[ ص: 171 ] (
nindex.php?page=treesubj&link=28883_28889سورة الشمس )
خمس عشرة آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2والقمر إذا تلاها )
بسم الله الرحمن الرحيم (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2والقمر إذا تلاها ) قبل الخوض في التفسير لا بد من مسائل :
المسألة الأولى : المقصود من هذه السورة
nindex.php?page=treesubj&link=30514_30531الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي .
واعلم أنه تعالى ينبه عباده دائما بأن يذكر في القسم أنواع مخلوقاته المتضمنة للمنافع العظيمة حتى يتأمل المكلف فيها ويشكر عليها ، لأن الذي يقسم الله تعالى به يحصل له وقع في القلب ، فتكون الدواعي إلى تأمله أقوى .
المسألة الثانية : قد عرفت أن جماعة من أهل الأصول قالوا : التقدير ورب الشمس ورب سائر ما ذكره إلى تمام القسم ، واحتج قوم على بطلان هذه المذاهب ، فقالوا : إن في جملة هذا القسم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5والسماء وما بناها ) وذلك هو الله تعالى فيلزم أن يكون المراد ورب السماء وربها وذلك كالمتناقض ، أجاب القاضي عنه بأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وما بناها ) لا يجوز أن يكون المراد منه هو الله تعالى ، لأن ما لا تستعمل في خالق السماء إلا على ضرب من المجاز ، ولأنه لا يجوز منه تعالى أن يقدم قسمه بغيره على قسمه بنفسه ، ولأنه تعالى لا يكاد يذكر مع غيره على هذا الوجه ، فإذا لا بد من التأويل وهو أن ( ما ) مع ما بعده في حكم المصدر فيكون التقدير : والسماء وبنائها ، واعترض صاحب " الكشاف " عليه فقال : لو كان الأمر على هذا الوجه لزم من عطف قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فألهمها ) عليه فساد النظم .
المسألة الثالثة : القراء مختلفون في فواصل هذه السورة وما أشبهها نحو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1والليل إذا يغشى ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2والليل إذا سجى ) فقرؤوها تارة بالإمالة وتارة بالتفخيم وتارة بعضها بالإمالة وبعضها بالتفخيم ،
[ ص: 172 ] قال
الفراء : بكسر ضحاها ، والآيات التي بعدها وإن كان أصل بعضها الواو نحو : تلاها ، وطحاها ودحاها ، فكذلك أيضا . فإنه لما ابتدئت السورة بحرف الياء أتبعها بما هو من الواو لأن الألف المنقلبة عن الواو قد توافق المنقلبة عن الياء ، ألا ترى أن " تلوت " " وطحوت " ونحوهما قد يجوز في أفعالها أن تنقلب إلى الياء نحو : تلي ودحي ، فلما حصلت هذه الموافقة استجازوا إمالته كما استجازوا إمالة ما كان من الياء ، وأما وجه من ترك الإمالة مطلقا فهو أن كثيرا من العرب لا يميلون هذه الألفات ولا ينحون فيها نحو الياء ، ويقوي ترك الإمالة للألف أن الواو في موسر منقلبة عن الياء ، والياء في ميقات وميزان منقلبة عن الواو ، ولم يلزم من ذلك أن يحصل فيه ما يدل على ذلك الانقلاب ، فكذا ههنا ينبغي أن تترك الألف غير ممالة ولا ينحى بها نحو الياء ، وأما إمالة البعض وترك إمالة البعض ، كما فعله
حمزة فحسن أيضا ، وذلك لأن الألف إنما تمال نحو الياء لتدل على الياء إذا كان انقلابها عن الياء ، ولم يكن في " تلاها " و" طحاها " و" دحاها " ألف منقلبة عن الياء إنما هي منقلبة عن الواو بدلالة تلوت ودحوت .
المسألة الرابعة : أن الله تعالى قد أقسم بسبعة أشياء إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قد أفلح ) وهو جواب القسم ، قال
الزجاج : المعنى لقد أفلح ، لكن اللام حذفت لأن الكلام طال فصار طوله عوضا منها .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1والشمس وضحاها ) ذكر المفسرون في ضحاها ثلاثة أقوال قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد والكلبي : ضوؤها ، وقال
قتادة : هو النهار كله ، وهو اختيار
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة ، وقال
مقاتل : هو حر الشمس ، وتقرير ذلك بحسب اللغة أن نقول : قال
الليث : الضحو ارتفاع النهار ، والضحى فويق ذلك ، والضحاء – ممدودا - امتد النهار وقرب أن ينتصف . وقال
أبو الهيثم : الضح نقيض الظل وهو نور الشمس على وجه الأرض وأصله الضحى ، فاستثقلوا الياء مع سكون الحاء فقلبوها وقال : ضح ، فالضحى هو ضوء الشمس ونورها ثم سمي به الوقت الذي تشرق فيه الشمس على ما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إلا عشية أو ضحاها ) [ النازعات : 46 ] فمن قال من المفسرين : في ضحاها ضوؤها فهو على الأصل ، وكذا من قال : هو النهار كله ، لأن جميع النهار هو من نور الشمس ، ومن قال : في الضحى إنه حر الشمس فلأن حرها ونورها متلازمان ، فمتى اشتد حرها فقد اشتد ضوؤها وبالعكس ، وهذا أضعف الأقوال ، واعلم أنه تعالى إنما
nindex.php?page=treesubj&link=19786_31759_29485_28904أقسم بالشمس وضحاها لكثرة ما تعلق بها من المصالح ، فإن أهل العلم كانوا كالأموات في الليل ، فلما ظهر أثر الصبح في المشرق صار ذلك كالصور الذي ينفخ قوة الحياة ، فصارت الأموات أحياء ، ولا تزال تلك الحياة في الازدياد والقوة والتكامل ، ويكون غاية كمالها وقت الضحوة ، فهذه الحالة تشبه أحوال القيامة ، ووقت الضحى يشبه استقرار أهل الجنة فيها ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2والقمر إذا تلاها ) قال
الليث : تلا يتلو إذا تبع شيئا ،
nindex.php?page=treesubj&link=31759_32441وفي كون القمر تاليا وجوه :
أحدها : بقاء القمر طالعا عند غروب الشمس ، وذلك إنما يكون في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس ، فإذا القمر يتبعها في الإضاءة ، وهو قول
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وثانيها : أن الشمس إذا غربت فالقمر يتبعها ليلة الهلال في الغروب ، وهو قول
قتادة والكلبي .
وثالثها : قال
الفراء : المراد من هذا التلو هو أن القمر يأخذ الضوء من الشمس يقال : فلان يتبع فلانا في كذا أي يأخذ منه .
ورابعها : قال
الزجاج : تلاها حين استدار وكمل ، فكأنه يتلو الشمس في الضياء والنور يعني إذا كمل ضوؤه فصار كالقائم مقام الشمس في الإنارة ، وذلك في الليالي البيض .
وخامسها : أنه يتلوها في كبر الجرم بحسب الحس ، وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته ، ولقد ظهر في علم النجوم أن بينهما من المناسبة ما ليس بين الشمس وبين غيرها .
[ ص: 173 ]
[ ص: 171 ] (
nindex.php?page=treesubj&link=28883_28889سُورَةُ الشَّمْسِ )
خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً مَكِّيَّةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ) قَبْلَ الْخَوْضِ فِي التَّفْسِيرِ لَا بُدَّ مِنْ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30514_30531التَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَاتِ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْمَعَاصِي .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى يُنَبِّهُ عِبَادَهُ دَائِمًا بِأَنْ يَذْكُرَ فِي الْقَسَمِ أَنْوَاعَ مَخْلُوقَاتِهِ الْمُتَضَمِّنَةَ لِلْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ حَتَّى يَتَأَمَّلَ الْمُكَلَّفُ فِيهَا وَيَشْكُرَ عَلَيْهَا ، لِأَنَّ الَّذِي يُقْسِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَحْصُلُ لَهُ وَقْعٌ فِي الْقَلْبِ ، فَتَكُونُ الدَّوَاعِي إِلَى تَأَمُّلِهِ أَقْوَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ قَالُوا : التَّقْدِيرُ وَرَبِّ الشَّمْسِ وَرَبِّ سَائِرِ مَا ذَكَرَهُ إِلَى تَمَامِ الْقَسَمِ ، وَاحْتَجَّ قَوْمٌ عَلَى بُطْلَانِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ ، فَقَالُوا : إِنَّ فِي جُمْلَةِ هَذَا الْقَسَمِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ) وَذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَرَبِّ السَّمَاءِ وَرَبِّهَا وَذَلِكَ كَالْمُتَنَاقِضِ ، أَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَمَا بَنَاهَا ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، لِأَنَّ مَا لَا تُسْتَعْمَلُ فِي خَالِقِ السَّمَاءِ إِلَّا عَلَى ضَرْبٍ مِنَ الْمَجَازِ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يُقَدِّمَ قَسَمَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى قَسَمِهِ بِنَفْسِهِ ، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكَادُ يُذْكَرُ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، فَإِذًا لَا بُدَّ مِنَ التَّأْوِيلِ وَهُوَ أَنَّ ( مَا ) مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي حُكْمِ الْمَصْدَرِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : وَالسَّمَاءِ وَبِنَائِهَا ، وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " عَلَيْهِ فَقَالَ : لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَزِمَ مِنْ عَطْفِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=8فَأَلْهَمَهَا ) عَلَيْهِ فَسَادُ النَّظْمِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْقُرَّاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي فَوَاصِلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا نَحْوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ) فَقَرَؤُوهَا تَارَةً بِالْإِمَالَةِ وَتَارَةً بِالتَّفْخِيمِ وَتَارَةً بَعْضَهَا بِالْإِمَالَةِ وَبَعْضَهَا بِالتَّفْخِيمِ ،
[ ص: 172 ] قَالَ
الْفَرَّاءُ : بِكَسْرِ ضُحَاهَا ، وَالْآيَاتُ الَّتِي بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُ بَعْضِهَا الْوَاوَ نَحْوَ : تَلَاهَا ، وَطَحَاهَا وَدَحَاهَا ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا . فَإِنَّهُ لَمَّا ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِحَرْفِ الْيَاءِ أَتْبَعَهَا بِمَا هُوَ مِنَ الْوَاوِ لِأَنَّ الْأَلِفَ الْمُنْقَلِبَةَ عَنِ الْوَاوِ قَدْ تُوَافِقُ الْمُنْقَلِبَةَ عَنِ الْيَاءِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ " تَلَوْتُ " " وَطَحَوْتُ " وَنَحْوَهُمَا قَدْ يَجُوزُ فِي أَفْعَالِهَا أَنْ تَنْقَلِبَ إِلَى الْيَاءِ نَحْوَ : تَلِيَ وَدَحِيَ ، فَلَمَّا حَصَلَتْ هَذِهِ الْمُوَافَقَةُ اسْتَجَازُوا إِمَالَتَهُ كَمَا اسْتَجَازُوا إِمَالَةَ مَا كَانَ مِنَ الْيَاءِ ، وَأَمَّا وَجْهُ مَنْ تَرَكَ الْإِمَالَةَ مُطْلَقًا فَهُوَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعَرَبِ لَا يُمِيلُونَ هَذِهِ الْأَلِفَاتِ وَلَا يَنْحُونَ فِيهَا نَحْوَ الْيَاءِ ، وَيُقَوِّي تَرْكَ الْإِمَالَةِ لِلْأَلِفِ أَنَّ الْوَاوَ فِي مُوسَرٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ ، وَالْيَاءَ فِي مِيقَاتٍ وَمِيزَانٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الِانْقِلَابِ ، فَكَذَا هَهُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ الْأَلِفُ غَيْرَ مُمَالَةٍ وَلَا يُنْحَى بِهَا نَحْوُ الْيَاءِ ، وَأَمَّا إِمَالَةُ الْبَعْضِ وَتَرْكُ إِمَالَةِ الْبَعْضِ ، كَمَا فَعَلَهُ
حَمْزَةُ فَحَسَنٌ أَيْضًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَلِفَ إِنَّمَا تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ لِتَدُلَّ عَلَى الْيَاءِ إِذَا كَانَ انْقِلَابُهَا عَنِ الْيَاءِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي " تَلَاهَا " وَ" طَحَاهَا " وَ" دَحَاهَا " أَلِفٌ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ إِنَّمَا هِيَ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ بِدَلَالَةِ تَلَوْتُ وَدَحَوْتُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَقْسَمَ بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ ) وَهُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى لَقَدْ أَفْلَحَ ، لَكِنَّ اللَّامَ حُذِفَتْ لِأَنَّ الْكَلَامَ طَالَ فَصَارَ طُولُهُ عِوَضًا مِنْهَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=1وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي ضُحَاهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ : ضَوْؤُهَا ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
الْفَرَّاءِ nindex.php?page=showalam&ids=13436وَابْنِ قُتَيْبَةَ ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هُوَ حَرُّ الشَّمْسِ ، وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ أَنْ نَقُولَ : قَالَ
اللَّيْثُ : الضَّحْوُ ارْتِفَاعُ النَّهَارِ ، وَالضُّحَى فُوَيْقَ ذَلِكَ ، وَالضَّحَاءُ – مَمْدُودًا - امْتَدَّ النَّهَارُ وَقَرُبَ أَنْ يَنْتَصِفَ . وَقَالَ
أَبُو الْهَيْثَمِ : الضِّحُّ نَقِيضُ الظِّلِّ وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَأَصْلُهُ الضُّحَى ، فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاءَ مَعَ سُكُونِ الْحَاءِ فَقَلَبُوهَا وَقَالَ : ضَحٌّ ، فَالضُّحَى هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَنُورُهَا ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْوَقْتُ الَّذِي تُشْرِقُ فِيهِ الشَّمْسُ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) [ النَّازِعَاتِ : 46 ] فَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : فِي ضُحَاهَا ضَوْؤُهَا فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ ، وَكَذَا مَنْ قَالَ : هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ ، لِأَنَّ جَمِيعَ النَّهَارِ هُوَ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ ، وَمَنْ قَالَ : فِي الضُّحَى إِنَّهُ حَرُّ الشَّمْسِ فَلِأَنَّ حَرَّهَا وَنُورُهَا مُتَلَازِمَانِ ، فَمَتَى اشْتَدَّ حَرُّهَا فَقَدِ اشْتَدَّ ضَوْؤُهَا وَبِالْعَكْسِ ، وَهَذَا أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=19786_31759_29485_28904أَقْسَمَ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا لِكَثْرَةِ مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنَ الْمَصَالِحِ ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ كَانُوا كَالْأَمْوَاتِ فِي اللَّيْلِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ أَثَرُ الصُّبْحِ فِي الْمَشْرِقِ صَارَ ذَلِكَ كَالصُّورِ الَّذِي يَنْفُخُ قُوَّةَ الْحَيَاةِ ، فَصَارَتِ الْأَمْوَاتُ أَحْيَاءً ، وَلَا تَزَالُ تِلْكَ الْحَيَاةُ فِي الِازْدِيَادِ وَالْقُوَّةِ وَالتَّكَامُلِ ، وَيَكُونُ غَايَةُ كَمَالِهَا وَقْتَ الضَّحْوَةِ ، فَهَذِهِ الْحَالَةُ تُشْبِهُ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ ، وَوَقْتُ الضُّحَى يُشْبِهُ اسْتِقْرَارَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيهَا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=2وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ) قَالَ
اللَّيْثَ : تَلَا يَتْلُو إِذَا تَبِعَ شَيْئًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=31759_32441وَفِي كَوْنِ الْقَمَرِ تَالِيًا وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : بَقَاءُ الْقَمَرِ طَالِعًا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، فَإِذَا الْقَمَرُ يَتْبَعُهَا فِي الْإِضَاءَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَطَاءٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ فَالْقَمَرُ يَتْبَعُهَا لَيْلَةَ الْهِلَالِ فِي الْغُرُوبِ ، وَهُوَ قَوْلُ
قَتَادَةَ وَالْكَلْبِيِّ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
الْفَرَّاءُ : الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التُّلُوِّ هُوَ أَنَّ الْقَمَرَ يَأْخُذُ الضَّوْءَ مِنَ الشَّمْسِ يُقَالُ : فُلَانٌ يَتْبَعُ فُلَانًا فِي كَذَا أَيْ يَأْخُذُ مِنْهُ .
وَرَابِعُهَا : قَالَ
الزَّجَّاجُ : تَلَاهَا حِينَ اسْتَدَارَ وَكَمُلَ ، فَكَأَنَّهُ يَتْلُو الشَّمْسَ فِي الضِّيَاءِ وَالنُّورِ يَعْنِي إِذَا كَمُلَ ضَوْؤُهُ فَصَارَ كَالْقَائِمِ مَقَامَ الشَّمْسِ فِي الْإِنَارَةِ ، وَذَلِكَ فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّهُ يَتْلُوهَا فِي كِبَرِ الْجِرْمِ بِحَسَبِ الْحِسِّ ، وَفِي ارْتِبَاطِ مَصَالِحِ هَذَا الْعَالِمِ بِحَرَكَتِهِ ، وَلَقَدْ ظَهَرَ فِي عِلْمِ النُّجُومِ أَنَّ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُنَاسَبَةِ مَا لَيْسَ بَيْنَ الشَّمْسِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا .
[ ص: 173 ]