فصل في مسائل من أحكام الحمام وآداب دخوله  ، وأجود الحمامات : ما كان شاهقا عذب الماء معتدل الحرارة ، معتدل البيوت قديم البناء ( بناء الحمام وبيعه وشراؤه وإجارته ) مكروه لما فيه من كشف العورة والنظر إليها ودخول النساء إليه ( وكسبه وكسب البلان والمزين مكروه ) . 
قال في الرعاية : وحمامية النساء أشد كراهة ( قال ) الإمام (  أحمد  في الذي يبني حماما للنساء : ليس بعدل ) وقال في رواية  ابن الحكم  لا تجاز شهادة من بناه للنساء ، وحرمه  القاضي  وحمله الشيخ تقي الدين  على غير البلاد الباردة . 
( وللرجل دخوله إذا أمن وقوع محرم بأن يسلم من النظر إلى عورات الناس ) ومسها ( و ) يسلم من ( نظرهم إلى عورته ) ومسها . 
لما روي أن  ابن عباس  دخل حماما كان بالجحفة  وروي عنه صلى الله عليه وسلم أيضا ( فإن خافه ) أي : الوقوع في محرم بدخول الحمام ( كره ) دخوله ( وإن علمه ) أي : الوقوع في محرم ( حرم ) دخوله ، لحديث  أبي هريرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام   } رواه  أحمد    . 
وقال  أحمد  إن علمت أن كل من يدخل الحمام عليه إزار فادخله ، وإلا فلا تدخل ( وللمرأة دخوله ) أي : الحمام ( بالشرط المذكور ) بأن تسلم من النظر إلى عورات النساء ومسها ومن النظر إلى عورتها ومسها ( وبوجود عذر من حيض أو نفاس أو جنابة أو مرض أو حاجة إلى الغسل ) لما روى أبو داود  عن  ابن عمر  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات ،  [ ص: 159 ] فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء   } . 
وقوله ( ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها لخوفها من مرض أو نزوله ) قاله  القاضي   والموفق  والشارح  قال في الإنصاف : وظاهر كلام  أحمد  لا يعتبر ، وهو ظاهر كلامه في المستوعب والرعاية ( وإلا ) بأن لم يكن لها عذر مما تقدم ( حرم ) عليها دخوله ( نصا ) لما تقدم من الخبرين . 
واختار أبو الفرج بن الجوزي  والشيخ تقي الدين  أن المرأة إذا اعتادت الحمام وشق عليها ترك دخوله إلا لعذر أنه يجوز لها دخوله ( ولا ) يحرم عليها الاغتسال ( في حمام دارها ) حيث لم ير من عورتها ما يحرم النظر إليه لعدم دخوله فيما تقدم ، وكباقي دارها ( ويقدم رجله اليسرى في دخول الحمام والمغتسل ونحوهما ) ; لأنها لما خبث . 
قال في المبدع : وعن  سفيان  قال : كانوا يستحبون لمن دخله أن يقول : يا بر يا رحيم من وقنا عذاب السموم ( والأولى في الحمام أن يغسل قدميه وإبطيه بماء بارد عند دخوله ، ويلزم الحائط ) خوف السقوط ( ويقصد موضعا خاليا ) ; لأنه أبعد من أن يقع في محظور . 
( ولا يدخل البيت الحار حتى يعرق في البيت الأول ) ; لأنه أجود طبا ( ويقلل الالتفات ) ; لأنه محل الشياطين ، فتعبث به ، وربما كان سببا لرؤية عورة ( ولا يطيل المقام إلا بقدر الحاجة ) لأنه يأخذ من البدن ( ويغسل قدميه عند خروجه بماء بارد ، قال في المستوعب ) ( فإنه يذهب الصداع ، ولا يكره دخوله قرب الغروب ، ولا بين العشاءين ) لعدم النهي الخاص عنه . 
وقال ابن الجوزي  في منهاج القاصدين : يكره ; لأنه وقت انتشار الشياطين ( ويحرم أن يغتسل عريانا بين الناس ) في حمام أو غيره لحديث { احفظ عورتك   } إلى آخره . 
وعن  يعلى بن أمية  أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : { إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر   } رواه أبو داود    ( فإن ستره إنسان بثوب ) فلا بأس ( أو اغتسل عريانا خاليا ) عن الناس ( فلا بأس ) ; لأن موسى  عليه السلام اغتسل عريانا رواه  البخاري  وأيوب  عليه السلام اغتسل عريانا قاله في المغني ( والتستر أفضل ) . 
وقال في الإنصاف وغيره : يكره قال الشيخ تقي الدين    : عليه أكثر نصوصه قال في الآداب : يكره الاغتسال في المستحم ودخول الماء بلا مئزر لقول  الحسن   والحسين  وقد دخلا الماء وعليهما برد : إن للماء سكانا ( وتكره القراءة فيه ) أي : الحمام ( ولو خفض صوته ) ; لأنه محل التكشف ويفعل فيه  [ ص: 160 ] ما لا يحسن في غيره فاستحب صيانة القرآن عنه وحكى  ابن عقيل  الكراهة عن  علي   وابن عمر    ( وكذا ) يكره   ( السلام ) في الحمام  ، قال في الآداب : وكذلك لا يسلم ولا يرد على مسلم . 
وقال في الشرح : الأولى جوازه من غير كراهة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { أفشوا السلام بينكم   } ولأنه لم يرد فيه نص والأشياء على الإباحة و ( لا ) يكره   ( الذكر ) في الحمام  ، لما روى  النخعي  أن  أبا هريرة  دخل الحمام فقال : لا إله إلا الله ( وسطحه ونحوه ) من كل ما يتبعه في بيع وإجارة ( كبقيته ) لتناول الاسم له . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					