(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29064_21377ووجدك ضالا فهدى ) .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى ) فاعلم أن بعض الناس ذهب إلى أنه كان كافرا في أول الأمر ، ثم هداه الله وجعله نبيا ، قال
الكلبي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) يعني : كافرا في قوم ضلال فهداك للتوحيد ، وقال
السدي : كان على دين قومه أربعين سنة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) عن الهدى لدينه واحتجوا على ذلك بآيات أخر منها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) [الشورى : 52] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) [يوسف : 3] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لئن أشركت ليحبطن عملك ) [الزمر : 65] فهذا يقتضي صحة ذلك منه ، وإذا دلت هذه الآية على الصحة وجب حمل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) عليه ، وأما الجمهور من العلماء
[ ص: 196 ] فقد اتفقوا على
nindex.php?page=treesubj&link=21377أنه عليه السلام ما كفر بالله لحظة واحدة ، ثم قالت
المعتزلة : هذا غير جائز عقلا لما فيه من التنفير ، وعند أصحابنا هذا غير ممتنع عقلا لأنه جائز في العقول أن يكون الشخص كافرا فيرزقه الله الإيمان ويكرمه بالنبوة ، إلا أن الدليل السمعي قام على أن هذا الجائز لم يقع وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى ) [النجم : 2] ثم ذكروا في تفسير هذه الآية وجوها كثيرة :
أحدها : ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن والضحاك
nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب : "
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا " عن معالم النعمة وأحكام الشريعة غافلا عنها فهداك إليها ، وهو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) .
وثانيها : ضل عن مرضعته
حليمة حين أرادت أن ترده إلى جده حتى دخلت إلى هبل وشكت ذلك إليه فتساقطت الأصنام ، وسمعت صوتا يقول : إنما هلاكنا بيد هذا الصبي ، وفيه حكاية طويلة .
وثالثها : ما روي مرفوعا أنه عليه الصلاة والسلام قال : "
ضللت عن جدي عبد المطلب وأنا صبي ضائع ، كاد الجوع يقتلني ، فهداني الله " ذكره
الضحاك ، وذكر تعلقه بأستار
الكعبة ، وقوله :
يا رب رد ولدي محمدا اردده ربي واصطنع عندي يدا
فما زال يردد هذا عند البيت حتى أتاه
أبو جهل على ناقة وبين يديه
محمد وهو يقول : لا ندري ماذا نرى من ابنك ، فقال
عبد المطلب ولم ؟ قال : إني أنخت الناقة وأركبته من خلفي فأبت الناقة أن تقوم ، فلما أركبته أمامي قامت الناقة ، كأن الناقة تقول : يا أحمق هو الإمام فكيف يقوم خلف المقتدي ! وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : رده الله إلى جده بيد عدوه كما فعل
بموسى حين حفظه على يد عدوه .
ورابعها : أنه عليه السلام لما خرج مع غلام
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ميسرة أخذ كافر بزمام بعيره حتى ضل ، فأنزل الله تعالى
جبريل عليه السلام في صورة آدمي ، فهداه إلى القافلة ، وقيل : إن
أبا طالب خرج به إلى
الشأم فضل عن الطريق فهداه الله تعالى .
وخامسها : يقال : ضل الماء في اللبن إذا صار مغمورا ، فمعنى الآية كنت مغمورا بين الكفار بمكة فقواك الله تعالى حتى أظهرت دينه .
وسادسها : العرب تسمي الشجرة الفريدة في الفلاة ضالة ، كأنه تعالى يقول : كانت تلك البلاد كالمفازة ليس فيها شجرة تحمل ثمر الإيمان بالله ومعرفته إلا أنت ، فأنت شجرة فريدة في مفازة الجهل فوجدتك ضالا عن معرفة الله تعالى حين كنت طفلا صبيا ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) [النحل : 78] فخلق فيك العقل والهداية والمعرفة ، والمراد من الضال الخالي عن العلم لا الموصوف بالاعتقاد الخطأ .
وثامنها : كنت ضالا عن النبوة ما كنت تطمع في ذلك ولا خطر شيء من ذلك في قلبك ، فإن
اليهود والنصارى كانوا يزعمون أن النبوة في
بني إسرائيل فهديتك إلى النبوة التي ما كنت تطمع فيها البتة .
وتاسعها : أنه قد يخاطب السيد ، ويكون المراد قومه فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) أي وجد قومك ضلالا ، فهداهم بك وبشرعك .
وعاشرها : وجدك ضالا عن الضالين منفردا عنهم مجانبا لدينهم ، فكلما كان بعدك عنهم أشد كان ضلالهم أشد ، فهداك إلى أن اختلطت بهم ودعوتهم إلى الدين المبين .
الحادي عشر : وجدك ضالا عن الهجرة ، متحيرا في يد
قريش متمنيا فراقهم وكان لا يمكنك الخروج بدون إذنه تعالى ، فلما أذن له ووافقه الصديق عليه وهداه إلى خيمة
أم معبد ، وكان ما كان من حديث
سراقة ، وظهور القوة في الدين كان ذلك المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7فهدى ) .
الثاني عشر : ضالا عن القبلة ، فإنه كان يتمنى أن تجعل
الكعبة قبلة له وما كان يعرف أن ذلك هل يحصل له أم لا ، فهداه الله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فلنولينك قبلة ترضاها ) [البقرة : 144] فكأنه سمي ذلك التحير بالضلال .
الثالث عشر : أنه حين ظهر له
جبريل عليه السلام في أول أمره ما كان يعرف
[ ص: 197 ] أهو
جبريل أم لا ، وكان يخافه خوفا شديدا ، وربما أراد أن يلقي نفسه من الجبل فهداه الله حتى عرف أنه
جبريل عليه السلام .
الرابع عشر : الضلال بمعنى المحبة كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95إنك لفي ضلالك القديم ) [يوسف : 95] أي محبتك ، ومعناه أنك محب فهديتك إلى الشرائع التي بها تتقرب إلى خدمة محبوبك .
الخامس عشر : ضالا عن أمور الدنيا لا تعرف التجارة ونحوها ، ثم هديتك حتى ربحت تجارتك ، وعظم ربحك حتى رغبت
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة فيك ، والمعنى أنه ما كان لك وقوف على الدنيا ، وما كنت تعرف سوى الدين ، فهديتك إلى مصالح الدنيا بعد ذلك .
السادس عشر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا ) أي ضائعا في قومك ، كانوا يؤذونك ، ولا يرضون بك رعية ، فقوى أمرك وهداك إلى أن صرت آمرا واليا عليهم .
السابع عشر : كنت ضالا ما كنت تهتدي على طريق السماوات فهديتك إذ عرجت بك إلى السماوات ليلة المعراج .
الثامن عشر : ووجدك ضالا أي ناسيا لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما ) [البقرة : 282] فهديتك أي ذكرتك ، وذلك أنه ليلة المعراج نسي ما يجب أن يقال بسبب الهيبة ، فهداه الله تعالى إلى كيفية الثناء حتى قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013202لا أحصي ثناء عليك " .
التاسع عشر : أنه وإن كان عارفا بالله بقلبه إلا أنه كان في الظاهر لا يظهر لهم خلافا ، فعبر عن ذلك بالضلال .
العشرون : روى
علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013974ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين ، كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك ، ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته ، فإني قلت ليلة لغلام من قريش ، كان يرعى معي بأعلى مكة ، لو حفظت لي غنمي حتى أدخل مكة ، فأسمر بها كما يسمر الشبان ، فخرجت أريد ذلك حتى أتيت أول دار من دور مكة ، فسمعت عزفا بالدفوف والمزامير ، فقالوا : فلان ابن فلان يزوج بفلانة ، فجلست أنظر إليهم وضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس ، قال : فجئت صاحبي ، فقال ما فعلت ؟ فقلت ما صنعت شيئا ، ثم أخبرته الخبر ، قال : ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ، فضرب الله على أذني فما أيقظني إلا مس الشمس ، ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله تعالى برسالته " .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29064_21377وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) فَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ، ثُمَّ هَدَاهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ نَبِيًّا ، قَالَ
الْكَلْبِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) يَعْنِي : كَافِرًا فِي قَوْمٍ ضُلَّالٍ فَهَدَاكَ لِلتَّوْحِيدِ ، وَقَالَ
السُّدِّيُّ : كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) عَنِ الْهُدَى لِدِينِهِ وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِآيَاتٍ أُخَرَ مِنْهَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ) [الشُّورَى : 52] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) [يُوسُفَ : 3] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) [الزُّمَرِ : 65] فَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَإِذَا دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الصِّحَّةِ وَجَبَ حَمْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ
[ ص: 196 ] فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21377أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَفَرَ بِاللَّهِ لَحْظَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عَقْلًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنْفِيرِ ، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا هَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْعُقُولِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ كَافِرًا فَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ وَيُكْرِمَهُ بِالنُّبُوَّةِ ، إِلَّا أَنَّ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ قَامَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَائِزَ لَمْ يَقَعْ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ) [النَّجْمِ : 2] ثُمَّ ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهًا كَثِيرَةً :
أَحَدُهَا : مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ
nindex.php?page=showalam&ids=16128وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا " عَنْ مَعَالِمِ النِّعْمَةِ وَأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ غَافِلًا عَنْهَا فَهَدَاكَ إِلَيْهَا ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) .
وَثَانِيهَا : ضَلَّ عَنْ مُرْضِعَتِهِ
حَلِيمَةَ حِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَى جَدِّهِ حَتَّى دَخَلَتْ إِلَى هُبَلَ وَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَتَسَاقَطَتِ الْأَصْنَامُ ، وَسَمِعَتْ صَوْتًا يَقُولُ : إِنَّمَا هَلَاكُنَا بِيَدِ هَذَا الصَّبِيِّ ، وَفِيهِ حِكَايَةٌ طَوِيلَةٌ .
وَثَالِثُهَا : مَا رُوِيَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ : "
ضَلَلْتُ عَنْ جَدِّي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَا صَبِيٌّ ضَائِعٌ ، كَادَ الْجُوعُ يَقْتُلُنِي ، فَهَدَانِي اللَّهُ " ذَكَرَهُ
الضَّحَّاكُ ، وَذَكَرَ تَعَلُّقَهُ بِأَسْتَارِ
الْكَعْبَةِ ، وَقَوْلُهُ :
يَا رَبِّ رُدَّ وَلَدِي مُحَمَّدَا ارْدُدْهُ رَبِّي وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا
فَمَا زَالَ يُرَدِّدُ هَذَا عِنْدَ الْبَيْتِ حَتَّى أَتَاهُ
أَبُو جَهْلٍ عَلَى نَاقَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ
مُحَمَّدٌ وَهُوَ يَقُولُ : لَا نَدْرِي مَاذَا نَرَى مِنِ ابْنِكَ ، فَقَالَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلِمَ ؟ قَالَ : إِنِّي أَنَخْتُ النَّاقَةَ وَأَرْكَبْتُهُ مِنْ خَلْفِي فَأَبَتِ النَّاقَةُ أَنْ تَقُومَ ، فَلَمَّا أَرْكَبْتُهُ أَمَامِي قَامَتِ النَّاقَةُ ، كَأَنَّ النَّاقَةَ تَقُولُ : يَا أَحْمَقُ هُوَ الْإِمَامُ فَكَيْفَ يَقُومُ خَلْفَ الْمُقْتَدِي ! وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى جَدِّهِ بِيَدِ عَدُوِّهِ كَمَا فَعَلَ
بِمُوسَى حِينَ حَفِظَهُ عَلَى يَدِ عَدُوِّهِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ مَعَ غُلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ مَيْسَرَةَ أَخَذَ كَافِرٌ بِزِمَامِ بَعِيرِهِ حَتَّى ضَلَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ ، فَهَدَاهُ إِلَى الْقَافِلَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّ
أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ بِهِ إِلَى
الشَّأْمِ فَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى .
وَخَامِسُهَا : يُقَالُ : ضَلَّ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ إِذَا صَارَ مَغْمُورًا ، فَمَعْنَى الْآيَةِ كُنْتَ مَغْمُورًا بَيْنَ الْكُفَّارِ بِمَكَّةَ فَقَوَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى أَظْهَرْتَ دِينَهُ .
وَسَادِسُهَا : الْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّجَرَةَ الْفَرِيدَةَ فِي الْفَلَاةِ ضَالَّةً ، كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : كَانَتْ تِلْكَ الْبِلَادُ كَالْمَفَازَةِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرَةٌ تَحْمِلُ ثَمَرَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتَهُ إِلَّا أَنْتَ ، فَأَنْتَ شَجَرَةٌ فَرِيدَةٌ فِي مَفَازَةِ الْجَهْلِ فَوَجَدْتُكَ ضَالًّا عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ كُنْتَ طِفْلًا صَبِيًّا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ) [النَّحْلِ : 78] فَخَلَقَ فِيكَ الْعَقْلَ وَالْهِدَايَةَ وَالْمَعْرِفَةَ ، وَالْمُرَادُ مِنَ الضَّالِّ الْخَالِي عَنِ الْعِلْمِ لَا الْمَوْصُوفُ بِالِاعْتِقَادِ الْخَطَأِ .
وَثَامِنُهَا : كُنْتَ ضَالًّا عَنِ النُّبُوَّةِ مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِي ذَلِكَ وَلَا خَطَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي قَلْبِكَ ، فَإِنَّ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ النُّبُوَّةَ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَهَدَيْتُكَ إِلَى النُّبُوَّةِ الَّتِي مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِيهَا الْبَتَّةَ .
وَتَاسِعُهَا : أَنَّهُ قَدْ يُخَاطَبُ السَّيِّدُ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ قَوْمَهُ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) أَيْ وَجَدَ قَوْمَكَ ضُلَّالًا ، فَهَدَاهُمْ بِكَ وَبِشَرْعِكَ .
وَعَاشِرُهَا : وَجَدَكَ ضَالًّا عَنِ الضَّالِّينَ مُنْفَرِدًا عَنْهُمْ مُجَانِبًا لِدِينِهِمْ ، فَكُلَّمَا كَانَ بُعْدُكَ عَنْهُمْ أَشَدَّ كَانَ ضَلَالُهُمْ أَشَدَّ ، فَهَدَاكَ إِلَى أَنِ اخْتَلَطْتَ بِهِمْ وَدَعَوْتَهُمْ إِلَى الدِّينِ الْمُبِينِ .
الْحَادِي عَشَرَ : وَجَدَكَ ضَالًّا عَنِ الْهِجْرَةِ ، مُتَحَيِّرًا فِي يَدِ
قُرَيْشٍ مُتَمَنِّيًا فِرَاقَهُمْ وَكَانَ لَا يُمْكِنُكَ الْخُرُوجُ بِدُونِ إِذْنِهِ تَعَالَى ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ وَوَافَقَهُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ وَهَدَاهُ إِلَى خَيْمَةِ
أُمِّ مَعْبَدٍ ، وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ
سُرَاقَةَ ، وَظُهُورِ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7فَهَدَى ) .
الثَّانِي عَشَرَ : ضَالًّا عَنِ الْقِبْلَةِ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ تُجْعَلَ
الْكَعْبَةُ قِبْلَةً لَهُ وَمَا كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ أَمْ لَا ، فَهَدَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) [الْبَقَرَةِ : 144] فَكَأَنَّهُ سُمِّيَ ذَلِكَ التَّحَيُّرُ بِالضَّلَالِ .
الثَّالِثَ عَشَرَ : أَنَّهُ حِينَ ظَهَرَ لَهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مَا كَانَ يَعْرِفُ
[ ص: 197 ] أَهُوَ
جِبْرِيلُ أَمْ لَا ، وَكَانَ يَخَافُهُ خَوْفًا شَدِيدًا ، وَرُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنَ الْجَبَلِ فَهَدَاهُ اللَّهُ حَتَّى عَرَفَ أَنَّهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
الرَّابِعَ عَشَرَ : الضَّلَالُ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=95إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ) [يُوسُفَ : 95] أَيْ مَحَبَّتِكَ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّكَ مُحِبٌّ فَهَدَيْتُكَ إِلَى الشَّرَائِعِ الَّتِي بِهَا تَتَقَرَّبُ إِلَى خِدْمَةِ مَحْبُوبِكَ .
الْخَامِسَ عَشَرَ : ضَالًّا عَنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَا تَعْرِفُ التِّجَارَةَ وَنَحْوَهَا ، ثُمَّ هَدَيْتُكَ حَتَّى رَبِحَتْ تِجَارَتُكَ ، وَعَظُمَ رِبْحُكَ حَتَّى رَغِبَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ فِيكَ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَا كَانَ لَكَ وُقُوفٌ عَلَى الدُّنْيَا ، وَمَا كُنْتَ تَعْرِفُ سِوَى الدِّينِ ، فَهَدَيْتُكَ إِلَى مَصَالِحِ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ .
السَّادِسَ عَشَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) أَيْ ضَائِعًا فِي قَوْمِكَ ، كَانُوا يُؤْذُونَكَ ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِكَ رَعِيَّةً ، فَقَوَّى أَمْرَكَ وَهَدَاكَ إِلَى أَنْ صِرْتَ آمِرًا وَالِيًا عَلَيْهِمْ .
السَّابِعَ عَشَرَ : كُنْتَ ضَالًّا مَا كُنْتَ تَهْتَدِي عَلَى طَرِيقِ السَّمَاوَاتِ فَهَدَيْتُكَ إِذْ عَرَجْتُ بِكَ إِلَى السَّمَاوَاتِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ .
الثَّامِنَ عَشَرَ : وَوَجَدَكَ ضَالًّا أَيْ نَاسِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا ) [الْبَقَرَةِ : 282] فَهَدَيْتُكَ أَيْ ذَكَّرْتُكَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ نَسِيَ مَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِسَبَبِ الْهَيْبَةِ ، فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى كَيْفِيَّةِ الثَّنَاءِ حَتَّى قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013202لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ " .
التَّاسِعَ عَشَرَ : أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِاللَّهِ بِقَلْبِهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي الظَّاهِرِ لَا يُظْهِرُ لَهُمْ خِلَافًا ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالضَّلَالِ .
الْعِشْرُونَ : رَوَى
عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013974مَا هَمَمْتُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْمَلُونَ بِهِ غَيْرَ مَرَّتَيْنِ ، كُلُّ ذَلِكَ يَحُولُ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَا أُرِيدُ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُمَا بِسُوءٍ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ ، فَإِنِّي قُلْتُ لَيْلَةً لِغُلَامٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، كَانَ يَرْعَى مَعِي بِأَعْلَى مَكَّةَ ، لَوْ حَفِظْتَ لِي غَنَمِي حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ ، فَأَسْمُرَ بِهَا كَمَا يَسْمُرُ الشُّبَّانُ ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ذَلِكَ حَتَّى أَتَيْتُ أَوَّلَ دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ ، فَسَمِعْتُ عَزْفًا بِالدُّفُوفِ وَالْمَزَامِيرِ ، فَقَالُوا : فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ يُزَوَّجُ بِفُلَانَةَ ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِي فَنِمْتُ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ ، قَالَ : فَجِئْتُ صَاحِبِي ، فَقَالَ مَا فَعَلْتَ ؟ فَقُلْتُ مَا صَنَعْتُ شَيْئًا ، ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ ، قَالَ : ثُمَّ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِي فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُمَا بِسُوءٍ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَتِهِ " .