قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فإن ، قرأ سبع آيات ، وهل يعتبر أن يكون فيها بقدر حروف الفاتحة ؟ فيه قولان . ( أحدهما ) : لا يعتبر ، كما إذا فاته صوم يوم طويل لم يعتبر أن يكون القضاء في يوم بقدر ساعات الأداء ، ( والثاني ) : يعتبر وهو الأصح ; لأنه لما اعتبر عدد آي الفاتحة اعتبر قدر حروفها ، ويخالف الصوم ، فإنه لا يمكن اعتبار المقدار في الساعات إلا بمشقة ، فإن لم يحسن شيئا من القرآن لزمه أن يأتي بذكر ، لما روى لم يحسن الفاتحة وأحسن غيرها : رضي الله عنه { عبد الله بن أبي أوفى } ; ولأنه ركن من أركان الصلاة ، فجاز أن ينتقل فيه عند العجز إلى بدل كالقيام . أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني في الصلاة ، فقال : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
وفي الذكر وجهان ، قال رضي الله عنه : يأتي من الذكر بقدر حروف الفاتحة ; لأنه أقيم مقامها فاعتبر قدرها . وقال أبو إسحاق رضي الله عنه : يجب ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من غير زيادة كالتيمم لا تجب الزيادة فيه على ما ورد به النص ، والمذهب الأول . وإن أحسن آية من الفاتحة وأحسن غيرها ففيه وجهان ، أصحهما : أنه يقرأ الآية ثم يقرأ ست آيات من غيرها ; لأنه إذا لم يحسن شيئا منها انتقل إلى غيرها ، فإذا كان يحسن بعضها وجب أن ينتقل فيما لم يحسن إلى غيرها ، كما [ ص: 335 ] لو عدم بعض الماء ، ( والثاني ) : يلزمه تكرار الآية ; لأنها أقرب إليها ، فإن لم يحسن شيئا من القرآن ولا من الذكر قام بقدر سبع آيات ، وعليه أن يتعلم ، فإن اتسع الوقت ولم يفعل وصلى ، لزمه أن يعيد ; لأنه ترك القراءة مع القدرة ، فأشبه إذا تركها ، وهو يحسن ) . أبو علي الطبري