(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إن بطش ربك لشديد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إنه هو يبدئ ويعيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وهو الغفور الودود nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذو العرش المجيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فعال لما يريد )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إن بطش ربك لشديد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إنه هو يبدئ ويعيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وهو الغفور الودود nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذو العرش المجيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فعال لما يريد )
اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أولا وذكر وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثانيا أردف ذلك الوعد والوعيد بالتأكيد فقال لتأكيد الوعيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إن بطش ربك لشديد ) والبطش هو الأخذ بالعنف فإذا وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم ونظيره (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] ثم إن هذا
nindex.php?page=treesubj&link=30550_33679القادر لا يكون إمهاله لأجل الإهمال ، لكن لأجل أنه حكيم إما بحكم المشيئة أو بحكم المصلحة ، وتأخير هذا الأمر إلى يوم القيامة ، فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إنه هو يبدئ ويعيد ) أي إنه يخلق خلقه ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء ليجازيهم في القيامة ، فذلك الإمهال لهذا السبب لا لأجل الإهمال ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن أهل جهنم تأكلهم النار حتى يصيروا فحما ثم يعيدهم خلقا جديدا ، فذاك هو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إنه هو يبدئ ويعيد ) .
ثم قال لتأكيد الوعد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وهو الغفور الودود ) فذكر من صفات جلاله وكبريائه خمسة .
أولها : الغفور قالت
المعتزلة : هو الغفور لمن تاب ، وقال أصحابنا : إنه غفور مطلقا لمن تاب ولمن لم يتب لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ] ولأن غفران التائب واجب وأداء الواجب لا يوجب التمدح والآية مذكورة في معرض التمدح .
وثانيها : الودود وفيه أقوال .
أحدها : المحب هذا قول أكثر المفسرين ، وهو مطابق للدلائل العقلية ، فإن الخير مقتضى بالذات والشر بالعرض ، ولا بد أن يكون الشر أقل من الخير فالغالب لا بد وأن يكون خيرا فيكون محبوبا بالذات .
وثانيها : قال
الكلبي : الودود هو المتودد إلى أوليائه بالمغفرة والجزاء ، والقول هو الأول .
وثالثها : قال
الأزهري : قال بعض أهل اللغة يجوز أن يكون ودود فعول بمعنى مفعول كركوب وحلوب ، ومعناه أن عباده الصالحين يودونه ويحبونه لما عرفوا من كماله في ذاته وصفاته وأفعاله ، قال : وكلتا الصفتين مدح لأنه جل ذكره إذا أحب عباده المطيعين فهو فضل منه ، وإن أحبه عباده العارفون فلما تقرر عندهم من كريم إحسانه .
ورابعها : قال
القفال : قيل الودود قد يكون بمعنى الحليم من قولهم : دابة ودود وهي المطيعة القياد التي كيف عطفتها انعطفت وأنشد
قطرب :
وأعددت للحرب خيفانة ذلول القياد وقاحا ودودا
[ ص: 113 ] وثالثها : ذو العرش ، قال
القفال : ذو العرش أي ذو الملك والسلطان كما يقال : فلان على سرير ملكه ، وإن لم يكن على السرير ، وكما يقال : ثل عرش فلان إذا ذهب سلطانه ، وهذا معنى متفق على صحته ، وقد يجوز أن يكون المراد بالعرش السرير ، ويكون جل جلاله خلق سريرا في سمائه في غاية العظمة والجلالة بحيث لا يعلم عظمته إلا هو ومن يطلعه عليه .
ورابعها : المجيد ، وفيه قراءتان .
إحداهما : الرفع فيكون ذلك صفة لله سبحانه ، وهو اختيار أكثر القراء والمفسرين لأن المجد من صفات التعالي والجلال ، وذلك لا يليق إلا بالله سبحانه ، والفصل والاعتراض بين الصفة والموصوف في هذا النحو غير ممتنع .
والقراءة الثانية : بالخفض وهي قراءة
حمزة والكسائي ، فيكون ذلك صفة العرش ، وهؤلاء قالوا : القرآن دل على أنه يجوز وصف غير الله بالمجيد حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بل هو قرآن مجيد ) ورأينا أن الله تعالى وصف العرش بأنه كريم فلا يبعد أيضا أن يصفه بأنه مجيد ، ثم قالوا : إن مجد الله عظمته بحسب الوجوب الذاتي وكمال القدرة والحكمة والعلم ، وعظمة العرش علوه في الجهة وعظمة مقداره وحسن صورته وتركيبه ، فإنه قيل : العرش أحسن الأجسام تركيبا وصورة .
وخامسها : أنه فعال لما يريد وفيه مسائل :
المسألة الأولى : فعال خبر مبتدأ محذوف .
المسألة الثانية : من النحويين من قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وهو الغفور الودود ) خبران لمبتدأ واحد ، وهذا ضعيف لأن المقصود بالإسناد إلى المبتدأ إما أن يكون مجموعها أو كل واحد واحد منهما ، فإن كان الأول كان الخبر واحد الآخرين وإن كان الثاني كانت القضية لا واحد قبل قضيتين .
المسألة الثانية : احتج أصحابنا بهذه الآية في مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=28785خلق الأفعال فقالوا : لا شك أنه تعالى يريد الإيمان فوجب أن يكون فاعلا للإيمان بمقتضى هذه الآية وإذا كان فاعلا للإيمان وجب أن يكون فاعلا للكفر ضرورة أنه لا قائل بالفرق ، قال القاضي : ولا يمكن أن يستدل بذلك على أن ما يريده الله تعالى من طاعة الخلق لا بد من أن يقع لأن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فعال لما يريد ) لا يتناول إلا ما إذا وقع كان فعله دون ما إذا وقع لم يكن فعلا له هذه ألفاظ القاضي ولا يخفى ضعفها .
المسألة الرابعة : احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى لا يجب لأحد من المكلفين عليه شيء البتة ، وهو ضعيف لأن الآية دالة على أنه يفعل ما يريد ، فلم قلتم : إنه يريد أن لا يعطي الثواب .
المسألة الخامسة : قال
القفال : فعال لما يريد على ما يراه لا يعترض عليه معترض ولا يغلبه غالب ، فهو يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه منه مانع ، ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم منه ناصر ، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء ويعذب من شاء منهم في الدنيا وفي الآخرة يفعل من هذه الأشياء ومن غيرها ما يريد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ وَعِيدَ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَوَّلًا وَذَكَرَ وَعْدَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثَانِيًا أَرْدَفَ ذَلِكَ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ بِالتَّأْكِيدِ فَقَالَ لِتَأْكِيدِ الْوَعِيدِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) وَالْبَطْشُ هُوَ الْأَخْذُ بِالْعُنْفِ فَإِذَا وُصِفَ بِالشِّدَّةِ فَقَدْ تَضَاعَفَ وَتَفَاقَمَ وَنَظِيرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) [ هُودٍ : 102 ] ثُمَّ إِنَّ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30550_33679الْقَادِرَ لَا يَكُونُ إِمْهَالُهُ لِأَجْلِ الْإِهْمَالِ ، لَكِنْ لِأَجْلِ أَنَّهُ حَكِيمٌ إِمَّا بِحُكْمِ الْمَشِيئَةِ أَوْ بِحُكْمِ الْمَصْلَحَةِ ، وَتَأْخِيرُ هَذَا الْأَمْرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) أَيْ إِنَّهُ يَخْلُقُ خَلْقَهُ ثُمَّ يُفْنِيهِمْ ثُمَّ يُعِيدُهُمْ أَحْيَاءً لِيُجَازِيَهُمْ فِي الْقِيَامَةِ ، فَذَلِكَ الْإِمْهَالُ لِهَذَا السَّبَبِ لَا لِأَجْلِ الْإِهْمَالِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ أَهْلَ جَهَنَّمَ تَأْكُلُهُمُ النَّارُ حَتَّى يَصِيرُوا فَحْمًا ثُمَّ يُعِيدُهُمْ خَلْقًا جَدِيدًا ، فَذَاكَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) .
ثُمَّ قَالَ لِتَأْكِيدِ الْوَعْدِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) فَذَكَرَ مِنْ صِفَاتِ جَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ خَمْسَةً .
أَوَّلُهَا : الْغَفُورُ قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : هُوَ الْغَفُورُ لِمَنْ تَابَ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : إِنَّهُ غَفُورٌ مُطْلَقًا لِمَنْ تَابَ وَلِمَنْ لَمْ يَتُبْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [ النِّسَاءِ : 48 ] وَلِأَنَّ غُفْرَانَ التَّائِبِ وَاجِبٌ وَأَدَاءَ الْوَاجِبِ لَا يُوجِبُ التَّمَدُّحَ وَالْآيَةُ مَذْكُورَةٌ فِي مَعْرِضِ التَّمَدُّحِ .
وَثَانِيهَا : الْوَدُودُ وَفِيهِ أَقْوَالٌ .
أَحَدُهَا : الْمُحِبُّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ ، فَإِنَّ الْخَيْرَ مُقْتَضًى بِالذَّاتِ وَالشَّرَّ بِالْعَرَضِ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرُّ أَقَلَّ مِنَ الْخَيْرِ فَالْغَالِبُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ خَيْرًا فَيَكُونَ مَحْبُوبًا بِالذَّاتِ .
وَثَانِيهَا : قَالَ
الْكَلْبِيُّ : الْوَدُودُ هُوَ الْمُتَوَدِّدُ إِلَى أَوْلِيَائِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْجَزَاءِ ، وَالْقَوْلُ هُوَ الْأَوَّلُ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَدُودٌ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَرَكُوبٍ وَحَلُوبٍ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ يَوَدُّونَهُ وَيُحِبُّونَهُ لِمَا عَرَفُوا مِنْ كَمَالِهِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ ، قَالَ : وَكِلْتَا الصِّفَتَيْنِ مَدْحٌ لِأَنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ إِذَا أَحَبَّ عِبَادَهُ الْمُطِيعِينَ فَهُوَ فَضْلٌ مِنْهُ ، وَإِنْ أَحَبَّهُ عِبَادُهُ الْعَارِفُونَ فَلِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ كَرِيمِ إِحْسَانِهِ .
وَرَابِعُهَا : قَالَ
الْقَفَّالُ : قِيلَ الْوَدُودُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْحَلِيمِ مِنْ قَوْلِهِمْ : دَابَّةٌ وَدُودٌ وَهِيَ الْمُطِيعَةُ الْقِيَادِ الَّتِي كَيْفَ عَطَفْتَهَا انْعَطَفَتْ وَأَنْشَدَ
قُطْرُبٌ :
وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ خَيْفَانَةً ذَلُولَ الْقِيَادِ وَقَاحًا وَدُودًا
[ ص: 113 ] وَثَالِثُهَا : ذُو الْعَرْشِ ، قَالَ
الْقَفَّالُ : ذُو الْعَرْشِ أَيْ ذُو الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّرِيرِ ، وَكَمَا يُقَالُ : ثُلَّ عَرْشُ فُلَانٍ إِذَا ذَهَبَ سُلْطَانُهُ ، وَهَذَا مَعْنًى مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعَرْشِ السَّرِيرَ ، وَيَكُونُ جَلَّ جَلَالُهُ خَلَقَ سَرِيرًا فِي سَمَائِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالَةِ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ عَظَمَتَهُ إِلَّا هُوَ وَمَنْ يُطْلِعُهُ عَلَيْهِ .
وَرَابِعُهَا : الْمَجِيدُ ، وَفِيهِ قِرَاءَتَانِ .
إِحْدَاهُمَا : الرَّفْعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ صِفَةً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ لِأَنَّ الْمَجْدَ مِنْ صِفَاتِ التَّعَالِي وَالْجَلَالِ ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَالْفَصْلُ وَالِاعْتِرَاضُ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ فِي هَذَا النَّحْوِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ .
وَالْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ : بِالْخَفْضِ وَهِيَ قِرَاءَةُ
حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ صِفَةَ الْعَرْشِ ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا : الْقُرْآنُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَصْفُ غَيْرِ اللَّهِ بِالْمَجِيدِ حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) وَرَأَيْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْعَرْشَ بِأَنَّهُ كَرِيمٌ فَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا أَنْ يَصِفَهُ بِأَنَّهُ مَجِيدٌ ، ثُمَّ قَالُوا : إِنَّ مَجْدَ اللَّهِ عَظَمَتُهُ بِحَسَبِ الْوُجُوبِ الذَّاتِيِّ وَكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ ، وَعَظَمَةَ الْعَرْشِ عُلُوُّهُ فِي الْجِهَةِ وَعَظَمَةُ مِقْدَارِهِ وَحُسْنُ صُورَتِهِ وَتَرْكِيبِهِ ، فَإِنَّهُ قِيلَ : الْعَرْشُ أَحْسَنُ الْأَجْسَامِ تَرْكِيبًا وَصُورَةً .
وَخَامِسُهَا : أَنَّهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فَعَّالٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) خَبَرَانِ لِمُبْتَدَأٍ وَاحِدٍ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِسْنَادِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعَهَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ كَانَ الْخَبَرُ وَاحِدَ الْآخَرِينَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ كَانَتِ الْقَضِيَّةُ لَا وَاحِدَ قَبْلَ قَضِيَّتَيْنِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي مَسْأَلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28785خَلْقِ الْأَفْعَالِ فَقَالُوا : لَا شَكَّ أَنَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ الْإِيمَانَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِلْإِيمَانِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ وَإِذَا كَانَ فَاعِلًا لِلْإِيمَانِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِلْكُفْرِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ طَاعَةِ الْخَلْقِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَعَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا مَا إِذَا وَقَعَ كَانَ فِعْلُهُ دُونَ مَا إِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ فِعْلًا لَهُ هَذِهِ أَلْفَاظُ الْقَاضِي وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهَا .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ عَلَيْهِ شَيْءٌ الْبَتَّةَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ، فَلِمَ قُلْتُمْ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الثَّوَابَ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَالَ
الْقَفَّالُ : فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ عَلَى مَا يَرَاهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مُعْتَرِضٌ وَلَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ ، فَهُوَ يُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ مَانِعٌ ، وَيُدْخِلُ أَعْدَاءَهُ النَّارَ لَا يَنْصُرُهُمْ مِنْهُ نَاصِرٌ ، وَيُمْهِلُ الْعُصَاةَ عَلَى مَا يَشَاءُ إِلَى أَنْ يُجَازِيَهُمْ وَيُعَاجِلَ بَعْضَهُمْ بِالْعُقُوبَةِ إِذَا شَاءَ وَيُعَذِّبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ يَفْعَلُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمِنْ غَيْرِهَا مَا يُرِيدُ .