835 - مسألة : 
فإذا جاء القارن إلى مكة  عمل في الطواف والسعي بين الصفا  والمروة   كما قلنا في العمرة إلا أنه يستحب له أن يرمل في الثلاث ، وليس ذلك فرضا في الحج ثم إذا أتم ذلك أقام محرما [ كما هو ] إلى يوم منى    - وهو الثامن من ذي الحجة - فإذا كان اليوم المذكور أحرم بالحج من كان متمتعا ثم نهض القارن ، والمتمتع إلى منى  فيبقيان بها نهارهما وليلتهما فإذا كان من الغد - وهو اليوم التاسع من ذي الحجة - نهضوا كلهم إلى عرفة  فيصلي هنالك الإمام والناس الظهر بعد أن يخطب الناس ثم يؤذن المؤذن ، ويقيم ويصلي الظهر بالناس ، فإذا سلم من الظهر أقيمت الصلاة إقامة بلا أذان وصلى بهم العصر إثر سلامه من الظهر بعد زوال الشمس لا ينتظر وقت العصر كما في سائر الأيام ، ثم يقف الناس للدعاء فإذا غابت الشمس نهضوا كلهم إلى مزدلفة    . 
ولو نهض إنسان إلى مزدلفة  قبل غروب الشمس  فلا حرج في ذلك ، ولا شيء عليه - لا دم ولا غيره وحجه تام . 
فإذا أتوا مزدلفة  أذن المؤذن لصلاة المغرب ، ثم أقام وصلى الإمام بالناس صلاة المغرب ولا يجزئ أحدا أن يصليها تلك الليلة قبل مزدلفة  ولا قبل مغيب الشفق ، فإذا - سلم أقيم لصلاة العتمة إقامة بلا أذان فيصليها بالناس ، وهي ليلة عيد الأضحى ويبيت الناس هنالك ، فإذا انصدع الفجر أذن المؤذن وأقيمت الصلاة فصلى بهم الصبح . 
 [ ص: 112 ] ومن لم يقف بعرفة  من بعد زوال الشمس من يوم عرفة  إلى مقدار ما يدفع منها  ويدرك بمزدلفة  صلاة الصبح مع الإمام - فقد بطل حجه إن كان رجلا ، ومن لم يدرك مع الإمام بمزدلفة  صلاة الصبح  فقد بطل حجه إن كان رجلا . 
وأما النساء فإن وقفن بعرفة  إلى قبل طلوع الفجر من يوم النحر أو دفعن من عرفة  بعد ذكرهن الله - تعالى - فيها  أجزأهن الحج ; ومن لم يقف منهن بعرفة  لا يوم عرفة  ولا ليلة يوم النحر حتى طلع الفجر ، فقد بطل حجها ، ومن لم تقف منهن بمزدلفة  بعد وقوفها بعرفة  وتذكر الله - تعالى - فيها حتى طلعت الشمس من يوم النحر ، فقد بطل حجها . 
فإذا صلى الإمام كما ذكرنا بمزدلفة  صلاة الصبح بالناس وقفوا للدعاء ، فإذا أسفر قبل طلوع الشمس دفعوا كلهم إلى منى  ، فإذا أتوا منى  أحببنا لهم التطيب بعد أن يرموا جمرة العقبة  بسبع حصيات يكبرون مع كل حصاة ، ولا يقطعون التلبية مذ يهلون بالحج من المسجد ، أو بالقران من الميقات  إلا مع تمام رمي السبع حصيات ، فإذا رموها كما ذكرنا فقد تم إحرامهم ويحلقون أو يقصرون ، والحلق أفضل للرجال . 
وينحرون الهدي إن كان معهم ، ثم قد حل لهم كل ما كان من اللباس حراما على المحرم ، وحل لهم التصيد في الحل ، والتطيب حاشا الوطء فقط . 
فإن نهضوا من يومهم إلى مكة  فطافوا بالبيت  سبعا لا خبب في شيء منها ثم سعى بين الصفا  والمروة  سبعا - إن كان متمتعا ، أو إن كان لم يسع بينهما أول دخوله إن كان قارنا - فقد تم الحج كله ، أو القران كله وحل لهم الوطء . 
ويرجعون إلى منى  فيقيمون بها ثلاثة أيام بعد يوم النحر يرمون كل يوم بعد زوال الشمس الجمرات الثلاث بسبع حصيات ، سبع حصيات ، سبع حصيات : يبدأ بالقصوى ، ثم بالتي تليها ، ثم جمرة العقبة  التي رمى يوم النحر يقف عند الأوليين للدعاء ، ولا يقف عند جمرة العقبة    ; فإذا تم ذلك ، فقد تم جميع [ عمل ] الحاج . 
ويأكل القارن ولا بد من الهدي الذي ساق مع نفسه ويتصدق منه  ولا بد . 
فأما المتمتع فإن كان من غير أهل مكة  والحرم  ، ولم يكن أهله معه قاطنين هنالك    : ففرض عليه أن يهدي هديا ، ولا بد - : إما رأس من الإبل ، أو من البقر ، وإما شاة ، وإما نصيب مشترك في رأس من الإبل ، أو في رأس من البقر بين عشرة أنفس فأقل - لا نبالي  [ ص: 113 ] متمتعين كانوا أو غير متمتعين ، وسواء أراد بعضهم حصته للأكل ، أو للبيع ، أو لله دي ، ولا يجزئه أن يهديه إلا بعد أن يحرم بالحج ويذبحه بمكة  أو بمنى  ولا بد ، أو متى شاء بعد ذلك . 
فإن لم يقدر على هدي  ففرضه أن يصوم ثلاثة أيام ما بين أن يحرم بالحج إلى أول يوم من النحر ، فإن فاته ذلك فليؤخر طواف الإفاضة - وهو الطواف الذي ذكرنا يوم النحر - إلى أن تنقضي أيام التشريق ، ثم يصوم الثلاثة الأيام ; ثم يطوف بعد تمام صيامهن طواف الإفاضة ; ثم يصوم سبعة أيام إذا رجع من عمل الحج كله ولم يبق منه شيء ; فإن كان أهله بمكة  لم يلزمه إن كان متمتعا هدي ، ولا صيام ، وهو محسن في كل ذلك . 
				
						
						
