[ ص: 409 ]   ( فصل) 
وأما التطيب فقد قال - في رواية المروذي    - : وإن شاء تطيب قبل أن يحرم ، وقال عبد الله    : سألت أبي عن المحرم : الطيب أحب إليك له أم ترك الطيب ؟ قال : لا بأس أن يتطيب قبل أن يحرم ، ونذهب فيه إلى حديث  عائشة  ، وكذلك نقل حنبل  ، وإنما لم يؤكده لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به وإنما فعله ، فيجوز أن يكون فعله لأنه عبادة ، ويجوز أن يكون فعله على الوجه المعتاد ، وفي مراعاته نوع مشقة وفيه اختلاف ، وظاهر كلامه أنه مستحب غير مؤكد بحيث لا يكره تركه بخلاف الاغتسال والتنظيف . 
قال أصحابنا : يستحب له أن يتطيب بما شاء من طيب الرجال سواء كان مما يبقى أثره أو لا يبقى ؛ لما روى عروة  عن  عائشة  قالت :   " كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - [ عند إحرامه بأطيب ما أجد ، وفي رواية قالت : " كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطيب ] ما أقدر عليه قبل أن يحرم ثم يحرم " متفق عليه ، وفي رواية :   " كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه بأطيب ما أجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته " لفظ  البخاري  ، وفي رواية مسلم    :   [ ص: 410 ]   " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الدهن في لحيته ورأسه بعد ذلك " وفي رواية  القاسم  عنها : " كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك " متفق عليه . 
وعن  عائشة  رضي الله عنها قالت :   " كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة  فنضمد جباها بالمسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا " رواه ...  وأبو داود    . 
وعن نافع  قال : " كان  ابن عمر  إذا أراد الخروج إلى مكة  ادهن بدهن ليس له   [ ص: 411 ] رائحة طيبة ، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة  فيصلي ثم يركب ، فإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل   " رواه  البخاري    . 
وعن درة  قالت : [ كنت أغلف رأس  عائشة  بالمسك والصبر عند إحرامها ، وعن عائشة ابنة سعد بن أبي وقاص    ] قالت : " كنت أسحق له المسك - يعني سعدا    - بالبان الجيد فأضمخ منه لحيته ورأسه وأجمر حلته ، فيروح فيها مهلا   " . 
وعن مسلم بن صبيح  قال : " رأيت في رأس ابن الزبير  ولحيته من الطيب ، وهو محرم ما لو كان لرجل لاتخذ منه رأس مال   " . 
 [ ص: 412 ] وعن علي بن حسين  قال : " قال لي  ابن عباس   وعائشة    : ادهن بأي دهن شئت وأنت محرم   " وقال  ابن عمر    : " ادهن بالزيت " . 
وعن  ابن عباس    : " أنه سئل عن الطيب قبل الإحرام  ؟ قال : أما أنا فأصعصعه في رأسي ، ثم أحب بقاءه "   . 
وعن ابن المنتشر  قال : " سألت  ابن عمر    : ما تقول في الطيب عند الإحرام ؟ فقال : ما أحب أن أصبح محرما ينضح مني الطيب ، وفي لفظ : لأن أصبح مطليا بقطران أحب إلي من أصبح محرما أنضح طيبا ، فلما سمع ذاك أرسل إلى  عائشة  ، فقالت : أنا أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسكت   " . رواهن   [ ص: 413 ] أحمد  في رواية ابنة عبد الله    . 
قال القاضي وابن عقيل  وغيرهما من أصحابنا : يستحب أن يتطيب في بدنه دون ثيابه ؛ لأنه إذا طيب الثوب فربما خلعه ثم لبسه وذلك لا يجوز ، وإنما ذكرت  عائشة  أنها كانت ترى الطيب في رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولحيته . 
قالوا : وإن طيبهما جاز ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يلبس المحرم ثوبا مسه ورس أو زعفران  ، فلو كان تطييب الثوب مشروعا لما نهى عن لبسه . 
قالوا : ويستحب للمرأة أن تتطيب كالرجل ؛ لما تقدم من حديث  عائشة  ، ولأنها لا تقرب من الرجال بخلاف الطيب عند الخروج إلى الجماعات والجمع والأعياد ، فإنهن يختلطن بالرجال فكره ذلك . 
 [ ص: 414 ] قالوا : ويستحب للمرأة أن تختضب قبل الإحرام  سواء كانت أيما أو ذات زوج ... . 
فأما غير المحرمة فقال القاضي : يستحب لها الخضاب إن كانت ذات زوج ، ولا يستحب إذا كانت أيما . 
				
						
						
