الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : في المراد من التسبيح وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه ذكر الله بالتنزه ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فقال : تنزيه الله عن كل سوء وأصله من سبح فإن السابح يسبح في الماء كالطير في الهواء ويضبط نفسه من أن يرسب فيه فيهلك أو يتلوث من مقر الماء ومجراه ، والتشديد للتبعيد لأنك تسبحه أي تبعده عما لا يجوز عليه ، وإنما حسن استعماله في تنزيه الله عما لا يجوز عليه من صفات الذات والفعل نفيا وإثباتا لأن السمكة كما أنها لا تقبل النجاسة فكذا الحق سبحانه لا يقبل ما لا ينبغي البتة فاللفظ يفيد التنزيه في الذات والصفات والأفعال .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : أن المراد بالتسبيح الصلاة ؛ لأن هذا اللفظ وارد في القرآن بمعنى الصلاة قال تعالى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [ الروم : 17 ] وقال : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ) [ طه : 130 ] والذي يؤكده أن هذه السورة من آخر ما نزل ، وكان عليه السلام في آخر مرضه يقول : الصلاة وما ملكت أيمانكم جعل يلجلجها في صدره وما يقبض بها لسانه ، ثم قال بعضهم : عني به صلاة الشكر صلاها يوم الفتح ثمان ركعات وقال آخرون : هي صلاة الضحى ، وقال آخرون : صلى ثمان ركعات أربعة للشكر ، وأربعة الضحى ، وتسمية الصلاة بالتسبيح لما أنها لا تنفك عنه وفيه تنبيه : على أنه يجب تنزيه صلاتك عن أنواع النقائص في الأقوال والأفعال ، واحتج أصحاب القول الأول بالأخبار الكثيرة الواردة في ذلك ، روت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة يكثر أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك ، أستغفرك وأتوب إليك ، وقالت أيضا : كان الرسول يقول كثيرا في ركوعه : سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ، وعنها أيضا كان نبي الله في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال : سبحان الله وبحمده ، فقلت : يا رسول الله إنك تكثر من قولك : سبحان الله وبحمده قال : إني أمرت بها ، وقرأ : ( إذا جاء نصر الله ) .

                                                                                                                                                                                                                                            وعن ابن مسعود : لما نزلت هذه السورة كان عليه السلام يكثر أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الغفور

                                                                                                                                                                                                                                            وروي أنه قال : إني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية