المسألة الرابعة : ( عسى ) توهم الشك  مثل ( لعل ) ، وهي من الله تعالى يقين ، ومنهم من قال : إنها كلمة مطمعة ، فهي لا تدل على حصول الشك للقائل ، إلا أنها تدل على حصول الشك للمستمع ، وعلى هذا التقدير لا يحتاج إلى التأويل ، أما إن قلنا بأنها بمعنى ( لعل ) فالتأويل فيه هو الوجوه المذكورة في قوله تعالى : ( لعلكم تتقون    ) [البقرة : 21] قال الخليل    : ( عسى ) من الله واجب في القرآن ، قال : ( فعسى الله أن يأتي بالفتح    ) [المائدة : 52] وقد وجد ، و ( عسى الله أن يأتيني بهم جميعا    ) [يوسف : 83] وقد حصل . والله أعلم . 
أما قوله تعالى : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون    ) ، فالمقصود منه الترغيب العظيم في الجهاد    ; وذلك لأن الإنسان إذا اعتقد قصور علم نفسه ، وكمال علم الله تعالى ، ثم علم أنه سبحانه لا يأمر العبد إلا بما فيه خيرته ومصلحته ، علم قطعا أن الذي أمره الله تعالى به وجب عليه امتثاله ، سواء كان مكروها للطبع أو لم يكن ، فكأنه تعالى قال : يا أيها العبد اعلم أن علمي أكمل من علمك ، فكن مشتغلا بطاعتي ولا تلتفت إلى مقتضى طبعك ، فهذه الآية في هذا المقام تجري مجرى قوله تعالى في جواب الملائكة ( إني أعلم ما لا تعلمون    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					