الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8766 ) فصل : وإن عجز مكاتبهما فلهما الفسخ والإمضاء ، فإن فسخا جميعا أو أمضيا الكتابة جاز ما اتفقا عليه ، وإن فسخ أحدهما وأمضى الآخر جاز وعاد نصفه رقيقا قنا ونصفه مكاتبا . وقال القاضي : تنفسخ الكتابة في جميعه . وهو مذهب الشافعي ; لأن الكتابة لو بقيت في نصفه لعاد ملك الذي فسخ الكتابة إليه ناقصا .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها كتابة في ملك أحدهما فلم تنفسخ بفسخ الآخر ، كما لو انفرد بكتابته ، لأنهما عقدان مفردان فلم ينفسخ أحدهما بفسخ الآخر كالبيع ، وما حصل من النقص لا يمنع ; لأنه إنما حصل ضمنا ; لتصرف الشريك في نصيبه ، فلم يمنع كإعتاق الشريك ; ولأن من أصلنا أنه تصح مكاتبة أحدهما نصيبه ، فإذا لم يمنع العقد في ابتدائه فلأن يبطل في دوامه أولى ، ولأن ضرره حصل بعقده وفسخه فلا يزول بفسخ عقد غيره ، ولأن في فسخ الكتابة ضررا بالمكاتب وسيده ، وليس دفع الضرر عن الشريك الذي فسخ بأولى من دفع الضرر عن الذي لم يفسخ ، بل دفع الضرر عن الذي لم يفسخ أولى لوجوه ثلاثة : أحدها أن ضرر الذي فسخ حصل ضمنا ; لبقاء عقد شريكه في ملك نفسه ، وضرر شريكه بزوال عقده وفسخ تصرفه في ملكه .

                                                                                                                                            والثاني : أن ضرر الذي فسخ لم يعتبره الشرع في موضع ، ولا أصل لما ذكروه من الحكم ولا يعرف له نظير فيكون بمنزلة المصلحة المرسلة التي وقع الإجماع على اطراحها ، وضرر شريكه بفسخ عقده معتبر في سائر عقوده : من بيعه وهبته ورهنه . . وغير ذلك ، فيكون أولى .

                                                                                                                                            الثالث : أن ضرر الفسخ يتعدى إلى المكاتب فيكون ضررا باثنين ، وضرر الفاسخ لا يتعداه ، ثم لو قدر تساوي الضررين لوجب إبقاء الحكم على ما كان عليه ، ولا يجوز إحداث الفسخ من غير دليل راجح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية