1870 - مسألة : ومن كان عنده أربع زوجات فطلق إحداهن ثلاثا - وهي حامل منه أو غير حامل ، وقد وطئها    - إذ كانت في عصمته - أو انفسخ نكاحها منه - فله أن يتزوج إثر طلاقه لها رابعة ، أو أختها ، أو عمتها ، أو خالتها ، أو بنت أخيها ، أو بنت أختها ، ويدخل بها . 
فأما في الطلاق الرجعي فلا يحل له ذلك ما دامت في عدتها . 
وقولنا في هذا هو قول روي عن  عثمان بن عفان  ،  وزيد بن ثابت    . 
وصح عن الحسن  ،  وسعيد بن المسيب  ،  وخلاس بن عمرو  ،  وعروة بن الزبير  ، - والقاسم بن محمد  ،  وعطاء  ، والزهري  ،  ويزيد بن عبد الله بن قسيط  ، وعبد الله بن أبي سلمة  ،  وربيعة  ،  وابن أبي ليلى  ،  وعثمان البتي   والليث بن سعد  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، وأصحابهما ،  وأبي ثور  ،  وأبي عبيد  ،  وأبي سليمان  ، وأصحابه - وهو الأشهر من قول الأوزاعي    - ولم يجز ذلك جماعة من السلف . 
وروي عن  علي بن أبي طالب  ، وصح عن  ابن عباس  ، وعن  سعيد بن المسيب  أيضا ، وأحد قولي أبي عبيدة بن نضيلة  ،  وعبيدة السلماني  ، وصح عن الشعبي  ،  والنخعي  ، وغيرهم . 
وهو قول  أبي حنيفة  ، وأصحابه ،  وسفيان الثوري  ،  والحسن بن حي  ،  وأحمد بن حنبل  ، وأحد قولي الأوزاعي    - وصح عن الحسن  إباحة ذلك ، إلا أن تكون التي طلق حبلى . 
قال  أبو محمد    : ما نعلم لمن منع من ذلك حجة إلا أنهم موهوا بقول الله عز وجل : { وأن تجمعوا بين الأختين    } قالوا : وهذا جامع بينهما في لحاق حملهما به ، وفي وجوب نفقتهما ، وإسكانهما عليه . 
 [ ص: 160 ] وقالوا : لا يجوز أن يجتمع ماؤه في خمس نسوة ، ولا في أختين ، ما نعلم لهم غير هذا ؟ قال  علي    : أما قولهم : إنهما يجتمعان في نفقته عليهما ، وإسكانه لهما ، فلسنا نساعدهم على ذلك ، هم لو كان كما قالوا ما ضر ذلك شيئا ، لأن الله تعالى لم يمنع من الجمع بينهما في شيء إلا في استحلال الوطء فقط . 
ولا فرق بين اجتماعهما في لحاق حملهما به ، وبين اجتماعهما في لحاق ابنيهما به . 
وأما اجتماع مائه في خمس نسوة ، أو في ثمان ، أو في أختين ، فلا نعلم نصا من قرآن ، ولا سنة : منعا من ذلك ، إنما منع الله تعالى من نكاح أكثر من أربع نسوة ، ومن الجمع بين الأختين في عقد نكاح ، أو استحلال وطء فقط ، وقد فصل الله تعالى لنا ما حرم علينا من النساء ثم قال : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم    } . 
ومن طريف تناقض الحنفيين ههنا : أن  أبا حنيفة  قال : من أعتق أم ولد لم يحل له أن يتزوج أختها ، ولا عمتها ، ولا خالتها ، ولا بنت أخيها ، ولا بنت أختها ، حتى تتم المعتقة عدتها ثلاث حيض . 
قال : وله أن يتزوج أربعا قبل انقضاء عدتها ، فأجاز أن يجتمع ماؤه في أربع زوجات وخامسة معتدة منه - ومنع من كل ذلك  زفر    . 
				
						
						
