[ ص: 12 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثم رددناه أسفل سافلين nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فما يكذبك بعد بالدين )
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28661_29066ثم رددناه أسفل سافلين ) ففيه وجهان :
الأول : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد أرذل العمر ، وهو مثل قوله : يرد إلى أرذل العمر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : السافلون هم الضعفاء والزمنى ، ومن لا يستطيع حيلة ولا يجد سبيلا ، يقال : سفل يسفل فهو سافل وهم سافلون ، كما يقال : علا يعلو فهو عال وهم عالون ، أراد أن الهرم يخرف ويضعف سمعه وبصره وعقله وتقل حيلته ويعجز عن عمل الصالحات ، فيكون أسفل الجميع ، وقال
الفراء : ولو كانت أسفل سافل لكان صوابا ، لأن لفظ الإنسان واحد ، وأنت تقول : هذا أفضل قائم ولا تقول : أفضل قائمين ، إلا أنه قيل : سافلين على الجمع لأن الإنسان في معنى جمع فهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=33والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون ) [الزمر : 33] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم ) [الشورى : 48] .
والقول الثاني : ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد والحسن ثم رددناه إلى النار ، قال
علي عليه السلام : وضع أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض ، فيبدأ بالأسفل فيملأ وهو أسفل سافلين ، وعلى هذا التقدير فالمعنى ثم رددناه إلى أسفل سافلين إلى النار .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فاعلم أن هذا الاستثناء على القول الأول منقطع ، والمعنى ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله إياهم بالشيخوخة والهرم ، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة وعلى تخاذل نهوضهم ، وأما على القول الثاني فالاستثناء متصل ظاهر الاتصال .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6فلهم أجر غير ممنون ) ففيه قولان :
أحدهما : غير منقوص ولا مقطوع .
وثانيهما : أجر غير ممنون أي لا يمن به عليهم ، واعلم أن كل ذلك من صفات الثواب ، لأنه يجب أن يكون غير منقطع وأن لا يكون منغصا بالمنة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فما يكذبك بعد بالدين ) وفيه سؤالان :
الأولى : من المخاطب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فما يكذبك ) ؟ الجواب فيه قولان :
أحدهما : أنه خطاب للإنسان على طريقة الالتفات ، والمراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فما يكذبك ) أن كل من أخبر عن الواقع بأنه لا يقع فهو كاذب ، والمعنى فما الذي يلجئك إلى هذا الكذب .
والثاني : وهو اختيار
الفراء أنه خطاب مع
محمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى فمن يكذبك يا أيها الرسول بعد ظهور هذه الدلائل بالدين .
السؤال الثاني : ما وجه التعجب ؟ الجواب : أن خلق الإنسان من النطفة وتقويمه بشرا سويا وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوي ، ثم تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر دليل واضح على قدرة الخالق على الحشر والنشر ، فمن شاهد هذه الحالة ثم بقي مصرا على إنكار الحشر فلا شيء أعجب منه .
[ ص: 12 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ )
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28661_29066ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ) فَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ أَرْذَلَ الْعُمُرِ ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ : يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ : السَّافِلُونَ هُمُ الضُّعَفَاءُ وَالزَّمْنَى ، وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ حِيلَةً وَلَا يَجِدُ سَبِيلًا ، يُقَالُ : سَفَلَ يَسْفُلُ فَهُوَ سَافِلٌ وَهُمْ سَافِلُونَ ، كَمَا يُقَالُ : عَلَا يَعْلُو فَهُوَ عَالٍ وَهُمْ عَالُونَ ، أَرَادَ أَنَّ الْهَرِمَ يُخَرِّفُ وَيَضْعُفُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعَقْلُهُ وَتَقِلُّ حِيلَتُهُ وَيَعْجِزُ عَنْ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ ، فَيَكُونُ أَسْفَلَ الْجَمِيعِ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : وَلَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ سَافِلٍ لَكَانَ صَوَابًا ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِنْسَانِ وَاحِدٌ ، وَأَنْتَ تَقُولُ : هَذَا أَفْضَلُ قَائِمٍ وَلَا تَقُولُ : أَفْضَلُ قَائِمِينَ ، إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ : سَافِلِينَ عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي مَعْنَى جَمْعٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=33وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) [الزُّمَرِ : 33] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=48وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ ) [الشُّورَى : 48] .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ إِلَى النَّارِ ، قَالَ
عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : وَضَعَ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ بَعْضَهَا أَسْفَلَ مِنْ بَعْضٍ ، فَيَبْدَأُ بِالْأَسْفَلِ فَيَمْلَأُ وَهُوَ أَسْفَلُ سَافِلِينَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْمَعْنَى ثُمَّ رَدَدْنَاهُ إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ إِلَى النَّارِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُنْقَطِعٌ ، وَالْمَعْنَى وَلَكِنِ الَّذِينَ كَانُوا صَالِحِينَ مِنَ الْهَرْمَى فَلَهُمْ ثَوَابٌ دَائِمٌ عَلَى طَاعَتِهِمْ وَصَبْرِهِمْ عَلَى ابْتِلَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِالشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ ، وَعَلَى مُقَاسَاةِ الْمَشَاقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعِبَادَةِ وَعَلَى تَخَاذُلِ نُهُوضِهِمْ ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ ظَاهِرُ الِاتِّصَالِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=6فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : غَيْرُ مَنْقُوصٍ وَلَا مَقْطُوعٍ .
وَثَانِيهِمَا : أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أَيْ لَا يَمُنُّ بِهِ عَلَيْهِمْ ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الثَّوَابِ ، لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُنَغَّصًا بِالْمِنَّةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ) وَفِيهِ سُؤَالَانِ :
الْأُولَى : مَنِ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فَمَا يُكَذِّبُكَ ) ؟ الْجَوَابُ فِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْإِنْسَانِ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=7فَمَا يُكَذِّبُكَ ) أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنِ الْوَاقِعِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فَهُوَ كَاذِبٌ ، وَالْمَعْنَى فَمَا الَّذِي يُلْجِئُكَ إِلَى هَذَا الْكَذِبِ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ اخْتِيَارُ
الْفَرَّاءِ أَنَّهُ خِطَابٌ مَعَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمَعْنَى فَمَنْ يُكَذِّبُكَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَعْدَ ظُهُورِ هَذِهِ الدَّلَائِلِ بِالدِّينِ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : مَا وَجْهُ التَّعَجُّبِ ؟ الْجَوَابُ : أَنَّ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنَ النُّطْفَةِ وَتَقْوِيمَهُ بَشَرًا سَوِيًّا وَتَدْرِيجَهُ فِي مَرَاتِبِ الزِّيَادَةِ إِلَى أَنْ يَكْمُلَ وَيَسْتَوِيَ ، ثُمَّ تَنْكِيسَهُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ أَرْذَلَ الْعُمُرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ عَلَى الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ ، فَمَنْ شَاهَدَ هَذِهِ الْحَالَةَ ثُمَّ بَقِيَ مُصِرًّا عَلَى إِنْكَارِ الْحَشْرِ فَلَا شَيْءَ أَعْجَبُ مِنْهُ .