[ ص: 7 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا )
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : وجه تعلق هذه الآية بما قبلها أن
nindex.php?page=treesubj&link=29284المشركين كانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، ويقولون : إن كان غرضك من هذا الذي تدعيه طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كأيسر
أهل مكة ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سبق إلى وهمه أنهم إنما رغبوا عن الإسلام لكونه فقيرا حقيرا عندهم ، فعدد الله تعالى عليه مننه في هذه السورة ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2ووضعنا عنك وزرك ) أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية ، ثم وعده بالغنى في الدنيا ليزيل عن قلبه ما حصل فيه من التأذي بسبب أنهم عيروه بالفقر ، والدليل عليه دخول الفاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا ) كأنه تعالى قال : لا يحزنك ما يقول وما أنت فيه من القلة ، فإنه يحصل في الدنيا يسر كامل .
المسألة الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يقول الله تعالى : خلقت عسرا واحدا بين يسرين ، فلن يغلب عسر يسرين ، وروى
مقاتل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : "
لن يغلب عسر يسرين " وقرأ هذه الآية ، وفي تقرير هذا المعنى وجهان :
الأول : قال
الفراء والزجاج : العسر مذكور بالألف واللام ، وليس هناك معهود سابق فينصرف إلى الحقيقة ، فيكون المراد بالعسر في اللفظين شيئا واحدا . وأما اليسر فإنه مذكور على سبيل التنكير ، فكان أحدهما غير الآخر ، وزيف
الجرجاني هذا وقال : إذا قال الرجل : إن مع الفارس سيفا ، إن مع الفارس سيفا ، يلزم أن يكون هناك فارس واحد ومعه سيفان ، ومعلوم أن ذلك غير لازم من وضع العربية .
الوجه الثاني : أن تكون الجملة الثانية تكريرا للأولى ، كما كرر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=15ويل يومئذ للمكذبين ) [المرسلات : 15] ويكون الغرض تقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب ، كما يكرر المفرد في قولك : جاءني زيد زيد ، والمراد من اليسرين : يسر الدنيا وهو ما تيسر من استفتاح البلاد ، ويسر الآخرة وهو ثواب الجنة ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) [التوبة : 52] وهما حسن الظفر وحسن الثواب ، فالمراد من قوله : "
لن يغلب عسر يسرين " هذا ، وذلك لأن عمر الدنيا بالنسبة إلى يسر الدنيا ويسر الآخرة كالمغمور القليل ، وههنا سؤالان .
الأول : ما
nindex.php?page=treesubj&link=28914معنى التنكير في اليسر ؟ جوابه : التفخيم ، كأنه قيل : إن مع اليسر يسرا ، إن مع العسر يسرا عظيما ، وأي يسر .
السؤال الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28914اليسر لا يكون مع العسر ، لأنهما ضدان فلا يجتمعان . الجواب : لما كان وقوع اليسر بعد العسر بزمان قليل ، كان مقطوعا به فجعل كالمقارن له .
[ ص: 7 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : وَجْهُ تَعَلُّقِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29284الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُعَيِّرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَقْرِ ، وَيَقُولُونَ : إِنْ كَانَ غَرَضُكَ مِنْ هَذَا الَّذِي تَدَّعِيهِ طَلَبَ الْغِنَى جَمَعْنَا لَكَ مَالًا حَتَّى تَكُونَ كَأَيْسَرِ
أَهْلِ مَكَّةَ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَبَقَ إِلَى وَهْمِهِ أَنَّهُمْ إِنَّمَا رَغِبُوا عَنِ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ فَقِيرًا حَقِيرًا عِنْدَهُمْ ، فَعَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنَنَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ) أَيْ مَا كُنْتَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، ثُمَّ وَعَدَهُ بِالْغِنَى فِي الدُّنْيَا لِيُزِيلَ عَنْ قَلْبِهِ مَا حَصَلَ فِيهِ مِنَ التَّأَذِّي بِسَبَبِ أَنَّهُمْ عَيَّرُوهُ بِالْفَقْرِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ دُخُولُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : لَا يَحْزُنْكَ مَا يَقُولُ وَمَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الْقِلَّةِ ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ فِي الدُّنْيَا يُسْرٌ كَامِلٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : خَلَقْتُ عُسْرًا وَاحِدًا بَيْنَ يُسْرَيْنِ ، فَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، وَرَوَى
مُقَاتِلٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : "
لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ، وَفِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ : الْعُسْرُ مَذْكُورٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَعْهُودٌ سَابِقٌ فَيَنْصَرِفُ إِلَى الْحَقِيقَةِ ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعُسْرِ فِي اللَّفْظَيْنِ شَيْئًا وَاحِدًا . وَأَمَّا الْيُسْرُ فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيرِ ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ الْآخَرِ ، وَزَيَّفَ
الْجُرْجَانِيُّ هَذَا وَقَالَ : إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : إِنَّ مَعَ الْفَارِسِ سَيْفًا ، إِنَّ مَعَ الْفَارِسِ سَيْفًا ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ فَارِسٌ وَاحِدٌ وَمَعَهُ سَيْفَانِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ وَضْعِ الْعَرَبِيَّةِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ تَكْرِيرًا لِلْأُولَى ، كَمَا كَرَّرَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=15وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) [الْمُرْسَلَاتِ : 15] وَيَكُونُ الْغَرَضُ تَقْرِيرَ مَعْنَاهَا فِي النُّفُوسِ وَتَمْكِينَهَا فِي الْقُلُوبِ ، كَمَا يُكَرَّرُ الْمُفْرَدُ فِي قَوْلِكَ : جَاءَنِي زَيْدٌ زَيْدٌ ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْيُسْرَيْنِ : يُسْرُ الدُّنْيَا وَهُوَ مَا تَيَسَّرَ مِنِ اسْتِفْتَاحِ الْبِلَادِ ، وَيُسْرُ الْآخِرَةِ وَهُوَ ثَوَابُ الْجَنَّةِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ) [التَّوْبَةِ : 52] وَهُمَا حُسْنُ الظَّفَرِ وَحُسْنُ الثَّوَابِ ، فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : "
لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " هَذَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عُمْرَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى يُسْرِ الدُّنْيَا وَيُسْرِ الْآخِرَةِ كَالْمَغْمُورِ الْقَلِيلِ ، وَهَهُنَا سُؤَالَانِ .
الْأَوَّلُ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=28914مَعْنَى التَّنْكِيرِ فِي الْيُسْرِ ؟ جَوَابُهُ : التَّفْخِيمُ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ مَعَ الْيُسْرِ يُسْرًا ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا عَظِيمًا ، وَأَيُّ يُسْرٍ .
السُّؤَالُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=28900_28914الْيُسْرُ لَا يَكُونُ مَعَ الْعُسْرِ ، لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ . الْجَوَابُ : لَمَّا كَانَ وُقُوعُ الْيُسْرِ بَعْدَ الْعُسْرِ بِزَمَانٍ قَلِيلٍ ، كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ فَجُعِلَ كَالْمُقَارِنِ لَهُ .