1157 - مسألة : 
ومن حلف أن لا يفعل أمرا كذا حينا أو دهرا أو زمانا أو مدة أو برهة أو وقتا ، أو ذكر كل ذلك بالألف واللام - أو قال مليا ، أو قال : عمرا ، أو العمر ، فبقي مقدار طرفة عين لم يفعله ، ثم فعله  ، فلا حنث عليه ، لأن كل جزء من الزمان زمان ، ودهر ، وحين ، ووقت ، وبرهة ، ومدة . 
وقد اختلف السلف في الحين - : فقالت طائفة : الحين سنة - : روينا من طريق  ابن وهب  عن  الليث بن سعد  كان  علي بن أبي طالب  يقول : أرى الحين سنة . 
وقد روي من طريق  عطاء بن السائب  عن  سعيد بن جبير  عن  ابن عباس    : الحين سنة . 
ومن طريق  شعبة  عن الحكم بن عتيبة  ،  وحماد بن أبي سليمان  ، قالا جميعا : الحين سنة - وعن عكرمة  مثله . 
وهو قول  مالك  ، قال : إلا أن ينوي غير ذلك فله ما نوى . 
وذهبت طائفة إلى ما رويناه من طريق  محمد بن المثنى  عن  محمد بن عبد الله الأنصاري  عن محمد بن علي بن الحسين  أنه سئل في رجل حلف على امرأته : أن لا تفعل فعلا ما إلى حين ؟ فقال : أي الأحيان أردت ؟ فإن الأحيان ثلاثة - : قال الله عز وجل : { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها    } . كل ستة أشهر . وقوله تعالى : { ليسجننه حتى حين    } فذلك ثلاثة عشر عاما .  [ ص: 320 ] وقوله تعالى : { ولتعلمن نبأه بعد حين    } فذلك إلى يوم القيامة . 
وذهبت طائفة إلى ما رويناه من طريق  إسماعيل بن إسحاق  عن  محمد بن عبيد   عن  محمد بن ثور  عن  معمر  قال  الحسن البصري    : { تؤتي أكلها كل حين    } ما بين ستة أشهر إلى تسعة أشهر ، وذهب طائفة إلى ما روينا من طريق  محمد بن المثنى  نا المغيرة بن سلمة بن هشام المخزومي  نا  وهيب بن خالد  نا ابن حرملة    : أن رجلا سأل  سعيد بن المسيب  عن يمينه أن لا تدخل امرأته على أهلها حينا ؟ فقال  سعيد    ; الحين ما بين أن تطلع النخل إلى أن ترطب { تؤتي أكلها كل حين    } 
وذهبت طائفة إلى ما روينا من طريق  إسماعيل بن إسحاق  عن  محمد بن عبيد   عن  محمد بن ثور  عن  معمر  عن  قتادة    : { تؤتي أكلها كل حين    } قال : تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف . 
وذهبت طائفة إلى ما روينا من طريق  يحيى بن سعيد القطان  عن  سفيان الثوري  حدثني طارق بن عبد الرحمن  عن  سعيد بن جبير  عن  ابن عباس  قال " الحين ستة أشهر " وهو قول  سعيد بن جبير  ، والشعبي    . 
وذهبت طائفة إلى ما روينا من طريق  محمد بن المثنى  نا  يزيد بن هارون  أنا  هشام هو ابن حسان -  عن عكرمة  أن  عمر بن عبد العزيز  سألهم عمن قال : لا أفعل أمرا كذا حينا ؟ فقال له عكرمة    : إن من الحين ما يدرك وما لا يدرك - : فالذي لا يدرك قوله عز وجل : { ومتعناهم إلى حين    } . والذي يدرك قوله تعالى : { تؤتي أكلها كل حين    } فأراه من حين تثمر إلى حين تصرم ستة أشهر . فأعجب ذلك  عمر بن عبد العزيز    - . 
وبه يقول  أبو حنيفة  ، والأوزاعي  ،  وأبو عبيد    . 
وقال  أبو حنيفة    : إلا أن ينوي مدة ما فله ما نوى . 
وذهبت طائفة إلى ما رويناه من طريق  محمد بن المثنى  نا  يزيد بن هارون  عن محمد بن مسلم الطائفي  عن  إبراهيم بن ميسرة  عن  سعيد بن المسيب  قال : الحين شهران ، النخلة تطلع السنة كلها إلا شهرين .  [ ص: 321 ] 
وذهبت طائفة إلى ما روينا من طريق  محمد بن المثنى  نا  أبو معاوية الضرير  نا  الأعمش  عن  أبي ظبيان  عن  ابن عباس  قال : الحين قد يكون غدوة وعشية - وهو قول  الشافعي  ،  وأبي سليمان    . 
وروينا من طريق  وكيع  عن أبي جعفر  عن  طاووس  قال : الزمان شهران . 
قال  أبو محمد    : المرجوع إليه عند التنازع كلام الله تعالى : وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فوجدناه تعالى قد قال : { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا    } فهذا مذ خلق الله عز وجل مبدأ العالم إلى خلق آدم  عليه السلام ، ونسم بنيه ، وإلى وقت نفخ الروح في كل واحد منا . 
وقال تعالى : { ولتعلمن نبأه بعد حين    } فهذا إلى يوم القيامة . 
وقال تعالى : { ومتعناهم إلى حين    } فهذا مدة عمر الإنسان إلى أن يموت . 
وقال تعالى : { ليسجننه حتى حين    } . 
وقال تعالى : { فلبث في السجن بضع سنين    } والبضع ما بين الثلاث إلى التسع . 
وقال الله تعالى : { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون    } فسمى الله تعالى المساء حينا ، والإصباح حينا ، والظهيرة حينا . 
فصح بذلك ما ذكرناه ، وبطل قول من حد حدا دون حد . 
ووجدنا احتجاجهم بالنخلة عليهم لا لهم ، لأننا نشاهدها يرطب منها ما كان زهوا ، ويزهى ما كان بسرا ، ويبسر منها ما كان بلحا ، ويبلح منها ما كان طلعا ، ففي كل ساعة تؤتي أكلها - وبالله تعالى التوفيق . 
 ولأبي حنيفة  هنا تخاليط عظيمة - : منها - أنه قال : من حلف أن لا يكلم فلانا زمانا ، أو الزمان ، أو حينا أو الحين ، أو مليا ، أو طويلا ، فهو كله ستة أشهر ، إلا أن ينوي مدة ما فله ما نوى - وروي عنه أيضا في قوله مليا : أنه شهر واحد .  [ ص: 322 ] 
فإن حلف لا يكلمه دهرا ؟ قال  أبو حنيفة    : لا أدري ما الدهر ؟ وقال  أبو يوسف  ،  ومحمد    : هو ستة أشهر . 
فإن قال : لا أكلمه الدهر ؟ قال  أبو يوسف    : هو على الأبد . 
وقال  محمد بن الحسن    : ستة أشهر . 
فإن حلف أن لا يكلمه إلى بعيد - فهو أكثر من شهر . 
قال  أبو يوسف  شهر ويوم : فإن حلف أن لا يكلمه إلى قريب ، فهو أقل من شهر . 
فإن حلف أن لا يكلمه عمرا فإن  أبا يوسف  قال : ستة أشهر - وروي عنه أنه واحد إلا أن ينوي مدة ما فله ما نوى . 
				
						
						
