. ( 8656 ) فصل : ويجوز التدبير مطلقا ومقيدا    ; فالمطلق تعليق العتق بالموت من غير شرط آخر ، كقوله : أنت حر بعد موتي . والمقيد ضربان ; أحدهما ، خاص ، نحو أن يقول : إن مت من مرضي هذا ، أو سفري هذا ، أو في بلدي هذا ، أو عامي هذا ، فأنت حر ، فهذا جائز على ما قال ، إن مات على الصفة التي شرطها عتق العبد ، وإلا لم يعتق . وقال مهنا    : سألت  أحمد  عن من قال لعبده : أنت حر مدبر اليوم  ؟ قال : يكون مدبرا ذلك اليوم ، فإن مات ذلك اليوم صار حرا . يعني إذا مات المولى . 
الضرب الثاني ، أن يعلق التدبير على صفة ، مثل أن يقول إن دخلت الدار ، أو إن قدم زيد أو إن شفى الله مريضي ، فأنت حر مدبر ، أو فأنت حر بعد موتي . فهذا لا يصير مدبرا في الحال ; لأنه علق التدبير على شرط  ، فإذا وجد ، صار مدبرا ، وعتق بموت سيده ، وإن لم يوجد الشرط في حياة السيد ، ووجد بعد موته ، لم يعتق ; لأن إطلاق الشرط في حياة السيد يقتضي وجوده في الحياة ، بدليل ما لو علق عليه عتقا منجزا ، فقال إذا دخلت الدار ، فأنت حر . فدخلها بعد موته ، لم يعتق ، وكما لو قال لوكيله : بع عبدي . فمات الموكل قبل بيعه  ، بطلت وكالته . ولأن المدبر من علق عتقه بالموت ، وهذا قبل الموت لم يكن مدبرا ، وبعد الموت لا يمكن حدوث التدبير . 
وإن قال : إن دخلت الدار بعد موتي ، فأنت حر .  فذكر  أبو الخطاب  فيها روايتين ; إحداهما ، لا يعتق . وهو قياس المنصوص عنه ، في قوله : أنت حر بعد موتي بيوم أو شهر . فإنه قال : لا يعتق ; لأنه علق العتق بصفة توجد في ملك غيره ، فلم يعتق ، كما لو قال : إن دخلت الدار بعد بيعي إياك ، فأنت حر . ولأنه إعتاق له بعد قرار ملك غيره عليه ، فلم يعتق كالمنجز . والثانية ، يعتق . وهو الذي ذكره  القاضي    . وهو مذهب ;  الشافعي    ; لأنه صرح بذلك ، فحمل عليه كما لو وصى بإعتاقه ، وكما لو وصى ببيع سلعة ويتصدق بثمنها ، ويفارق التصرف بعد البيع ; فإن الله تعالى جعل للإنسان التصرف بعد موته في ثلثه ، بخلاف ما بعد البيع . والأول أصح ، إن شاء الله تعالى . ويفارق الوصية بالعتق وبيع السلعة ; لأن الملك لا يستقر للورثة فيه ، ولا يملكون التصرف فيه ، بخلاف مسألتنا . 
وقولهم : حصل له التصرف في ثلثه . قلنا : إنما يتصرف فيه تصرفا يثبت عقيب موته ، ويمنع انتقاله إلى الوارث ، وإن ثبت للوارث ، فهو ثبوت غير مستقر ، وقد قيل : يكون مراعى ، فإذا قبل الموصى له ، تبينا أن الملك كان له من حين الموت . وإن لم يقبل ، تبينا أنه كان للوارث . فعلى قولنا : لا يعتق بالدخول بعد الموت . للوارث التصرف فيه كيف شاء ، ومن صحح هذا الشرط ، احتمل أن يمنع الوارث من التصرف في رقبته ; لأنه يستحق العتق ، فأشبه الموصى بعتقه .  [ ص: 318 ] واحتمل أن لا يمنعه ; لأنه علق عتقه على صفة غير الموت ، فلم يمنع من التصرف فيه ، كما لو قال لعبده : إن دخلت الدار ، فأنت حر . فأما كسبه قبل عتقه ، فهو للوارث ; لأن الملك فيه مستقر قبل وجود الشرط كما لو كان الوارث هو الذي علق عتقه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					