( الشرح ) هذا الحديث أتى به المصنف مرسلا لأن
nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهذه القصة لم يذكر في هذه الرواية أنه سمعها من غيره ، وهو تابعي ، فثبت أنه وقع هنا مرسلا
وحبان بفتح الحاء بلا خلاف بين أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد تصحفه المتفقهون ونحوهم وهو بالباء الموحدة وهي الغبن والخديعة ، وهذا الحديث قد روي بألفاظ منها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18948ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من بايعت فقل : لا خلابة } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=84211سمعت رجلا من الأنصار يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا بايعت فقل : لا خلابة ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال ، فإن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فاردد قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فكأني الآن أسمعه إذا ابتاع يقول : لا خلابة } ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : فحدثت بهذا الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34982 nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي منقذ بن عمرو ، وكان رجلا قد أصيب في رأسه وكسرت لسانه ونقصت عقله وكان يغبن في البيع ، وكان لا يدع التجارة فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إذا ابتعت فقل : لا خلابة ثم أنت في كل [ ص: 225 ] بيع تبتاعه بالخيار ثلاث ليال ، إن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فاردد فبقي حتى أدرك زمن عثمان وهو ابن مائة وثلاثين سنة ، فكبر في زمان عثمان فكان إذا اشترى شيئا فرجع به فقالوا له : لم تشتري أنت ؟ فيقول : قد جعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ابتعت بالخيار ثلاثا ، فيقولون : أردده فإنك قد غبنت ، أو قال : غششت فيرجع إلى بيعه فيقول : خذ سلعتك وأردد دراهمي ، فيقول : لا أفعل قد رضيت فذهبت حتى يمر به الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعلني بالخيار فيما تبتاع ثلاثا ، فيرد عليه دراهمه ويأخذ سلعته } هذا الحديث حسن رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بهذا اللفظ بإسناد حسن ، وكذلك رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناد حسن . وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه في ترجمة
منقذ بن عمرو بإسناد صحيح إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق المذكور في إسناده هو صاحب المغازي والأكثرون وثقوه وإنما عابوا عليه التدليس وقد قال في روايته : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، والمدلس إذا قال : حدثني أو أخبرني أو سمعت ونحوها من الألفاظ المصرحة بالسماع احتج به عند الجماهير ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وسائر المحدثين ، وجمهور من يعتد به وإنما يتركون من حديث المدلس ما قال فيه : عن ، وقد سبقت هذه المسألة مقررة مرات ، ولكن القطعة التي ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان مرسلة ، لأن
محمد بن يحيى لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر من سمعها منه ، ولكن مثل هذا المرسل يحتج به
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأنه يقول : إن المرسل إذا اعتضد بمرسل آخر ، أو بمسند ، أو بقول بعض الصحابة ، أو بفتيا عوام أهل العلم احتج به وهذا المرسل قد وجد فيه ذلك ، لأن الأمة مجمعة على جواز شرط الخيار ثلاثة أيام ، والله أعلم .
( وأما ) ما وقع في الوسيط وبعض كتب الفقه في هذا الحديث
[ ص: 226 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " واشترط الخيار ثلاثة أيام " فمنكر لا يعرف بهذا اللفظ في كتب الحديث . واعلم أن أقوى ما يحتج به في ثبوت خيار الشرط الإجماع ، وقد نقلوا فيه الإجماع وهو كاف ، والحديث المذكور يحتج به لكن في دلالته باللفظ الذي ذكرناه نظر والله أعلم .
أما الأحكام ففيها مسائل : ( إحداها ) يصح
nindex.php?page=treesubj&link=22919شرط الخيار في البيع بالإجماع إذا كانت مدته معلومة .
( الثانية ) لا يجوز عندنا أكثر من ثلاثة أيام للحديث المذكور ، ولأن الحاجة لا تدعو إلى أكثر من ذلك غالبا ، وكان مقتضى الدليل منع شرط الخيار ، لما فيه من العذر ، وإنما جوز للحاجة فيقتصر فيه على ما تدعو إليه الحاجة غالبا ، وهو ثلاثة أيام ، هذا هو المشهور في المذهب وتظاهرت عليه نصوص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ، وقطع به الأصحاب في جميع الطرق ، وفيه وجه أنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام إذا كانت مدة معلومة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، قاله في الإشراف ، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15091المؤمنون على شروطهم } والله أعلم . قال أصحابنا : فإن زاد على ثلاثة أيام ولو لحظة بطل البيع .
( الثالثة )
nindex.php?page=treesubj&link=22919يجوز شرط الخيار ثلاثة أيام ويجوز دونها إذا كان معلوما كما ذكره المصنف ، ويجوز لأحدهما ثلاثة وللآخر يومان
[ ص: 227 ] أو يوم ، ونحو ذلك ، بحيث يكون معلوما ، وهذا كله لا خلاف فيه ، لكن لو
nindex.php?page=treesubj&link=22919_22918كان المبيع مما يتسارع إليه الفساد فباعه بشرط الخيار ثلاثة أيام فوجهان ، حكاهما صاحب البيان ( أصحهما ) يبطل البيع ( والثاني ) يصح ويباع عند الإشراف على الفساد ، ويقام ثمنه مقامه ، وهذا غلط ظاهر ، قال أصحابنا : ويشترط أن تكون المدة متصلة بالعقد ، فلو
nindex.php?page=treesubj&link=22919_4846شرطا خيار ثلاثة أيام أو دونها من آخر الشهر أو من الغد أو متى شاء أو شرطا خيار الغد دون اليوم بطل العقد لمنافاته لمقتضاه .
( قال أصحابنا ) : ويشترط كون المدة معلومة ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=22919شرطا الخيار مطلقا ولم يقدراه بشيء أو قدراه بمدة مجهولة كقوله : بعض يوم ، أو إلى أن يجيء زيد أو غير ذلك ، بطل البيع بلا خلاف عندنا ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=22919شرطاه إلى وقت طلوع الشمس من الغد جاز بلا خلاف ، ولو شرطاه إلى طلوعها فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في كتابيه التعليق والمجرد : قال
أبو عبد الله الزبيري في كتاب الفصول : لا يصح البيع لأن طلوع الشمس قد لا يحصل لحصول غيم في السماء ، قال : فلو قال : إلى غروب الشمس أو إلى وقت الغروب صح لأن الغروب لا يستعمل إلا في سقوط قرص الشمس هذا كلام
الزبيري وسكت عليه
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب ، وحكاه أيضا عنه
المتولي وسكت عليه .
( فأما ) شرطهما إلى وقت الطلوع وإلى الغروب أو وقت الغروب فيصح باتفاق الأصحاب كما قاله
الزبيري ، وأما إذا شرطاه إلى الطلوع فقد خالفه غيره وقال بالصحة لأن الغيم إنما يمنع من إشراق الشمس واتصال الشعاع لا من نفس الطلوع ، وهذا هو الصحيح والله أعلم .
( أما ) إذا
nindex.php?page=treesubj&link=22919تبايعا نهارا بشرط الخيار إلى الليل أو ليلا بشرط الخيار إلى النهار ، فيصح البيع بلا خلاف ولا يدخل الزمن الآخر في الشرط بلا خلاف عندنا ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه
[ ص: 228 ] قال : يدخل ، لأن لفظة ( إلى ) قد تستعمل بمعنى ( مع ) كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } دليلنا أن أصل ( إلى ) الغاية فهذا حقيقتها ، فلا تحمل على غيره عند الإطلاق ، وأما استعمالها بمعنى ( مع ) في بعض المواطن ففيه جوابان ( أحدهما ) أنها مؤولة ، ففي الآية المذكورة تقديره " مضافة إلى أموالكم " ( والثاني ) أنها استعملت بمعنى ( مع ) مجازا فلا يصير إلى المجاز في غيرها بغير قرينة ، ولأنهم وافقونا على أنه لو باع بثمن مؤجل إلى رمضان لا يدخل رمضان في الأجل والله أعلم .
( الرابعة ) إذا
nindex.php?page=treesubj&link=22943شرطا الخيار ثلاثة أيام أو غيرها ثم أسقطاه قبل انقضاء المدة سقط ، لما ذكره
المصنف ، وكذا لو أسقط أحدهما خياره سقط وبقي خيار الآخر . ولو أسقطا اليوم الأول سقط الجميع ، ولو أسقطا الثالث لم يسقط ما قبله ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والبغوي والمتولي : فلو قال : أسقطت الخيار في اليوم الثاني بشرط أنه يبقى في الثالث سقط خياره في اليومين جميعا ، لأنه كما لا يجوز أن يشترط خيارا متراخيا عن العقد ، لا يجوز أن يستبقي خيارا متراخيا ، وإنما يجوز أن يستبقي اليومين تغليبا للإسقاط ، لأن الأصل لزوم العقد وإنما جوزنا الشرط لأنه رخصة ، فإذا عرض له ذلك حكم بلزوم العقد ، والله أعلم .
( الخامسة )
nindex.php?page=treesubj&link=22929فيما يثبت فيه خيار الشرط من العقود ، قال أصحابنا : جملة القول فيه أنه مع خيار المجلس متلازمان غالبا ، لكن خيار المجلس أسرع وأولى ثبوتا من خيار الشرط ، فقد ينفكان لهذا ، فإذا أردت التفصيل فراجع ما سبق في خيار المجلس ، وهما متفقان في صور الوفاق والخلاف إلا في أشياء : ( أحدها ) أن البيوع التي يشترط فيها التقابض في المجلس كالصرف
[ ص: 229 ] وبيع الطعام بالطعام أو القبض في أحد العوضين كالسلم لا يجوز شرط الخيار فيها بلا خلاف ، مع أن خيار المجلس يثبت فيها ، ودليل المسألة مذكور في الكتاب ، وقد أهمل
المصنف ذكر السلم هنا ، ولكنه ذكره في كتاب السلم .
( الثاني ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=22929_6516_5794_27982خيار الشرط لا يثبت في الشفعة بلا خلاف وكذا لا يثبت في الحوالة ، وفي خيار المجلس فيهما خلاف سبق .
( الثالث ) أنه إذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=22929_24268رجع في سلعة باعها ثم حجر على المشتري بالفلس لا يثبت فيها خيار الشرط بلا خلاف ، وفي خيار المجلس خلاف ضعيف سبق .
( الرابع ) في الهبة بشرط ، وفي الإجارة طريق قاطع بأنه لا يثبت خيار الشرط مع جريان الخلاف في ثبوته في خيار المجلس .
( وأما )
nindex.php?page=treesubj&link=22929_10789شرط الخيار في الصداق فسيأتي في كتاب الصداق إن شاء الله تعالى إيضاحه وتفصيله ، ومختصره أن الأصح صحة النكاح ، وفساد المسمى ، ووجوب مهر المثل ، وأنه لا يثبت الخيار ، والله تعالى أعلم .
[ ص: 233 ]
( الشَّرْحُ ) هَذَا الْحَدِيثُ أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ مُرْسَلًا لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا مُرْسَلًا
وَحَبَّانُ بِفَتْحِ الْحَاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ تَصَحَّفَهُ الْمُتَفَقِّهُونَ وَنَحْوُهُمْ وَهُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18948ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ : لَا خِلَابَةَ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=84211سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يَشْكُو إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ : لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ ، فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ ، وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : فَكَأَنِّي الْآنَ أَسْمَعُهُ إذَا ابْتَاعَ يَقُولُ : لَا خِلَابَةَ } ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34982 nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنَ حِبَّانَ قَالَ : كَانَ جَدِّي مُنْقِذَ بْنَ عَمْرٍو ، وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أُصِيبَ فِي رَأْسِهِ وَكُسِرَتْ لِسَانُهُ وَنَقَصَتْ عَقْلُهُ وَكَانَ يُغْبَنُ فِي الْبَيْعِ ، وَكَانَ لَا يَدْعُ التِّجَارَةَ فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إذَا ابْتَعْتَ فَقُلْ : لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ [ ص: 225 ] بَيْعٍ تَبْتَاعُهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، إنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ ، وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْ فَبَقِيَ حَتَّى أَدْرَكَ زَمَنَ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، فَكَبِرَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَكَانَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَرَجَعَ بِهِ فَقَالُوا لَهُ : لِمَ تَشْتَرِي أَنْتَ ؟ فَيَقُولُ : قَدْ جَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ابْتَعْتُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا ، فَيَقُولُونَ : أَرْدُدْهُ فَإِنَّكَ قَدْ غُبِنْتَ ، أَوْ قَالَ : غُشِشْتَ فَيَرْجِعُ إلَى بَيْعِهِ فَيَقُولُ : خُذْ سِلْعَتَكَ وَأَرْدُدْ دَرَاهِمِي ، فَيَقُولُ : لَا أَفْعَلُ قَدْ رَضِيتَ فَذَهَبْتَ حَتَّى يَمُرَّ بِهِ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ : إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَنِي بِالْخِيَارِ فِيمَا تَبْتَاعُ ثَلَاثًا ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ دَرَاهِمَهُ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ } هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ . وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ
مُنْقِذِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16903وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِهِ هُوَ صَاحِبُ الْمَغَازِي وَالْأَكْثَرُونَ وَثَّقُوهُ وَإِنَّمَا عَابُوا عَلَيْهِ التَّدْلِيسَ وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٌ ، وَالْمُدَلِّسُ إذَا قَالَ : حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ سَمِعْتُ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُصَرِّحَةِ بِالسَّمَاعِ اُحْتُجَّ بِهِ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٍ وَسَائِرِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَجُمْهُورِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ وَإِنَّمَا يَتْرُكُونَ مِنْ حَدِيثِ الْمُدَلِّسِ مَا قَالَ فِيهِ : عَنْ ، وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَرَّرَةً مَرَّاتٍ ، وَلَكِنَّ الْقِطْعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ مُرْسَلَةٌ ، لِأَنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ ، وَلَكِنْ مِثْلُ هَذَا الْمُرْسَلِ يَحْتَجُّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ يَقُولُ : إنَّ الْمُرْسَلَ إذَا اعْتَضَدَ بِمُرْسَلٍ آخَرَ ، أَوْ بِمُسْنَدٍ ، أَوْ بِقَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ ، أَوْ بِفُتْيَا عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ احْتَجَّ بِهِ وَهَذَا الْمُرْسَلُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى جَوَازِ شَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَأَمَّا ) مَا وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ وَبَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
[ ص: 226 ] أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : " وَاشْتُرِطَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " فَمُنْكَرٌ لَا يُعْرَفُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ . وَاعْلَمْ أَنَّ أَقْوَى مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ الْإِجْمَاعُ ، وَقَدْ نَقَلُوا فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَهُوَ كَافٍ ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنْ فِي دَلَالَتِهِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَمَّا الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسَائِلُ : ( إحْدَاهَا ) يَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=22919شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِالْإِجْمَاعِ إذَا كَانَتْ مُدَّتُهُ مَعْلُومَةً .
( الثَّانِيَةُ ) لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا ، وَكَانَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ مَنْعَ شَرْطِ الْخِيَارِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُذْرِ ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ غَالِبًا ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَتَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَتْ مُدَّةً مَعْلُومَةً ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنِ الْمُنْذِرِ ، قَالَهُ فِي الْإِشْرَافِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15091الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ } وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ أَصْحَابُنَا : فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ لَحْظَةً بَطَلَ الْبَيْعُ .
( الثَّالِثَةُ )
nindex.php?page=treesubj&link=22919يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَجُوزُ دُونَهَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ
[ ص: 227 ] أَوْ يَوْمٌ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْلُومًا ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ ، لَكِنْ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22919_22918كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَبَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَجْهَانِ ، حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْبَيَانِ ( أَصَحُّهُمَا ) يَبْطُلُ الْبَيْعُ ( وَالثَّانِي ) يَصِحُّ وَيُبَاعُ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ ، وَيُقَامُ ثَمَنُهُ مَقَامَهُ ، وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ ، فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22919_4846شَرَطَا خِيَارَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهَا مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ الْغَدِ أَوْ مَتَى شَاءَ أَوْ شَرَطَا خِيَارَ الْغَدِ دُونَ الْيَوْمِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَاهُ .
( قَالَ أَصْحَابُنَا ) : وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُدَّةِ مَعْلُومَةً ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22919شَرَطَا الْخِيَارَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَدِّرَاهُ بِشَيْءٍ أَوْ قَدَّرَاهُ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ كَقَوْلِهِ : بَعْضُ يَوْمٍ ، أَوْ إلَى أَنْ يَجِيءَ زَيْدٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ، بَطَلَ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=22919شَرَطَاهُ إلَى وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْغَدِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَوْ شَرَطَاهُ إلَى طُلُوعِهَا فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابَيْهِ التَّعْلِيقِ وَالْمُجَرَّدِ : قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ فِي كِتَابِ الْفُصُولِ : لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ قَدْ لَا يَحْصُلُ لِحُصُولِ غَيْمٍ فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : فَلَوْ قَالَ : إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ إلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ صَحَّ لِأَنَّ الْغُرُوبَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي سُقُوطِ قُرْصِ الشَّمْسِ هَذَا كَلَامُ
الزُّبَيْرِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ، وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْهُ
الْمُتَوَلِّي وَسَكَتَ عَلَيْهِ .
( فَأَمَّا ) شَرْطُهُمَا إلَى وَقْتِ الطُّلُوعِ وَإِلَى الْغُرُوبِ أَوْ وَقْتِ الْغُرُوبِ فَيَصِحُّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ
الزُّبَيْرِيُّ ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَاهُ إلَى الطُّلُوعِ فَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالَ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ الْغَيْمَ إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ إشْرَاقِ الشَّمْسِ وَاتِّصَالِ الشُّعَاعِ لَا مِنْ نَفْسِ الطُّلُوعِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَمَّا ) إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22919تَبَايَعَا نَهَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ لَيْلًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى النَّهَارِ ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَدْخُلُ الزَّمَنُ الْآخَرِ فِي الشَّرْطِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ
[ ص: 228 ] قَالَ : يَدْخُلُ ، لِأَنَّ لَفْظَةَ ( إلَى ) قَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى ( مَعَ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ } دَلِيلُنَا أَنَّ أَصْلَ ( إلَى ) الْغَايَةُ فَهَذَا حَقِيقَتُهَا ، فَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنَى ( مَعَ ) فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ فَفِيهِ جَوَابَانِ ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ ، فَفِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ تَقْدِيرُهُ " مُضَافَةً إلَى أَمْوَالِكُمْ " ( وَالثَّانِي ) أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ بِمَعْنَى ( مَعَ ) مَجَازًا فَلَا يَصِيرُ إلَى الْمَجَازِ فِي غَيْرِهَا بِغَيْرِ قَرِينَةٍ ، وَلِأَنَّهُمْ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى رَمَضَانَ لَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ فِي الْأَجَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الرَّابِعَةُ ) إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22943شَرَطَا الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ غَيْرَهَا ثُمَّ أَسْقَطَاهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ سَقَطَ ، لِمَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ ، وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا خِيَارَهُ سَقَطَ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ . وَلَوْ أَسْقَطَا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ سَقَطَ الْجَمِيعُ ، وَلَوْ أَسْقَطَا الثَّالِثَ لَمْ يَسْقُطْ مَا قَبْلَهُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14958الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي : فَلَوْ قَالَ : أَسْقَطْتُ الْخِيَارَ فِي الْيَوْم الثَّانِي بِشَرْطِ أَنَّهُ يَبْقَى فِي الثَّالِثِ سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الْيَوْمَيْنِ جَمِيعًا ، لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ خِيَارًا مُتَرَاخِيًا ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ الْيَوْمَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْقَاطِ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الشَّرْطَ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ حُكِمَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْخَامِسَةُ )
nindex.php?page=treesubj&link=22929فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ مِنْ الْعُقُودِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : جُمْلَةُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ مُتَلَازِمَانِ غَالِبًا ، لَكِنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ أَسْرَعُ وَأَوْلَى ثُبُوتًا مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ ، فَقَدْ يَنْفَكَّانِ لِهَذَا ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّفْصِيلَ فَرَاجِعْ مَا سَبَقَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ ، وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِي صُوَرِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ : ( أَحَدُهَا ) أَنَّ الْبُيُوعَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ
[ ص: 229 ] وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ أَوْ الْقَبْضِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ كَالسَّلَمِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ ، مَعَ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ يَثْبُتُ فِيهَا ، وَدَلِيلُ الْمَسْأَلَةِ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ ، وَقَدْ أَهْمَلَ
الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ السَّلَمِ هُنَا ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ .
( الثَّانِي ) أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22929_6516_5794_27982خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ فِي الشُّفْعَةِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا لَا يَثْبُتُ فِي الْحَوَالَةِ ، وَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِمَا خِلَافٌ سَبَقَ .
( الثَّالِثُ ) أَنَّهُ إذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=22929_24268رَجَعَ فِي سِلْعَةٍ بَاعَهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ بِلَا خِلَافٍ ، وَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ سَبَقَ .
( الرَّابِعُ ) فِي الْهِبَةِ بِشَرْطٍ ، وَفِي الْإِجَارَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي ثُبُوتِهِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ .
( وَأَمَّا )
nindex.php?page=treesubj&link=22929_10789شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الصَّدَاقِ فَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إيضَاحُهُ وَتَفْصِيلُهُ ، وَمُخْتَصَرُهُ أَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ النِّكَاحِ ، وَفَسَادُ الْمُسَمَّى ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
[ ص: 233 ]