1771 - مسألة : ومن أوصى بعتق مملوك له أو مماليك ، وعليه دين لله تعالى أو للناس  ، فإن كان ذلك الدين محيطا بماله كله : بطل كل ما أوصى به من العتق جملة ، وبيعوا في الدين . 
برهان ذلك - : قول الله تعالى في المواريث : { من بعد وصية يوصي بها أو دين    } وحكم الله تعالى على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام أن الوصية لا تجوز في أكثر من الثلث فيما يخلفه الموصي ، وأن للورثة الثلثين ، أو ما فضل عن الوصية إن كانت أقل من الثلث . 
فصح ضرورة : أن الوصية لا تكون إلا بعد أداء الدين واجبا للغرماء - فصح أن من أحاط الدين بجميع ما ترك ، فإنه لم يتخلف ما لا يوصي فيه ، وأن ما تخلفه انتقل إلى ملك الغرماء إثر موته بلا فصل ، وليس لأحد أن يوصي في مال غيره : فبطلت الوصية لذلك . 
وهذا قول  مالك  ،  والشافعي  ،  وأبي سليمان  ، وأصحابهم . 
وقال  أبو حنيفة    : يسعى في قيمته للغرماء ويعتق - وهذا باطل لما ذكرنا .  [ ص: 401 ] وموهوا في الاحتجاج بخبر ليس فيه للوصية ذكر ، وإنما فيه " { أن رجلا أعتق عند موته عبدا وعليه دين وليس له مال غيره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسعى في قيمته   } وهذا خبر لو صح لم يكن لهم فيه حجة أصلا ; لأنه ليس فيه : حكم الوصية ، إنما فيه حكم من أعتق في حياته عند موته . 
فإن قالوا : الأمر سواء في كلا الأمرين ؟ قلنا : هذا باطل لأنه قياس والقياس كله باطل ، ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل ; لأن بين الوصية وبين فعل الحي علة تجمع بينهما - على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى - فكيف وهو خبر مكذوب لا يصح - : روينا من طريق  سعيد بن منصور  نا  هشيم  أنا  حجاج - هو ابن أرطاة    - عن العلاء بن بدر  عن أبي يحيى المكي    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهذا فيه أربع فضائح - : إحداها يكفي - : 
أولها : أنه مرسل ، ولا حجة في مرسل . 
وثانيها : أنه عن  الحجاج بن أرطاة  وهو مطرح . 
وثالثها : عن العلاء بن بدر  وهو هالك متروك . 
ورابعها : أنه عن أبي يحيى المكي  وهو مجهول . 
ولا يحل الأخذ في دين الله تعالى بما هذه صفته . 
قال  أبو محمد    : فلو أوصى بعتق مملوك له أو مماليك - وعليه دين لا يحيط بما ترك - وكان يفضل من المملوك فضلة عن الدين    - وإن قلت - أعتق من أوصى بعتقه ، ويسعى للغرماء في دينهم ، ثم عتق منه ثلث ما بقي بلا استسعاء واستسعى للورثة في حقهم . 
برهان ذلك - : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذ عتق من أعتق شركا له في مملوك ، وأن يستسعي المملوك المعتق لشريك معتقه ، وهذا الموصى بعتقه للموصي فيه حق - وقد شركه الغرماء والورثة - فيعتق ويسعى .  [ ص: 402 ] فإن كانوا أكثر من واحد أقرع بينهم ، فمن خرج للدين رق ، ومن خرج للوصية عتق ، ورق الباقون ، إلا أن يشرع بينهم للعتق في مملوك فيعتق ما بقي منه بالاستسعاء لما ذكرنا في المسألة التي قبل هذه . 
وبالله تعالى التوفيق . 
تم " كتاب الوصايا " والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله 
				
						
						
