قال : ( رجل وهب لرجل دينارا له على رجل ، وأمره بقبضه    : جاز ذلك - استحسانا - ) ، وفي القياس : لا يجوز ، وهو قول  زفر    ; لأن الدين ليس بمال ، حتى أن من حلف ولا مال له ، وله دين على إنسان : لا يحنث في يمينه . والهبة عقد مشروع لتمليك المال فإذا أضيف إلى ما ليس بمال لا يصح باعتبار مآله كما لو ، وهب مسلم خمرا من مسلم  لا يصح باعتبار مآله ، وهو التحلل ، والدليل عليه : أن بيع الدين من غير من عليه الدين  لا يجوز ; لأنه عقد مشروع لتمليك المال ، فالهبة مثله أو أولى ; لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض ، وقبض ما في ذمة الغير لا يتصور ، ولا وجه لتصحيحه إذا قبضه ; لأن تمام عقد الهبة بقبض ما أضيف إليه العقد إلى الدين ، والمقبوض عين ، والعين غير الدين 
ووجه الاستحسان أنه أنابه في القبض مناب نفسه فيجعل قبض الموهوب له كقبض الواهب ، ولو قبضه بنفسه ثم وهبه ، وسلمه : جاز وكذلك إذا أمر أن يقبضه له ثم لنفسه ; وهذا لأن في باب الهبة : المعتبر وقت القبض ، فإن الملك عنده يثبت ، دليل ما بينا من فصل الشيوع ، وعند القبض هو مال قابل للتمليك كسائر الأسباب فكذلك بالهبة والمقبوض ، وإن كان غير الدين حقيقة جعل في الحكم كأنه هو بدليل جواز القبض في الصرف والسلم مع حرمة الاستبدال فيهما ، وليس البيع نظير الهبة ، فإنه يوجب الملك بنفسه قبل القبض فكان المعتبر فيه وقت العقد فإذا لم يكن عين مال لم يجز بيعه مع أن الدين في الذمة يقبل التمليك بالعقد  ، فإنه لو باعه ممن عليه الدين بعوض : جاز ولو ، وهبه منه : جاز فعرفنا أنه مال قابل للتمليك حكما ، ولهذا تجب الزكاة فيه قبل القبض ، والشرط في عقد التمليك أن يضاف إلى محل قابل له ، وقد وجدتم لزومه قبل القبض ، وعند القبض بحكم الهبة هو عين فيتم العقد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					