( 8515 ) مسألة ; قال : ( ولو كانت الدابة في يد غيرهما ، واعترف أنه لا يملكها ، وأنها لأحدهما لا يعرفه عينا ، قرع بينهما ، فمن قرع صاحبه ، حلف ، وسلمت إليه ) وجملته أن الرجلين إذا تداعيا عينا في يد غيرهما ، ولا بينة لهما ، فأنكرهما  ، فالقول قوله مع يمينه ، بغير خلاف نعلمه . وإن اعترف أنه لا يملكها ، وقال : لا أعرف صاحبها . أو قال : هي لأحدكما ، لا أعرفه عينا . أقرع بينهما ، فمن قرع صاحبه ، حلف أنها له ، وسلمت إليه ; لما روى  أبو هريرة  ، { أن رجلين تداعيا عينا ، لم تكن لواحد منهما بينة ، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين ، أحبا أم كرها   } . رواه أبو داود  ، ولأنهما تساويا في الدعوى ، ولا بينة لواحد منهما ولا يد ، والقرعة تميز عند التساوي ، كما لو أعتق عبيدا لا مال له غيرهم ، في مرض موته . 
وأما إن كانت لأحدهما بينة ، حكم بها ، بغير خلاف نعلمه . وإن كانت لكل واحد منهما بينة ، ففيه روايتان ، ذكرهما  أبو الخطاب    ; إحداهما ، تسقط البينتان ، ويقترع المدعيان على اليمين ، كما لو لم تكن بينة . وهذا الذي ذكره  القاضي    . وهو ظاهر كلام  الخرقي    ; لأنه ذكر القرعة ، ولم يفرق بين أن تكون معهما بينة أو لم تكن . وروي هذا عن  ابن عمر   وابن الزبير  وبه قال إسحاق  ،  وأبو عبيد    . وهو رواية عن  مالك  ، وقديم قول  الشافعي    . وذلك لما روى  ابن المسيب  ، { أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر ، وجاء كل منهما بشهود عدول ، على عدة واحدة فأسهم النبي صلى الله عليه وسلم بينهما   } . رواه  الشافعي  ، في " مسنده " . ولأن البينتين حجتان تعارضتا ، من غير ترجيح لإحداهما على الأخرى ، فسقطتا ، كالخبرين . والرواية الثانية ، تستعمل البينتان . وفي كيفية استعمالهما  روايتان ; إحداهما ، تقسم العين بينهما . وهو قول الحارث العكلي  ،  وقتادة  ،  وابن شبرمة  ، وحماد  ،  وأبي حنيفة  ، وقول  للشافعي    ; لما روى أبو موسى  ، { أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعير ، وأقام كل واحد منهما البينة أنه له ; فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم به بينهما نصفين   } . 
ولأنهما  [ ص: 252 ] تساويا في دعواه ، فيتساويان في قسمته . والرواية الثانية ، تقدم إحداهما بالقرعة . وهو قول  الشافعي    . وله قول رابع ، يوقف الأمر حتى يتبين . وهو قول  أبي ثور  ، لأنه اشتبه الأمر ، فوجب التوقف ، كالحاكم إذا لم يتضح له الحكم في قضيته . ولنا ، الخبران ، وأن تعارض الحجتين لا يوجب التوقف ، كالخبرين ، بل إذا تعذر الترجيح ، أسقطناهما ، ورجعنا إلى دليل غيرهما . إذا ثبت هذا ، فإننا إذا قلنا : إن البينتين تسقطان . أقرع بينهما ، فمن خرجت له قرعته ، حلف ، وأخذها ، كما لو لم تكن لهما بينة . 
وإن قلنا : يعمل بالبينتين ، ويقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ، أخذها من غير يمين . وهذا قول  الشافعي    ; لأن البينة تغني عن اليمين . وقال  أبو الخطاب    : عليه اليمين مع البينة ، ترجيحا لها . وعلى هذا القول تكون هذه الرواية كالأولى في هذا الحكم ، وإنما يظهر الفرق بينهما في شيء آخر ، سنذكره ، إن شاء الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					