695 - مسألة : ومن عليه دين - كما ذكرنا وعنده مال تجب في مثله الزكاة سواء كان أكثر من الدين الذي عليه أو مثله أو أقل منه ، من جنسه كان أو من غير جنسه - : فإنه يزكي ما عنده ، ولا يسقط من أجل الدين الذي عليه شيء من زكاة ما بيده - : وهو قول  الشافعي   وأبي سليمان  وغيرهما . وقال  مالك    : يجعل الدين في العروض التي عنده التي لا زكاة فيها ، ويزكي ما عنده فإن لم يكن عنده عروض جعل دينه فيما بيده مما فيه الزكاة ، وأسقط بذلك الزكاة ، فإن فضل عن دينه شيء يجب في مقداره الزكاة زكاه وإلا فلا ، وإنما هذا عنده في الذهب والفضة فقط . 
وأما المواشي والزرع والثمار فلا ; ولكن يزكي كل ذلك ، سواء كان عليه دين مثل ما معه من ذلك أو أكثر أو أقل ؟ وقال آخرون : يسقط الدين زكاة العين والمواشي ، ولا يسقط زكاة الزرع والثمار . 
وقال  أبو يوسف  ،  ومحمد    : يجعل ما عليه من الدين في مال تجب فيه الزكاة ، سواء في ذلك الذهب ، والفضة ، والمواشي ، والحرث ، والثمار ، وعروض التجارة ،  [ ص: 220 ] ويسقط به زكاة كل ذلك . ولا يجعل دينه في عروض القنية ما دام عنده مال تجب فيه الزكاة ، أو ما دام عنده عروض للتجارة ; وهو قول  الليث بن سعد   وسفيان  الثوري . وقال  زفر    : لا يجعل دين الزرع إلا في الزرع ، ولا يجعل دين الماشية إلا في الماشية ، ولا يجعل دين العين إلا في العين ، فيسقط بذلك ما عنده مما عليه دين مثله ، ومن طريق  ابن جريج    : قلت  لعطاء    : حرث لرجل دينه أكثر من ماله ، أيؤدي حقه ؟ قال : ما نرى على رجل دينه أكثر من ماله صدقة ، لا في ماشية ولا في أصل ، قال  ابن جريج    : سمعت  أبا الزبير  ، سمعت  طاوسا  يقول ليس عليه صدقة . 
قال  أبو محمد    : إسقاط الدين زكاة ما بيد المدين  لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ; بل قد جاءت السنن الصحاح بإيجاب الزكاة في المواشي ، والحب ، والتمر ، والذهب ، والفضة ، بغير تخصيص من عليه دين ممن لا دين عليه ، وأما من طريق النظر فإن ما بيده له أن يصدقه ويبتاع منه جارية يطؤها ويأكل منه وينفق منه ; ولو لم يكفي له لم يحل له التصرف فيه بشيء من هذا ; فإذا هو له ولم يخرجه عن ملكه ويده ما عليه من الدين فزكاة ماله عليه بلا شك . 
وأما تقسيم  مالك    : ففي غاية التناقض ، وما نعلمه عن أحد قبله ; وكذلك قول أصحاب  أبي حنيفة  أيضا - وبالله التوفيق . والمالكيون : ينكرون على  أبي حنيفة  هذا بعينه في إيجابه للزكاة في زرع اليتيم وثماره دون ماشيته وذهبه وفضته ، فإن احتجوا بأن قبض زكاة المواشي والزرع إلى المصدق .  [ ص: 221 ] قيل : فكان ماذا ؟ وكذلك أيضا قبض زكاة العين إلى السلطان إذا طلبها ولا فرق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					