والمراد بآداب التخلي ما ينبغي فعله حال الدخول والخروج وقضاء الحاجة  وما يتعلق بذلك ( يسن أن يقول عند دخوله الخلاء ) بالمد أي المكان المعد لقضاء الحاجة ( بسم الله ) لحديث  علي  يرفعه { ستر ما بين الجن وعورات بني آدم  إذا دخل الكنيف أن يقول : بسم الله   } رواه  ابن ماجه  والترمذي  ، وقال ليس : إسناده بالقوي ثم يقول ( اللهم إني أعوذ بك ) أي ألجأ إليك من ( الخبث ) بإسكان الباء ، قاله أبو عبيدة  ونقل  القاضي عياض  أنه أكثر روايات الشيوخ وفسره بالشر ( والخبائث ) بالشياطين فكأنه استعاذ من الشر وأهله . 
وقال  الخطابي    : هو بضم الباء فهو جمع خبيث ، والخبائث جمع خبيثة ، فكأنه استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم وقيل : الخبث الكفر ، والخبائث الشياطين . 
ولم يزد في الغنية والمحرر والفروع على ما ذكره المصنف  ، لحديث  أنس  أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث   } متفق عليه . 
قال في الفروع روى  البخاري    { إذا أراد دخوله   } وفي رواية  لمسلم    { أعوذ بالله   } انتهى . 
وروى أبو أمامة  أن رسول الله قال { لا يعجز أحدكما إذا دخل مرفقه أن يقول : اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم   } رواه  ابن ماجه  واقتصر عليه في الوجيز . 
وجمع بين الخبرين في المستوعب والمقنع والبلغة والمنتهى ( ويكره دخوله ) أي الخلاء ( بما فيه ذكر الله بلا حاجة ) إلى ذلك ، لحديث  أنس  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا دخل الخلاء نزع خاتمه   } رواه الخمسة  [ ص: 59 ] إلا  أحمد  وصححه الترمذي  ، وقد صح أن نقش خاتمه محمد  رسول الله ; ولأن الخلاء موضع القاذورات ، فشرع تعظيم اسم الله وتنزيهه عنه فإن احتاج إلى دخوله به ، بأن لم يجد من يحفظه وخاف ضياعه فلا بأس . 
قال في المبدع : حيث أخفاه ( لا دراهم ونحوها ) كدنانير عليها اسم الله ( فلا بأس به ) أي بدخوله بها ( نصا ) قال في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم : أرجو أن لا يكون به بأس . 
وفي المستوعب : أن إزالة ذلك أفضل . 
( ومثلها ) أي الدراهم ( حرز ) فلا بأس بالدخول بها قياسا على الدراهم . 
قال صاحب النظم : وأولى ، وما ذكره المصنف  من استثناء الدراهم ونحوها تبع فيه الفروع وقد جزم بذلك جماعة . 
قال في تصحيح الفروع : ظاهر كلام كثير من الأصحاب أن حمل الدراهم ونحوها كغيرها في الكراهة ، ثم رأيت ابن رجب  ذكر في كتاب الخواتيم أن  أحمد  نص على كراهة ذلك في رواية إسحاق بن هانئ  ، وقال في الدراهم : إذا كان فيه اسم الله أو مكتوبا عليه { قل هو الله أحد    } يكره أن يدخل اسم الله الخلاء    ( لكن يجعل فص خاتم ) احتاج إلى دخول الخلاء به ( في باطن كفه اليمنى ) إذا كان مكتوبا عليه اسم الله ، لئلا يلاقي النجاسة أو يقابلها . 
قال في المبدع : ويتوجه إلى اسم الرسول كذلك ، وإنه لا يختص بالبنيان ( ويحرم ) دخول الخلاء ( بمصحف  إلا لحاجة ) . 
قال في الإنصاف : لا شك في تحريمه قطعا ، ولا يتوقف في هذا عاقل قلت  وبعض المصحف كالمصحف   ( ويستحب أن ينتعل ) عند دخوله الخلاء  لأنه صلى الله عليه وسلم { كان إذا دخل المرفق لبس حذاءه وغطى رأسه   } رواه ابن سعد  عن حبيب بن صالح  مرسلا ( و ) يستحب أيضا أن ( يقدم رجله اليسرى دخولا ) أي في دخول الخلاء ، . 
( و ) أن يقدم ( يمين ) رجليه ( خروجا ) منه لما روى  الحكيم الترمذي  عن  أبي هريرة  من بدأ برجله اليمنى قبل يساره إذا دخل الخلاء ابتلي بالفقر ولأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواه ، لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة ، وأحق بالتأخير عن الأذى ومحله . 
( و ) الذي يريد قضاء حاجته ( في غير البنيان )  أن ( يقدم يسراه ) أي يسرى رجليه ( إلى موضع جلوسه و ) يقدم ( يمناه عند منصرفه ) منه ( مع ) إتيانه ب ( ما تقدم ) عند دخوله الخلاء ، ; لأن  [ ص: 60 ] موضع قضاء حاجته في الصحراء في معنى الموضع المعد لذلك في البنيان ( ومثله ) أي مثل الخلاء في تقديم اليسرى دخولا واليمنى خروجا ( حمام ومغتسل ونحوهما ) من أماكن الأذى كالمزبلة والمجزرة ، وكذا خلع نعل ونحوه ( عكس مسجد ومنزل ونعل ) أي انتعال ( ونحوه ) كخف وسرموزة ( وقميص ونحوه ) كقباء ، فيدخل يده اليمنى قبل اليسرى في اللبس ، ويقدم اليسرى في الخلع . 
( ويسن أن يعتمد ) عند قضاء حاجته ( على رجله اليسرى وينصب ) رجله ( اليمنى )  بأن يضع أصابعها على الأرض ويرفع قدمها ، لحديث سراقة بن مالك  قال { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكئ على اليسرى ، وننصب اليمنى   } رواه  الطبراني   والبيهقي ،  ولأنه أسهل لخروج الخارج . 
( و ) يسن أن ( يغطي رأسه )  لحديث  عائشة    { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه   } رواه  البيهقي  من رواية  محمد بن يونس الكديمي ،  وكان يتهم بوضع الحديث ( ولا يرفعه إلى رأسه ) لأنه محل يحضره الشياطين فتعبث به ، فلذلك طلب منه أن يكون على أكمل الأحوال . 
( ويسن ) لمن أراد قضاء الحاجة ( في فضاء :  بعده ) لحديث  جابر  أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد   } رواه أبو داود    . 
( و ) يسن ( استتاره عن ناظر ) لخبر  أبي هريرة  مرفوعا { من أتى الغائط فليستتر ، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستتر به ، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم  ، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج   } رواه أبو داود    . 
وروى  عبد الله بن جعفر  قال { كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل   } رواه  مسلم  وفسر بأنه جماعة النخل لا واحد له من لفظه . 
( و ) يسن ( طلبه مكانا رخوا )  بتثليث الراء والكسر أشهر ، أي لينا هشا ( لبوله ) لخبر أبي موسى  قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فأراد أن يبول فأتى دمثا في أصل جدار فبال ، ثم قال { إذا بال أحدكم فليرتد لبوله   } رواه  أحمد  وأبو داود    . 
وفي التبصرة : ويقصد مكانا علوا ا هـ أي لينحدر عنه البول ( ولصق ذكره بصلب ) بضم الصاد أي شديد إن لم يجد مكانا رخوا ، لأنه يأمن بذلك من رشاش البول . 
( و ) يسن ( أن يعد أحجار الاستجمار قبل جلوسه ) لقضاء حاجته   [ ص: 61 ] لحديث { إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن ، فإنها تجزئ عنه   } رواه أبو داود    . 
  ( ويكره رفع ثوبه إن بال قاعدا قبل دنوه من الأرض بلا حاجة )  إلى ذلك ، لما روى أبو داود  من طريق رجل لم يسمه وقد سماه بعض الرواة :  القاسم بن محمد  عن  ابن عمر  أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض   } ; ولأن ذلك أستر له ، والمراد أنه يرفع ثوبه شيئا فشيئا ( فإذا قام أسبله عليه قبل انتصابه ) قال في المبدع : ولعله يجب إن كان ثم من ينظره . 
( و ) يكره حال قضاء الحاجة ( استقبال شمس وقمر )  بلا حائل ، لما فيهما من نور الله تعالى . 
وقد روي أن معهما ملائكة وأن أسماء الله تعالى مكتوبة عليها ( و ) يكره استقبال ( مهب ريح بلا حائل )  خشية أن يرد عليه البول فينجسه   ( ومس فرجه بيمينه في كل حال )  سواء حال البول وغيره لخبر  أبي قتادة  يرفعه { لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو ببوله ، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه   } متفق عليه . 
وغير حال البول مثله وأولى ، لأن وقت البول يحتاج فيه إلى مس الذكر ، فإذا نهى عن إمساكه باليمين وقت الحاجة فغيره أولى ، وخصه بعضهم بحال البول لظاهر الخبر . 
( وكذا ) يكره في كل حال ( مس فرج أبيح له مسه ) بيمينه ،  كفرج زوجته وأمته ومن دون سبع ، قياسا على فرجه تشريفا لليمنى . 
( و ) يكره أيضا ( استجماره ) بيمينه ( واستنجاؤه بها لغير ضرورة )  كما لو قطعت يساره أو شلت ( أو حاجة ) كجراحة بيساره ، لخبر  أبي قتادة  وتقدم ، وحديث سلمان  قال { نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا ، وأن نستنجي باليمين   } رواه  مسلم    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					