قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ويجوز لرب المال أن يفرق زكاة الأموال الباطنة بنفسه . وهي الذهب والفضة وعروض التجارة والركاز ; لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال في المحرم : " هذا شهر زكاتكم فمن كان عنده دين فليقض دينه ثم ليزك بقية ماله " ويجوز أن يوكل من يفرق ; لأنه حق مال فجاز أن يوكل في أدائه كدين الآدميين . ويجوز أن تدفع إلى الإمام ; لأنه نائب عن الفقراء . فجاز الدفع إليه كولي اليتيم . وفي الأفضل ثلاثة أوجه : ( أحدها ) أن الأفضل أن يفرق بنفسه . وهو ظاهر النص ; لأنه على ثقة من أدائه . وليس على ثقة من أداء غيره .
( والثاني ) أن الأفضل أن يدفع إلى الإمام عادلا كان أو جائرا ; لما روي أن المغيرة بن شعبة قال لمولى له وهو على أمواله بالطائف : " كيف تصنع في صدقة مالي ؟ قال : منها ما أتصدق به ، ومنها ما أدفع إلى السلطان . فقال : وفيم أنت من ذاك ؟ فقال : إنهم يشترون بها الأرض ويتزوجون بها النساء . فقال : ادفعها إليهم . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم " ولأنه أعرف بالفقراء وقدر حاجاتهم . ومن أصحابنا من قال : إن كان عادلا فالدفع إليه أفضل وإن كان جائرا فتفرقته بنفسه [ ص: 135 ] أفضل . لقوله صلى الله عليه وسلم { : فمن سألها على وجهها فليعطها ومن سئل فوقه فلا يعطه } ; ولأنه على ثقة من أدائه إلى العادل . وليس على ثقة من أدائه إلى الجائر ; لأنه ربما صرفه في شهواته .
( فأما ) الأموال الظاهرة وهي الماشية والزروع والثمار والمعادن ففي زكاتها قولان : ( قال في القديم ) : يجب دفعها إلى الإمام ، فإن فرقها بنفسه لزمه الضمان ; لقوله عز وجل { : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } ; ولأنه مال للإمام فيه حق المطالبة ، فوجب الدفع إليه كالخراج والجزية .
( وقال في الجديد ) : يجوز أن يفرقها بنفسه ; لأنها زكاة فجاز أن يفرقها بنفسه كزكاة المال الباطن ) .


