الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وحكى ابن عبد البر قولا بركنية طواف القدوم ، وليس بمعروف ، وليس النزول بمزدلفة ركنا خلافا لبعض التابعين ، وهو وجه ضعيف لبعض الشافعية ، وكذلك الحلق ليس بركن عندنا خلافا للشافعية ، وقال الشافعية في الأصح عندهم أن الحلاق ركن وعند المالكية والحنفية والحنابلة وأحد الأقوال عند الشافعية أنه ليس بركن وعد القاضي عياض في قواعده من الأركان النية ، قال شارحه : جمع المؤلف بين عد النية في الحج فريضة وعد الإحرام فريضة أخرى وما رأيته لغيره ، فإن منهم من يعد النية ، ومنهم من يعد الإحرام ، والإحرام يشتمل على التجرد والغسل والركوع والنية وليس في الجميع ما هو فرض غير النية خاصة فلذلك اكتفى غيره بعد أحدهما عن الآخر ، وهو البين انتهى .

                                                                                                                            وقد عد ابن الفرس في أحكام القرآن الإحرام من الفروض المتفق عليها ، والنية من الفروض المختلف فيها ، وأن مذهب الجمهور فرضيتها ، وذهب بعض الناس إلى أنها ليست بفرض قال : ذكره ابن حزم وسيأتي تحقيق ذلك .

                                                                                                                            ذهب ابن حبيب إلى أن التلبية شرط في انعقاد الإحرام فتكون كالنية قال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة : وينوي ما أراد من حج أو عمرة يعني مع التلبية ; لأنها عند ابن حبيب بمثابة تكبيرة الإحرام ، والغسل بمنزلة الإقامة ، والركوع كرفع [ ص: 10 ] اليدين في الصلاة وعد القاضي عياض في الفروض دخول وقت الحج ، وهذا يرجع إلى الوقوف فيشترط فيه أن يكون ليلة العاشر من ذي الحجة وزاد التادلي تقديم الطواف على السعي ذكره في الباب الثامن ، وهذا راجع إلى السعي فيشترط فيه تقدم طواف عليه كما سيأتي ، والله أعلم .

                                                                                                                            فتحصل من هذا أن الواجبات المستقلة تسعة ثلاثة مجمع عليها ، وهي الإحرام والوقوف والطواف وثلاثة مختلف فيها في المذهب وخارجه ، وهي السعي والمشهور أنه ركن ، والوقوف بالمشعر ، ورمي جمرة العقبة ، والمشهور : أنهما ليسا بركنين بل الأول : مستحب ، والثاني : سنة أو الأول سنة والثاني واجب يجبر بالدم على الخلاف الآتي وواحد مختلف فيه في المذهب فقط ، وهو طواف القدوم والمعروف من المذهب أنه واجب يجبر بدم ، والثاني : مختلف فيهما خارج المذهب فقط ، وهما النزول بمزدلفة والحلاق والمذهب : أنهما ليسا بركنين بل سنتان أو واجبتان يجبران بالدم على الخلاف أيضا ، ولكن ينبغي للإنسان أيضا إذا أتى بهذه الأشياء أن ينوي بها الركنية ليخرج من الخلاف وليكثر الثواب ; إذ ثواب الواجب أكثر من ثواب السنة أشار إلى ذلك الشبيبي في شرح الرسالة فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية