قال المصنف - رحمه الله تعالى ( ويحرم عليه أن لما روى يستر رأسه رضي الله عنهما { ابن عباس } وتجب به الفدية ; لأنه فعل محرم في الإحرام فتعلقت به الفدية كالحالق ويجوز أن يحمل على رأسه مكتلا ; لأنه لا يقصد به الستر فلم يمنع منه كما لا يمنع المحدث من حمل المصحف في عيبة المتاع حين لم يقصد حمل المصحف ويجوز أن يترك يده على رأسه ; لأنه يحتاج إلى وضع اليد على الرأس في المسح فعفي عنه ويحرم عليه لبس القميص لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي خر من بعيره : لا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 264 ] قال في المحرم : { ابن عمر } ولا يلبس من الثياب ما مسه ورس أو زعفران وتجب به الفدية ; لأنه فعل محظور في الإحرام فتعلقت به الفدية كالحلق ولا فرق بين أن يكون ما يلبسه من الخرق أو الجلود أو اللبود أو الورق ولا فرق بين أن يكون مخيطا بالإبرة أو ملصقا بعضه إلى بعض ; لأنه في معنى المخيط والعباءة والدراعة كالقميص فيما ذكرناه ; لأنه في معنى القميص ويحرم عليه لبس السراويل لحديث لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا العمامة ولا الخف إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين رضي الله عنهما وتجب به الفدية لما ذكرناه من المعنى والتبان والران كالسراويل فيما ذكرناه ; لأنه في معنى السراويل وإن شق الإزار وجعل له ذيلين وشدهما على ساقيه لم يجز ; لأنهما كالسراويل وما على الساقين كالبابكين ويجوز أن يعقد عليه إزاره ; لأن فيه مصلحة له وهو أن يثبت عليه ولا يعقد الرداء عليه ; لأنه لا حاجة به إليه وله أن يغرز طرفيه في إزاره وإن جعل لإزاره حجزة وأدخل فيها التكة واتزر به جاز وإن اتزر وشد فوقه تكة جاز . ابن عمر
قال في الإملاء : وإن زره أو خاطه أو شوكه لم يجز ; لأنه يصير كالمخيط وإن لم يجد إزارا جاز أن يلبس السراويل ولا فدية عليه لما روى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ابن عباس } فإن لم يجد رداء لم يلبس القميص ; لأنه يمكنه أن يرتدي به ولا يمكنه أن يتزر بالسراويل فإن لبس السراويل ثم وجد الإزار لزمه خلعه ويحرم عليه لبس الخفين للخبر وتجب به الفدية لما ذكرناه من القياس على الحلق فإن لم يجد نعلين لبس الخفين بعد أن يقطعهما من أسفل الكعبين للخبر فإن لبس الخف مقطوعا من أسفل الكعب مع وجود النعل لم يجز على المنصوص وتجب عليه الفدية ومن أصحابنا من قال : يجوز ولا فدية عليه ; لأنه قد صار كالنعل بدليل أنه لا يجوز المسح عليه وهذا خلاف المنصوص وخلاف السنة وما ذكره من المسح لا يصح ; لأنه وإن لم يجز المسح إلا أنه يترفه به في دفع الحر والبرد والأذى ولأنه يبطل بالخف المخرق فإنه لا يجوز المسح عليه ثم يمنع من لبسه ويحرم عليه لبس القفازين وتجب به الفدية ; لأنه ملبوس على قدر العضو فأشبه الخف [ ص: 265 ] ولا يحرم عليه ستر الوجه { : من لم يجد إزارا فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين } فخص الرأس بالنهي ويحرم على المرأة ستر الوجه لما روى لقوله صلى الله عليه وسلم في الذي خر من بعيره : ولا تخمروا رأسه رضي الله عنهما { ابن عمر } وليلبسن بعد ذلك ما اختير من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلي أو سراويل أو قميص أو خف وتجب به الفدية قياسا على الحلق ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسه الورس والزعفران من الثياب
ويجوز أن تستر من وجهها ما لا يمكن ستر الرأس إلا بستره ; لأنه لا يمكن ستر الرأس إلا بستره فعفي عن ستره فإن أرادت ستر وجهها عن الناس سدلت على وجهها شيئا لا يباشر الوجه لما روت رضي الله عنها قالت : { عائشة } ولأن الوجه من المرأة كالرأس من الرجل ثم يجوز للرجل ستر الرأس من الشمس بما لا يقع عليه فكذلك المرأة في الوجه ولا يحرم عليها لبس القميص والسراويل والخف لحديث كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا رضي الله عنهما ولأن جميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين فجاز لها ستره لما ذكرناه وهل يجوز لها لبس القفازين ؟ فيه قولان : ( أحدهما ) أنه يجوز ; لأنه عضو يجوز لها ستره بغير المخيط فجاز لها ستره بالمخيط كالرجل ، ( والثاني ) لا يجوز للخبر ولأنه عضو ليس بعورة منها فتعلق به حرمة الإحرام في اللبس كالوجه ) . . ابن عمر