1202 - مسألة : 
والقرض جائز في الجواري ، والعبيد ، والدواب ، والدور ، والأرضين  ، وغير ذلك لعموم قوله تعالى : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى    } فعم تعالى ولم يخص فلا يجوز التخصيص في ذلك بالرأي الفاسد بغير قرآن ، ولا سنة . 
وقولنا في هذا هو قول  المزني  ،  وأبي سليمان  ،  ومحمد بن جرير  ، وأصحابنا . 
ومنع من ذلك  أبو حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، في الجواري خاصة ، وما نعلم لهم حجة أصلا ، لا من قرآن ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ولا من قول صاحب ، ولا من إجماع ، ولا من قياس ، ولا من رأي سديد ، إلا أن بعضهم قال : لا يجوز ذلك ، لأنه يطؤها ، ثم يردها إليه فيكون فرجا معارا . 
قال  أبو محمد    : أما قولهم : يطؤها ثم يردها عليه ، فهم يوجبون هذا نفسه في التي يجد بها عيبا - فإن ادعوا إجماعا ؟ - قلنا : كذبتم ، قد صح عن  علي   وشريح    : المنع من الرد بالعيب بعد الوطء - ثم لو صح لهم أنه إجماع للزمهم لأنهم أصحاب قياس أن يقيسوا ما اختلف فيه على ما يزعمون أنه اتفق عليه فهذا أصلهم في القياس ، فأنى بدا لهم عنه ؟ ثم نقول لهم : فإذا وطئها ثم ردها فكان ماذا ؟ وطئها بحق بنص القرآن قال تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون    } 
ثم إن ردها ردها بحق ، لأنه أدى ما عليه فانتقلت من حق إلى حق . 
وأما قولهم : إنه فرج معار - : فكذب وباطل ، لأن العارية لا يزول عنها ملك المعير ، فحرام على غيره وطؤها ، لأنه ملك يمين غيره . 
وأما المستقرضة فهي ملك يمين المستقرض فهي له حلال ، وهو مخير بين أن يردها ، أو يمسكها أو يرد غيرها ، وليست العارية كذلك . 
وقالوا : هو بشيع شنيع ؟ قلنا : لا شنعة ، ولا بشاعة في الحلال ، وأنتم لا تستبشعون مثله من أن يكون إنسان يبيع جارية من غيره فيطؤها ، ثم يبتاعها الذي باعها فيستبرئها بحيضة ، ثم يطؤها ، ثم يبتاعها الذي باعها منه - وهكذا أبدا .  [ ص: 356 ] ومن أن يكون إنسان يتزوج امرأة فيطؤها ثم يطلقها ، فتعتد خمسة وأربعين يوما وهي مصدقة عنده ، ثم يتزوجها جاره فيطؤها ثم يطلقها ، فتعتد كذلك ، ثم يتزوجها الأول فيطؤها ثم يطلقها - وهكذا أبدا . 
فأي فرق بين هذا وبين ما منعوا منه من قرض الجواري ؟ 
إنما الشنيع البشيع الفظيع مما يقولونه : من أن رجالا تكون بينهم أمة يطؤها كل واحد منهم ، فلا يرون في ذلك حدا ويلحقون الولد بهذا الوطء الحرام الخبيث . 
ومن أن يطأ الوالد أم ولد ابنه فلا يرون عليه حدا ويلحقون الولد في هذا الوطء الفاحش ، لا سيما الحنفيين الذين يقولون : من عشق امرأة جاره فرشا شاهدين فشهدا له بأن زوجها طلقها ، وأنها اعتدت ، وأنها تزوجت هذا - وهي منكرة وزوجها منكر - والله تعالى يعلم أنهما كاذبان ، فقضى القاضي بذلك فإنه يطؤها حلالا طيبا - فهذه هي الشناعة المضاهية لخلاف الإسلام - وبالله تعالى التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					