الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8591 ) فصل : وإن اشترى أحدهما نصيب صاحبه ، عتق عليه ، ولم يسر إلى النصف الذي كان له ; لأن عتقه حصل باعترافه بحريته بإعتاق شريكه ، ولا يثبت له عليه ولاء ; لأنه لا يدعي إعتاقه ، بل يعترف بأن المعتق غيره ، وإنما هو مخلص له ممن يسترقه ظلما ، فهو كمخلص الأسير من أيدي الكفار . وقال أبو الخطاب : يسري ; لأنه شراء حصل به الإعتاق ، فأشبه شراء بعض ولده . وإن أكذب نفسه في شهادته على شريكه ، ليسترق ما اشتراه ، لم يقبل منه ; لأنه رجوع عن الإقرار بالحرية ، فلم يقبل ، كما لو أقر بحرية عبده ، ثم أكذب نفسه . وهل يثبت له الولاء عليه إن أعتقه ؟ يحتمل أن لا يثبت ; لما ذكرنا .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يثبت ; لأننا نعلم أن على العبد ولاء ، ولا يدعيه أحد سواه ، ولا ينازعه فيه فوجب أن يقبل قوله فيه ، وإن اشترى كل واحد منهما نصيب صاحبه صار العبد كله حرا لا ولاء عليه لواحد منهما ، فإن أعتق كل واحد منهما ما اشتراه ثم أكذب نفسه في شهادته فهل يثبت له الولاء على من أعتقه على وجهين ، وإن أقر كل واحد منهما بأنه كان أعتق نصيبه وصدق الآخر في شهادته بطل البيعان يثبت لكل واحد منهما الولاء على نصفه لأن أحدا لا ينازعه فيه ، وكل واحد منهما يصدق الآخر في استحقاق الولاء ، ويحتمل أن يثبت الولاء لهما وإن لم يكذب واحد منهما نفسه لأننا نعلم أن الولاء عليه ثابت لهما ولا يخرج عنهما ، وأنه بينهما إما بالعتق الأول لهما وإما بالثاني لأنهما إن كانا صادقين في شهادتهما فقد ثبت الولاء لكل واحد منهما على النصف الذي أعتقه أولا ، وإن كانا كاذبين فقد أعتق كل واحد منهما نصفه بعد أن اشتراه ، وإن كان أحدهما صادقا والآخر كاذبا فلا ولاء للصادق منهما لأنه لم يعتق النصف الذي كان له أولا ولا يصح عتقه في الذي اشتراه ، لأنه كان حرا قبل شرائه والولاء كله للكاذب ، لأنه أعتق النصف الذي كان له ثم اشترى النصف الذي لشريكه فأعتقه ، وكل واحد منهما يساوي صاحبه في الاحتمال فيقسم بينهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية