قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا يجوز للمعتكف المباشرة بشهوة ; لقوله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } فإن جامع في الفرج ذاكرا للاعتكاف عالما بالتحريم ، فسد اعتكافه ، لأنه أحد ما ينافي الاعتكاف فأشبه الخروج من المسجد ، وإن باشر فيما دون الفرج بشهوة أو قبل بشهوة ففيه قولان ، قال في الإملاء : يبطل ، وهو الصحيح ; لأنه مباشرة محرمة في الاعتكاف ، فبطل بها كالجماع . وقال في الأم : لا يبطل ; لأنها مباشرة لا تبطل الحج . فلم تبطل الاعتكاف كالمباشرة بغير شهوة ، وقال أبو إسحاق المروزي : لو قال قائل : إنه إن أنزل بطل ، وإن لم ينزل لم يبطل كالقبلة في الصوم كان مذهبا ، وهذا قول لم يذهب إليه أحد من أصحابنا ويخالف الصوم فإن القبلة فيه لا تحرم على الإطلاق فلم يبطل على الإطلاق والقبلة في الاعتكاف محرمة على الإطلاق فأبطلته على الإطلاق ويجوز أن يباشر بغير شهوة ولا يبطل اعتكافه ; لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله } وإن باشر ناسيا لم يبطل اعتكافه ; لقوله صلى الله عليه وسلم : { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } ولأن كل عبادة أبطلتها مباشرة [ ص: 554 ] العامد لم تبطلها مباشرة الناسي كالصوم ، وإن باشرها وهو جاهل بالتحريم لم يبطل ; لأن الجاهل كالناسي ، وقد بينا ذلك في الصلاة والصوم ) .


