1604 مسألة : وإن مات الشفيع قبل أن يقول : أنا آخذ شفعتي  فقد بطل حقه ولا حق لورثته في الأخذ بالشفعة أصلا ; لأن الله تعالى إنما جعل الحق له لا لغيره ، والخيار لا يورث ، وهذا قول  محمد بن سيرين    . 
وروينا من طريق  عبد الرزاق  عن فضيل  عن محمد بن سالم  عن الشعبي  قال : سمعنا أن الشفعة لا تباع ولا توهب ولا تورث ولا تعار ، هي لصاحبها الذي وقعت له . 
قال  عبد الرزاق    : وهو قول  سفيان الثوري  
وهو قول  أبي حنيفة  ،  وسفيان بن عيينة  ،  والحسن بن حي  ،  وأحمد  ، وإسحاق  ،  وأبي سليمان  ، وأصحابهم . 
وقال  مالك  ،  والشافعي    : الشفعة لورثته . 
واحتجوا بأن قالوا : تورث الشفعة كما يورث العفو في الدم أو القصاص ما نعلم لهم شيئا أوهموا به غير هذا ، وهذا باطل ; لأنها دعوى بلا برهان ثم هو احتجاج للخطأ بالخطأ . 
وقولهم : إن العفو والقصاص يورثان ، خطأ ، بل هما لمن جعلهما الله تعالى له من ذكور الأولياء فقط ، وإنما أوجب الله تعالى الميراث في الأموال ، لا فيما ليس مالا ، ولو ورث الخيار لوجب أن يورث عندهم فيمن جعل أمر امرأته بيد إنسان بعينه وخيره في طلاقها أو إبقائها ، فمات ذلك الإنسان ، فكان يجب على قولهم أن يرث ورثته ما جعل له من الخيار ، وهم لا يقولون هذا . 
ونسألهم أيضا : لمن يأخذون الورثة بالشفعة ، أللميت أم لأنفسهم ؟ فإن قالوا : للميت ؟ قلنا : هذا باطل ; لأن الميت لا يملك شيئا . 
وإن قالوا : لأنفسهم ؟ قلنا : هذا باطل ; لأن شركتهم إنما حدثت بعد البيع فلا توجد شفعة ، ولم يكونوا حين البيع شركاء ، فلم تجب لهم شفعة . 
وهذا مما تناقض فيه المالكيون ، وخالفوا جمهور العلماء ; لأنهم يقولون : إن  [ ص: 25 ] أحد الأولياء الذي لهم العفو أو القصاص إن مات وترك زوجة وبنات لم يرثن الخيار الذي له . 
وهذا مما تناقض فيه الحنفيون ; لأنهم يورثون العفو والقصاص ولا يورثون الخيار هاهنا ، فأما إذا بلغ الشريك أمر البيع فقال : أنا آخذ بالشفعة ثم مات  فقد صحت له ، وهي موروثة عنه حينئذ ، ولورثته الطلب ; لأنها حينئذ مال قد تم له . 
ولا معنى للطلب عند القاضي ، ولا لحكم القاضي ; لأن الله تعالى لم يوجب ذلك قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما جعل القاضي ليجبر الممتنع من الحق فقط ولا مزيد ، ولو تعاطى الناس الحقوق بينهم ما احتيج إلى قاض وبالله تعالى التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					