(
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فجعلهم كعصف مأكول )
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فجعلهم كعصف مأكول ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكروا في تفسير العصف وجوها ذكرناها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12والحب ذو العصف ) [ الرحمن : 12 ] وذكروا ههنا وجوها :
أحدها : أنه ورق الزرع الذي يبقى في الأرض بعد الحصاد وتعصفه الرياح فتأكله المواشي .
وثانيها : قال
أبو مسلم : العصف التبن لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12ذو العصف والريحان ) [ الرحمن : 12 ] لأنه تعصف به الريح عند الذر فتفرقه عن الحب ، وهو إذا كان مأكولا فقد بطل ولا رجعة له ولا منعة فيه .
وثالثها : قال
الفراء : هو أطراف الزرع قبل أن يدرك السنبل .
ورابعها : هو الحب الذي أكل لبه وبقي قشره .
المسألة الثانية : ذكروا في تفسير المأكول وجوها :
أحدها : أنه الذي أكل ، وعلى هذا الوجه ففيه احتمالان :
أحدهما : أن يكون المعنى كزرع وتبن قد أكلته الدواب ، ثم ألقته روثا ، ثم يجف وتتفرق أجزاؤه ، شبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث ، إلا أن العبارة عنه جاءت على ما عليه آداب القرآن ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كانا يأكلان الطعام ) [ المائدة : 75 ] وهو قول
مقاتل ،
وقتادة وعطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والاحتمال الثاني : على هذا الوجه أن يكون التشبيه واقعا بورق الزرع إذا وقع فيه الأكال ، وهو أن يأكله الدود .
الوجه الثاني : في تفسير قوله : ( مأكول ) هو أنه جعلهم كزرع قد أكل حبه وبقي تبنه ، وعلى هذا التقدير يكون المعنى : كعصف مأكول الحب كما يقال : فلان حسن أي حسن الوجه ، فأجرى مأكول على العصف من أجل أنه أكل حبه لأن هذا المعنى معلوم وهذا قول
الحسن .
الوجه الثالث في التفسير أن يكون معنى : ( مأكول ) أنه مما يؤكل ، يعني تأكله الدواب يقال : لكل شيء يصلح للأكل هو مأكول ، والمعنى جعلهم كتبن تأكله الدواب ، وهو قول
عكرمة والضحاك .
المسألة الثالثة : قال بعضهم : إن
الحجاج خرب
الكعبة ، ولم يحدث شيء من ذلك ، فدل على أن قصة الفيل ما كانت على هذا الوجه وإن كانت هكذا إلا أن السبب لتلك الواقعة أمر آخر سوى تعظيم
الكعبة ، والجواب : أنا بينا أن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=34052_29258_29272وقع إرهاصا لأمر محمد صلى الله عليه وسلم ، والإرهاص إنما يحتاج إليه قبل قدومه ، أما بعد قدومه وتأكد نبوته بالدلائل القاطعة فلا حاجة إلى شيء من ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم ، وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ )
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ الْعَصْفِ وُجُوهًا ذَكَرْنَاهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ ) [ الرَّحْمَنِ : 12 ] وَذَكَرُوا هَهُنَا وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ وَرَقُ الزَّرْعِ الَّذِي يَبْقَى فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْحَصَادِ وَتَعْصِفُهُ الرِّيَاحُ فَتَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي .
وَثَانِيهَا : قَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الْعَصْفُ التِّبْنُ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ) [ الرَّحْمَنِ : 12 ] لِأَنَّهُ تَعْصِفُ بِهِ الرِّيحُ عِنْدَ الذَّرِّ فَتُفَرِّقُهُ عَنِ الْحَبِّ ، وَهُوَ إِذَا كَانَ مَأْكُولًا فَقَدْ بَطَلَ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا مَنَعَةَ فِيهِ .
وَثَالِثُهَا : قَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ أَطْرَافُ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ السُّنْبُلَ .
وَرَابِعُهَا : هُوَ الْحَبُّ الَّذِي أُكِلَ لُبُّهُ وَبَقِيَ قِشْرُهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ الْمَأْكُولِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ الَّذِي أُكِلَ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَزَرْعٍ وَتِبْنٍ قَدْ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ ، ثُمَّ أَلْقَتْهُ رَوْثًا ، ثُمَّ يَجِفُّ وَتَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ ، شَبَّهَ تَقَطُّعَ أَوْصَالِهِمْ بِتَفَرُّقِ أَجْزَاءِ الرَّوْثِ ، إِلَّا أَنَّ الْعِبَارَةَ عَنْهُ جَاءَتْ عَلَى مَا عَلَيْهِ آدَابُ الْقُرْآنِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) [ الْمَائِدَةِ : 75 ] وَهُوَ قَوْلُ
مُقَاتِلٍ ،
وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي : عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ وَاقِعًا بِوَرَقِ الزَّرْعِ إِذَا وَقَعَ فِيهِ الْأَكَّالُ ، وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَهُ الدُّودُ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ : ( مَأْكُولٍ ) هُوَ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَزَرْعٍ قَدْ أُكِلَ حَبُّهُ وَبَقِيَ تِبْنُهُ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَعْنَى : كَعَصْفٍ مَأْكُولِ الْحَبِّ كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ حَسَنٌ أَيْ حَسَنُ الْوَجْهِ ، فَأَجْرَى مَأْكُولٍ عَلَى الْعَصْفِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أُكِلَ حَبُّهُ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَعْلُومٌ وَهَذَا قَوْلُ
الْحَسَنِ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي التَّفْسِيرِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى : ( مَأْكُولٍ ) أَنَّهُ مِمَّا يُؤْكَلُ ، يَعْنِي تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ يُقَالُ : لِكُلِّ شَيْءٍ يَصْلُحُ لِلْأَكْلِ هُوَ مَأْكُولٌ ، وَالْمَعْنَى جَعَلَهُمْ كَتِبْنٍ تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ ، وَهُوَ قَوْلُ
عِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ
الْحَجَّاجَ خَرَّبَ
الْكَعْبَةَ ، وَلَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ الْفِيلِ مَا كَانَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَتْ هَكَذَا إِلَّا أَنَّ السَّبَبَ لِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ أَمْرٌ آخَرُ سِوَى تَعْظِيمِ
الْكَعْبَةِ ، وَالْجَوَابُ : أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=34052_29258_29272وَقَعَ إِرْهَاصًا لِأَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْإِرْهَاصُ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَبْلَ قُدُومِهِ ، أَمَّا بَعْدَ قُدُومِهِ وَتَأَكُّدِ نُبُوَّتِهِ بِالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .