(
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2ووضعنا عنك وزرك nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الذي أنقض ظهرك )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29065_31061ووضعنا عنك وزرك nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الذي أنقض ظهرك ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : هذا محمول على معنى ألم نشرح لا على لفظه ، لأنك لا تقول ألم وضعنا ولكن معنى ألم نشرح قد شرحنا ، فحمل الثاني على معنى الأول لا على ظاهر اللفظ ، لأنه لو كان معطوفا على ظاهره لوجب أن يقال : "ونضع عنك وزرك" .
المسألة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=30530معنى الوزر : ثقل الذنب ، وقد مر تفسيره عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31وهم يحملون أوزارهم ) [النحل : 25] وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) [الفتح : 2] .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3أنقض ظهرك ) فقال علماء اللغة : الأصل فيه أن الظهر إذا أثقل الحمل سمع له نقيض أي صوت خفي ، وهو صوت المحامل والرحال والأضلاع ، أو البعير إذا أثقله الحمل فهو مثل لما كان يثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوزاره .
المسألة الرابعة : احتج بهذه الآية من أثبت
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21384_21383المعصية للأنبياء عليهم السلام .
والجواب عنه من وجهين :
الأول : أن الذين يجوزون الصغائر على الأنبياء عليهم السلام حملوا هذه الآية عليها ، لا يقال : إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الذي أنقض ظهرك ) يدل على كونه عظيما . فكيف يليق ذلك بالصغائر ، لأنا نقول : إنما وصف ذلك بإنقاض الظهر مع كونها مغفورة لشدة اغتمام النبي صلى الله عليه وسلم بوقوعه منه وتحسره مع ندمه عليه ، وأما إنما وصفه بذلك لأن تأثيره فيما يزول به من الثواب عظيم ، فيجوز لذلك ما ذكره الله تعالى . هذا تقرير الكلام على قول
المعتزلة وفيه إشكال ، وهو أن العفو عن الصغيرة واجب على الله تعالى عند القاضي ، والله تعالى ذكر هذه الآية في معرض الامتنان ، ومن المعلوم أن الامتنان بفعل الواجب غير جائز .
الوجه الثاني : أن يحمل ذلك على غير الذنب ، وفيه وجوه :
أحدها : قال
قتادة :
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21374_21384كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ذنوب سلفت منه في الجاهلية قبل النبوة ، وقد أثقلته فغفرها له .
وثانيها : أن المراد منه تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها وحفظ موجباتها والمحافظة على حقوقها ، فسهل الله تعالى ذلك عليه ، وحط عنه ثقلها بأن يسرها عليه حتى تيسرت له .
وثالثها : الوزر ما كان يكرهه من تغييرهم لسنة الخليل . وكان لا يقدر على منعهم إلى أن قواه الله ، وقال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123أن اتبع ملة إبراهيم ) [النحل : 123] .
ورابعها : أنها ذنوب أمته صارت كالوزر عليه ، ماذا يصنع في حقهم إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) [الأنفال : 33 ] فأمنه من العذاب في العاجل ، ووعد له الشفاعة في الآجل .
وخامسها : معناه عصمناك عن الوزر الذي ينقض ظهرك ، لو كان ذلك
[ ص: 6 ] الذنب حاصلا ، فسمى العصمة وضعا مجازا ، فمن ذلك
ما روي أنه حضر وليمة فيها دف ومزامير قبل البعثة ليسمع ، فضرب الله على أذنه فلم يوقظه إلا حر الشمس من الغد .
وسادسها : الوزر ما أصابه من الهيبة والفزع في أول ملاقاة
جبريل عليه السلام ، حين أخذته الرعدة ، وكاد يرمي نفسه من الجبل ، ثم تقوى حتى ألفه وصار بحالة كاد يرمي بنفسه من الجبل لشدة اشتياقه .
وسابعها : الوزر ما كان يلحقه من الأذى والشتم حتى كاد ينقض ظهره وتأخذه الرعدة ، ثم قواه الله تعالى حتى صار بحيث كانوا يدمون وجهه ، و[هو] يقول : "
اللهم اهد قومي " .
وثامنها : لئن كان نزول السورة بعد موت
أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة ، فلقد كان فراقهما عليه وزرا عظيما ، فوضع عنه الوزر برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه فارتفع له الذكر ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4ورفعنا لك ذكرك ) .
وتاسعها : أن المراد من الوزر والثقل الحيرة التي كانت له قبل البعثة ، وذلك أنه بكمال عقله لما نظر إلى عظيم نعم الله تعالى عليه ، حيث أخرجه من العدم إلى الوجود وأعطاه الحياة والعقل وأنواع النعم ، ثقل عليه نعم الله وكاد ينقض ظهره من الحياء ، لأنه عليه السلام كان يرى أن نعم الله عليه لا تنقطع ، وما كان يعرف أنه كيف كان يطيع ربه ، فلما جاءته النبوة والتكليف وعرف أنه كيف ينبغي له أن يطيع ربه ، فحينئذ قل حياؤه وسهلت عليه تلك الأحوال ، فإن اللئيم لا يستحي من زيادة النعم بدون مقابلتها بالخدمة ، والإنسان الكريم النفس إذا كثر الإنعام عليه وهو لا يقابلها بنوع من أنواع الخدمة ، فإنه يثقل ذلك عليه جدا ، بحيث يميته الحياء ، فإذا كلفه المنعم بنوع خدمة سهل ذلك عليه وطاب قلبه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29065_31061وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى أَلَمْ نَشْرَحْ لَا عَلَى لَفْظِهِ ، لِأَنَّكَ لَا تَقُولُ أَلَمْ وَضَعْنَا وَلَكِنْ مَعْنَى أَلَمْ نَشْرَحْ قَدْ شَرَحْنَا ، فَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى مَعْنَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى ظَاهِرِهِ لَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ : "وَنَضَعُ عَنْكَ وِزْرَكَ" .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30530مَعْنَى الْوِزْرِ : ثُقْلُ الذَّنْبِ ، وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ ) [النَّحْلِ : 25] وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) [الْفَتْحِ : 2] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) فَقَالَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ : الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الظَّهْرَ إِذَا أُثْقِلَ الْحِمْلَ سُمِعَ لَهُ نَقِيضٌ أَيْ صَوْتٌ خَفِيٌّ ، وَهُوَ صَوْتُ الْمَحَامِلِ وَالرِّحَالِ وَالْأَضْلَاعِ ، أَوِ الْبَعِيرُ إِذَا أَثْقَلَهُ الْحِمْلُ فَهُوَ مَثَلٌ لِمَا كَانَ يَثْقُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوْزَارِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ أَثْبَتَ
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21384_21383الْمَعْصِيَةَ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ .
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ الصَّغَائِرَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ حَمَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَيْهَا ، لَا يُقَالُ : إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=3الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ عَظِيمًا . فَكَيْفَ يَلِيقُ ذَلِكَ بِالصَّغَائِرِ ، لِأَنَّا نَقُولُ : إِنَّمَا وُصِفَ ذَلِكَ بِإِنْقَاضِ الظَّهْرِ مَعَ كَوْنِهَا مَغْفُورَةً لِشِدَّةِ اغْتِمَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُقُوعِهِ مِنْهُ وَتَحَسُّرِهِ مَعَ نَدَمِهِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا إِنَّمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُ فِيمَا يَزُولُ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ عَظِيمٌ ، فَيَجُوزُ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى . هَذَا تَقْرِيرُ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الصَّغِيرَةِ وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْقَاضِي ، وَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الِامْتِنَانَ بِفِعْلِ الْوَاجِبِ غَيْرُ جَائِزٍ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الذَّنْبِ ، وَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : قَالَ
قَتَادَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28751_21374_21384كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُنُوبٌ سَلَفَتْ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، وَقَدْ أَثْقَلَتْهُ فَغَفَرَهَا لَهُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ تَخْفِيفُ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ الَّتِي تُثْقِلُ الظَّهْرَ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِهَا وَحِفْظِ مُوجِبَاتِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى حُقُوقِهَا ، فَسَهَّلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَحَطَّ عَنْهُ ثِقَلَهَا بِأَنْ يَسَّرَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَيَسَّرَتْ لَهُ .
وَثَالِثُهَا : الْوِزْرُ مَا كَانَ يَكْرَهُهُ مِنْ تَغْيِيرِهِمْ لِسُنَّةِ الْخَلِيلِ . وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِمْ إِلَى أَنْ قَوَّاهُ اللَّهُ ، وَقَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ) [النَّحْلِ : 123] .
وَرَابِعُهَا : أَنَّهَا ذُنُوبُ أُمَّتِهِ صَارَتْ كَالْوِزْرِ عَلَيْهِ ، مَاذَا يَصْنَعُ فِي حَقِّهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) [الْأَنْفَالِ : 33 ] فَأَمَّنَهُ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْعَاجِلِ ، وَوَعَدَ لَهُ الشَّفَاعَةَ فِي الْآجِلِ .
وَخَامِسُهَا : مَعْنَاهُ عَصَمْنَاكَ عَنِ الْوِزْرِ الَّذِي يَنْقُضُ ظَهْرَكَ ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ
[ ص: 6 ] الذَّنْبُ حَاصِلًا ، فَسَمَّى الْعِصْمَةَ وَضْعًا مَجَازًا ، فَمِنْ ذَلِكَ
مَا رُوِيَ أَنَّهُ حَضَرَ وَلِيمَةً فِيهَا دُفٌّ وَمَزَامِيرُ قَبْلَ الْبِعْثَةِ لِيَسْمَعَ ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أُذُنِهِ فَلَمْ يُوقِظْهُ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ مِنَ الْغَدِ .
وَسَادِسُهَا : الْوِزْرُ مَا أَصَابَهُ مِنَ الْهَيْبَةِ وَالْفَزَعِ فِي أَوَّلِ مُلَاقَاةِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حِينَ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ ، وَكَادَ يَرْمِي نَفْسَهُ مِنَ الْجَبَلِ ، ثُمَّ تَقَوَّى حَتَّى أَلِفَهُ وَصَارَ بِحَالَةٍ كَادَ يَرْمِي بِنَفْسِهِ مِنَ الْجَبَلِ لِشِدَّةِ اشْتِيَاقِهِ .
وَسَابِعُهَا : الْوِزْرُ مَا كَانَ يَلْحَقُهُ مِنَ الْأَذَى وَالشَّتْمِ حَتَّى كَادَ يَنْقُضَ ظَهْرَهُ وَتَأْخُذَهُ الرِّعْدَةُ ، ثُمَّ قَوَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى صَارَ بِحَيْثُ كَانُوا يُدْمُونَ وَجْهَهُ ، وَ[هُوَ] يَقُولُ : "
اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي " .
وَثَامِنُهَا : لَئِنْ كَانَ نُزُولُ السُّورَةِ بَعْدَ مَوْتِ
أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=10640وَخَدِيجَةَ ، فَلَقَدْ كَانَ فِرَاقُهُمَا عَلَيْهِ وِزْرًا عَظِيمًا ، فَوَضَعَ عَنْهُ الْوِزْرَ بِرَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لَقِيَهُ كُلُّ مَلَكٍ وَحَيَّاهُ فَارْتَفَعَ لَهُ الذِّكْرُ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=4وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) .
وَتَاسِعُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْوِزْرِ وَالثِّقَلِ الْحَيْرَةُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ قَبْلَ الْبِعْثَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بِكَمَالِ عَقْلِهِ لَمَّا نَظَرَ إِلَى عَظِيمِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ، حَيْثُ أَخْرَجَهُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَأَعْطَاهُ الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ وَأَنْوَاعَ النِّعَمِ ، ثَقُلَ عَلَيْهِ نِعَمُ اللَّهِ وَكَادَ يَنْقُضُ ظَهْرُهُ مِنَ الْحَيَاءِ ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَرَى أَنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا تَنْقَطِعُ ، وَمَا كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ كَيْفَ كَانَ يُطِيعُ رَبَّهُ ، فَلَمَّا جَاءَتْهُ النُّبُوَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَعَرَفَ أَنَّهُ كَيْفَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطِيعَ رَبَّهُ ، فَحِينَئِذٍ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْوَالُ ، فَإِنَّ اللَّئِيمَ لَا يَسْتَحِي مِنْ زِيَادَةِ النِّعَمِ بِدُونِ مُقَابَلَتِهَا بِالْخِدْمَةِ ، وَالْإِنْسَانُ الْكَرِيمُ النَّفْسِ إِذَا كَثُرَ الْإِنْعَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُقَابِلُهَا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ ، فَإِنَّهُ يَثْقُلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ جِدًّا ، بِحَيْثُ يُمِيتُهُ الْحَيَاءُ ، فَإِذَا كَلَّفَهُ الْمُنْعِمُ بِنَوْعِ خِدْمَةٍ سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَطَابَ قَلْبُهُ .