِيَاتِ : 13 ] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَوْ تَابُوا لَخَرَجُوا عَنْ هَذَا الْوَعِيدِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19705_29703_29693اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاتِلِ عَمْدًا مَقْبُولَةٌ خِلَافَ مَا يُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ كِلَا الْعَذَابَيْنِ يَحْصُلَانِ فِي الْآخِرَةِ ، إِلَّا أَنَّ عَذَابَ جَهَنَّمَ وَهُوَ الْعَذَابُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ ، وَعَذَابُ الْحَرِيقُ هُوَ الْعَذَابُ الزَّائِدُ عَلَى عَذَابِ الْكُفْرِ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ أَحْرَقُوا الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْعَذَابُ الْأَوَّلُ عَذَابَ بَرْدٍ وَالثَّانِي عَذَابَ إِحْرَاقٍ وَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ عَذَابَ إِحْرَاقٍ وَالزَّائِدُ عَلَى الْإِحْرَاقِ أَيْضًا إِحْرَاقٌ ، إِلَّا أَنَّ الْعَذَابَ الْأَوَّلَ كَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يُسَمَّى إِحْرَاقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِي ، لِأَنَّ الثَّانِي قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ نَوْعَا الْإِحْرَاقِ فَتَكَامَلَ جِدًّا فَكَانَ الْأَوَّلُ ضَعِيفًا ، فَلَا جَرَمَ لَمْ يُسَمَّ إِحْرَاقًا .
الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) إِشَارَةٌ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ ارْتَفَعَتْ عَلَيْهِمْ نَارُ الْأُخْدُودِ فَاحْتَرَقُوا بِهَا .